د.احمد ميرغني يكتب: أزمة الدواء.. الرؤى والحلول.

مقالات:مرايا برس

من البديهيات أن أى حلول آنية للخروج من عنق الزجاجة لتفريج أزمة ندرة أو انعدام إحدى أساسيات الحياة كالدواء ، أزمة ذات جذور وتقاطعات وذات تعقيدات متشعبة ، أى حل آني لا يأتي كجزء من نظرة كلية شاملة بعيدة المدى ورؤية واضحة واقعية عملية هو كإعطاء البندول لمريض الملاريا ، إن نجح فى إخفاء الأعراض فانها تأتى أشد قوة وأكثر إيلاما بعد انتهاء أثر المسكن .
الازمة الاقتصادية الحالية مع ندرة او انعدام الدولار لدى الحكومة هما من معطيات واقعنا الحالى الذى لن يتغير فى المستقبل القريب. التجاذبات السياسية وتكون عدة مراكز قوى ذات مصالح متباينة هو معطى آخر ، كما لا يمكننا تجاهل عدم الكفاءة الإدارية لادارات الصحة ومؤسساتها شاملة قنوات توزيع الأدوية والتى تمتد من الامدادات الطبية وحتى المراكز الصحية والمستشفيات. اذا أضفنا الى ذلك حقيقة أن الدول التى نهضت ، كالكهند والصين وبقية النمور الآسيوية كمثال ، لم تنهض الا بعد ان اتجهت الى الانتاج ودعم الانتاج ، وتوقفت عن الاستهلاك ودعم الاستهلاك ، لتصل بذلك الى الاكتفاء الذاتى ومن ثم الى مرحلة التصدير. وبالتالى فإن الحكومة السودانية ان لم تتوقف عن الدعم الاستهلاكى للسلع الاساسية او الاستراتيجية كالدواء واتجهت نحو دعم انتاجها محليا ، لاستهلكت كل الموارد المتاحة من النقد الاجنبى ولاستهلك كل النقد الذى سياتى به مؤتمر المانحين لتبدأ بعد نفاذ آخر ورقة من العملة الحرة ، البحث عن مانحين جدد وعن هبات جديدة تماما كما كان يفعله النظام السابق.
المعادلة ببساطة هى انك اذا وفرت عملة حره بسعر البنك لاستيراد الدواء فانك تدعم الاستهلاك اما ان وفرت ذات العملة وبنفس السعر للصناعة المحلية فانك تدعم الانتاج الذى قد يوصلك الى الاكتفاء الذاتى ومن ثم الى التصدير ليكون هو نفسة مصدر للنقد الاجنبى مع العلم ان ما تحتاجه الان من نقد اجنبى لاستيراد عدد معين من الاصناف وبكمية معينة ، يمكن ان تنتجه مصانعنا الوطنية بأقل من ثلث مبلغ العملة الحرة اللازمة للاستيراد وعلى ذلك قس.
تبقى هنالك معضلة الاصناف التى لا تنتج محليا والتى يمكن ان توفر عملة مدعومة للامدادات الطبية لتوفر الاصناف المعنية بواسطة عطاءات تضمن التكلفة المناسبة لتقليل فاقد العملة الحرة.
الفئات الضعيفة ذات الدخل المحدود تحتاج توسعة أكبر لمظلة التأمين الصحي مع التوسع رأسيا وافقيا في ادوية الطوارئ والأدوية المجانية متزامنا مع تطهير قنوات التوزيع واصلاح ادارى واسع لوزارة الصحة واداراتها.
دعم الصناعة الدوائية الوطنية يجب ان يشمل سياسات وتسهيلات لتوطين انتاج مدخلات الانتاج بالداخل كالصناعات المصاحبة من بلاستيك وزجاج ومستلزمات التغليف المختلفة والتركيز على تصنيع المواد الفعالة محليا فيكفينا خجلا ان اللانولين الخام الذى يدخل فى أغلب صناعات مستحضرات التجميل ، الكريمات والمراهم وفى الكثير من التركيبات الصيدلانية ، والذى ينتج بغلى صوف الخراف ، نستورده من الخارج وفى اغلب الاحيان من مصر ومن صوف خرافنا المصدرة اليها.

تعليقات
Loading...