الحديث عن السياحة في السودان قد يعتبره البعض نوع من الترف أو عدم الموضوع . لكن في حقيقة الأمر أن من رأى ليس كمن سمع وأخذ المعلومة من شاهدٍِ (شاف كل حاجة) افضل من شاهد (ماشافش حاجة) ونشر التثبيط والإحباط.
تعتبر السياحة مورد إقتصادي مهم لكثير من دول العالم ويأتي الإهتمام بها والتشجيع عليها من أعلى مستويات السلطة في كثير من الدول، فهي تعكس الحالة الإقتصادية، الأمنية والإجتماعية للدولة وهنالك منظمات دولية تهتم بمثل هذه المواضيع.
يأتي السودان دائماً في مؤخرة التصنيفات في كل المجالات وليست السياحة فقط.
حبانا الله بقطرٍ جميل متعدد المناخات ،الإثنيات ،الثقافات ،الأعراق والعادات. لدينا نهرالنيل، الذي يجري من الجنوب للشمال ،الإهرامات والمعابد التي تحكي عن ماض تليد وحضارات باذخة فرضت سطوتها على كامل المنطقة والإقليم لدينا رمال بيضاء وجبال وغابات تضم في جنبيها حياةً برية ساحرة.
الغرب وسلسلة جبال مرة المتعددة المناخات والخيرات والثمار َوشلالاتها المبهرة (قول وقلول ونيرتتي َوبحيرة الفيل) ولو (شفت مرة جبل مره يعاودك حنين طول السنين) كما غناها الفنان خليل إسماعيل ورائعة أبو عركي جبل مرة. وهذا غيض من فيض طبيعة دارفور الساحرة. أما الشرق فتكفيه جبال توتيل والتاكا ونهر القاش وأركويت والبحرالأحمر دون تفصيل. والوسط بخضرته وتراثه الديني الباهر ومحمية الدندر المصنفه عالمياً بطيورها وحيواناتها النادرة. أما كردفان فهذه قصة وحكاية. ليمون بارا أم ماء أم روابه وشيكان النصر في الأبيض عروس الرمال وترعة الرهد ابودكنه (مسكين الما سكنها). والدلنج جبل النار عروس الخريف وطعم الأقاشي الذي لاينسى. أما عروس الجبال ال(99)كادقلي التي قال فيها الإنجليز مالم يقله مالك في الخمر. (جمال وخدار). فرقان المراحيل (تجمع لقبائل البقارة وأم بررو) في فصل الخريف. (لبن وروب وسمن) يفوق ماتنتجه هولندا لكنه مهدر. وفي شرق كردفان مدينة رشاد التي ترتفع عن مستوى سطح البحر 3000 قدم وقال عنها المرحوم الأستاذ احمد سليمان المحامي أنها تذكره بسويسرا وسماها سويسرا السودانية. مناخها ومناظرها في الخريف تشدك اليها، لاتكفيها الصفحات والكتب وهي التي إختارها الحاكم العام الإنجليزي عاصمةً له في الخريف لعليل هواها وعبق نسيمها.. وجنوباً من رشاد بطريق الجبال الشرقية والمقرح تلتقيك الخيران وأشهرها العواي العاتي حتى تصل مدينة أبوجبيهه أرض المانجو والقشطة والمحاصيل النقدية وأكبر زريبة لتجارة المواشي في عموم السودان. ومنها الى كلوقي وقدير التي آوت الإمام المهدي عليه السلام. وكاودا الحصينة بجبالها وتلودي الخير أرض الأمير جم جم قاهر المستعمر. ثم مسك الختام دار المجاهد الشيخ الأمير كوكو كوبانقو ناصر الإسلام في الليري. المدينة التي يقسمها جبل الليري إلى قسمين الليري شرق، الليري غرب وفوق هذا الجبل قرية الفوفة وجبل الجن وأساطيره التي يرويها القرويون.. وديانها وثمارها وسعفها وبروشها وذهبها وطيبة أهلها.هذه جولة سريعة في ربوع سوداننا العزيز. كل هذا الجمال يحتاج منا للإهتمام حيث تنعدم النزل السياحية والفنادق الراقيه التي إن وجدت فلن تجد فيها موطئ قدم من إزدحامها بالسياح الأجانب والمواطنين. فقط قليل من الإهتمام من الدولة والقطاع الخاص.