الرفيع الشفيع بشير يكتب:عن حب يونس وبحيتة

الخرطوم:مرايابرس

(إستراحة على تباريح الهوى والحب البريء)

الشعب السوداني في عمومه، جادٌ في طبعه، وملتزم بالذوق العام إلى حدٍّ كبير، ويتهيب خوادش الحياء، وهو شعب حيي الى أبعد الحدود، وتمثل بعض التعابير عليه عبئا كبيرا، خصوصا في التعبير عن حبه وميوله وأشواقه بين المرأة والرجل، في حين أنه الأعلى صوتا بين الشعوب في التعبير عن مآسيه وأتراحه، وحتى المظاهر العامة لأفراحه، فهو يعبرّ عن أفراحه بوجدانه الأفريقي الوقاد الذي يميل للتعبير عن الفرح بصورة متحررة كثيرا، في بعض الأحيان، وهو شعب يملك وجدانا زاخرا بالميل نحو الفن والموسيقى والطرب من موروثه الأفريقي، وله ذوقه وذائقته الخاصة في تبادل زخات الفرح ، وهو يعبر عن حبه للآخر بصور متعددة، دون التعبير الجهير بذلك.

عبّر الغناء السوداني الرجولي، بصورة دلالية عن طريق التورية في التعبير عن الحب من خلال منظومة أغاني الحقيبة، التي تتزين بثوب الحياء وتعبر عن الشقف والحب بصورة تورية بليغة جدا، كما عبّرت نساءه عن طريق أغاني البنات والسباتة عن أعماق اخرى للتعبير عن العشق والحب بصورة تراثية أخاذّة جدا ، عبرت عن التنوع الثقافي الحقيقي عن الوجدان الجمعي للسودان.

نادرا ما يجود الزمان بالصورة البريئة، الشفافة، التي عبر بها يونس زوج بخيتة( الآن)، عن حبه لبخيته وجهر بخيتة عن حبها ليونس، مدفوعان بنعمة البراءة التي وهبها الله لهذا الصنف من البشر، خلق الله نفوسهم موطأة بهذه الصفة التي تشبه براءة أفئدة الطير ، بما عبر عنه نبينا عليه الصلاة والسلام (يدخل الجنةَ أقوامٌ أفئدتهم مثل أفئدة الطير).

ولأن يونس كان صادقا وبريئا مثل محبوبته، فقد أعطيانا مثالا للبراءة، ولقطة من اللقطات الحميمة الطيبة التي قلّ أن يجود بها الزمان للتعبير والبوح عن مكنون البشر، تعبيرا مباحا، يدخل السرور على كل النفوس السودانية التي لم تستطع أن تعبر ببراءة عن وجدانها.

وعلى أن السِعدِ يُعدي، فقد كانت ليلة يونس وبخيتة في التعبير جهرة عن جدانهما، كانت ليلة وساعة أعْدَت من حولهما من الحاضرين والمشاهدين، وما من أحدٍ إلا وتمنى أن يمتلك وجدانا بريئا خاليا من دنس الحياة ومن عثراتها ومحاصها، ومبرءاً عن ثقيل الهموم، وبريئا بفضل ربه، مثل وجدان يونس، إلا تمنى أن تكون له زوجة بريئة كالطفل الغرير، فارغة الدواخل من الشحن السالب، وطليقة المحيا مثل بخيتة، وما من أحد إلا وتمنى أن يمتلك هذه الجرأة في الشفافية، ليعبر عن فرحته وسعادته بالزوجة والزواج، في عالم يعشق المؤاخذة واللوم والنقد، عالم يسامح الناس في زلاتّها ، ويتجاوز عنها في تعبيرها عن حبها ، طالما أن التأدب بأدب رسول الله صلى الله عليه وسلم، موفور، وطالما أن التعبير في دنيا الحلال عن المحبة، هو دليل عافية في المفاهيم والإتباع( إذا أحب أحدكم أخاه فليقل له إني أحبك)، من مثل هذا المُليّنات في المواقف والهدايا الطيبات التي تبُث وتنشر المحبة بين ناس وتوزع السعادة في عالم تّغتَّمت أجواءه بمنقصات الحياة.

إن حفل إعلان حب يونس لبخيتة وبخيتة ليونس، يمثّل أطيب وأجمل الحفلات وأعظم لحظات الترفع عن عُقد النفس، وعُقد المجتمع، وهي الأطيب ليلى من دون ليالي الحب السوداني النبيل.

تعليقات
Loading...