راشد عبدالقادر يكتب:أمدد حبال وصلك.البس غوتشي أو بيع فول.

الخرطوم :مرايا برس

المكان..
زقاق الحرفيين جوار القنصلية المصرية..
كان في جلسته المعتادة على كرسي البلاستيك خلف الكاشير. بذات المظهر المعتاد جلابية مكرفسة طاقية تنحسر عن منتصف الصلعة وسط الرأس النظارة على ارنبة الانف تكشف عن عينيه بالغتا الضيق.. بدأ وصلة السباب اليومية لأغلب المارة سباب لا يحفل بقوانين الرقابة وضع اسفل قدميه مبخر تنطلق منه رائحة البخور العطرة.. العمال ينهمكون في غسل أرضية المطعم لا شيء هنا سوى الفول وام فتفت والجقاجق والطعمية وقليل من الشية..
يواصل وصلة السباب يتخللها بعض الصلاة على النبي وبعض الأغاني بلا ترتيب..
هل كان في جلسة سكر طوال ليله ولم (تفك) منه حتى الآن ؟ ام به عته ومس من الجنون؟؟
لا ادري .. يخفي كيس صعوطه عن العابرين ويقسم بالطلاق (ماعندي صعوط)..
اقتربت منه بفستانها شبه الممزق وطرحتها المأكولة وضعت يدها في كيسها المهترئ واخرجت بعض عويشات وضعتها على مبخر العود كان يرتقبها وفي ذات اللحظة يواصل سبابه للعابرين بصوت عال يخفي بضوضائه وحركته الدؤوبة حركة يده التي تلتقط ورقة الخمسمائة جنيه ويدسها في يدها ويقسم لها ان هذا افضل بخور استنشقه فى حياته .. كان يعلم انها محض نشارة خشب تافهة.. ويواصل السباب ..
هرول أخرج الصحن الكبير ووضع عدد من كمشات الفول والكثير من اللحمة والجقاجق وهتف بالاولاد.. خلوا المسح تعالوا اكلوا قبل الزبائن يجوا.. واخذ يتحرك بين كيس الرغيف وكمشة اللحمة وقدرة الفول يعبي لهم ويسألهم عن مايريدون؟؟ كان والدا ومدير..
كان (ابجيقة) كامل الدسم.
صوته المتكرر ما عندك؟؟ حرررم تاكل
ادينا الفاتحة يا مولانا
يا حبيب صلى على النبي..
لا ادرى..
هل كان اللسان الذي يشتم الناس
ام كان اليد والخمسمائة جنيه حين غفلة من الناس ام كنت انا الذي لا يرى؟؟
المكان..
ريسبشن احد فنادق الهيلتون في احد العواصم الكبيرة جدا.
تصر ان لا ترتدي الا من بيوت الأزياء العالمية.
يا ستنا هدومك دي زول بيعرفا ليك مافي كان جبتيها من دلالية ولا من لاكروا او من ايلي صعب ولا من برندات السوق العربي عندنا واااحد ما بنفرز.. قروشك دي بدل تبعزقيها اديها المحتاجين.
-انت اصلك جاهل متخلف العرفك شنو باللبس وقروشي انا حره فيها مالك ومالي ؟؟ ثم تطنطن فى تلفونها بانجليزية شكسبيرية مع احدهم وتتخلل المحادثة الكثير من الكلمات الفرنسية وعلى عنقها تتدلى بطاقة منظمة دولية..
أتمتم فى سري (عيال منظمات موهومين)..
تفتح شنطتها تضع موبايلها وتنظر لي باستخفاف.. عارف الشنطة دى بي كم ومن وين؟؟
يا بتي والله كان شنطة ولا خرتاية ما فارق معاي المهم كيس تختي فيه حاجاتك دي شنو البت السطحية العبيطه دي؟؟
تنظر الى الموبايل وهي تسمع الرنين وتلمع عينيها بالكثير من الود ..تنظر الي وترتبك..
انظر انا الى الناحية الأخرى واتشاغل بأمر ما.
كان صوتها شبه هامس اي يا حبيب
اي يا ابوي
سمح
حاضر
حااااضر
عاوز عجله؟؟ حاضر حبيبي.
كانت على عينيها دمعة..
أغلقت الموبايل بعد أن قبلت الشاشة..
سرحت مسافة فى اللاشيئ ثم التفتت إلي. اسمع. عندك قروش تسلفني عاوزة اعمل تحويل؟؟
كنت أعلم انه احد الأيتام الثلاثة الذين تتكفل بهم وأعلم أكثر انه الأقرب الى قلبها ذلك الموصوف بأحد اصحاب الهمم..
نتفق على التحويل وتواصل بجاحتها والسخرية من تخلفي وعدم معرفتي..
هل كانت صاحبة الشنطة من غوتشي ام كانت صاحبة الدمعة.. لا أدري وربما انا من لايرى
كان (ابجيقة) كامل الدسم وكانت من العالم الأول كاملة الدسم اختلفا فى كل شيئ واتفقا على كل شيئ كانا على الأرض
ولم يكونا على الأرض .
كانا في ذات الافق
ارتديا اغلفتهما ومدا حبال الوصل..
وأنا.. لا ادري.وربما. لا ارى

تعليقات
Loading...