راشد عبدالقادر يكتب :ليس ثمة ضوء في آخر النفق.

الخرطوم:مرايا برس

عزيزي حمدوك.
ليس ثمة ضوء في آخر النفق
فالعبارة تقال عند الإنتقال من مكان الى مكان من ضفة الى اخرى من وجود الى وجود
ولكن لا مكان ولا وجود ولا ضفة لنا ولا ضوء ولا نفق..
ليس أمامنا الا الأفق الممتد والانجم والشموس والأنوار..
علينا ان نوجد المكان والضفة والوجود
علينا ان نوجد الوطن والشعب والمستقبل..
وطن لم يتأسس بعد ولم يخرج من ثقافة القبيلة.. قبيلة العرق والمجموعة وقبائل الجهويات والامكنه وقبائل الأحزاب والايديولوجيا وقبائل الوظيفة..
يتقاتل البني عامر والنوبة والهدندوة ويتقاتل التعايشة والبني هلبة ويتقاتل الفور والزغاوة يتقاتل الجميع ضد الجميع فى كل مكان يتقاتلون لا على قيم الوطن وانما قيم القبيلة والانتماء والقتل على الهوية والإنتماء وصوت الكلمات وطبيعة اللغة.
يتقاتل السياسيون على (من) يسار ام يمين طائفيون ام ليبراليون لا يتقاتلون على (كيف وماذا) الحرية والنظام والديمقراطية.. لا يتنافسون على القيمة والمعنى والتنمية.. يتقاتلون على اللافتات والعناوين والشعارات على الأقمشة المهترئة والبزات المضيئة..
يتقاتل المهنيون لا على خدمة الإنسان وانما على مفخرة الكاكي واللاب توب والابرول و عباءة القانونيين ولاب كوت الطبيب وكل يختبئ خلف جماعته يهتفون بصوت واحد ويصرخون في صولات العبث ..
هذا ارث بالغ التفاهة والهشاشة والهزال يفارق معهود الأوطان ذات الشعوب المتنافسة على النماء والخدمات والثقافة الذاهبون الى القانون في صراعهم و نزاعهم حول قضاياهم الخاصة فلا ارض للقبيلة ولا حاكورة لفخذ وبطن ..
تتصارع فيه الاحزاب على وعي الناس وادراكهم ومصالحهم لا على تجهيلهم واستغبائهم واستغفالهم واستخدامهم لمصلحة الحزب لا لمصلحة الوطن..
أوطان لم تصمم ليحكمها نظام أوحد يظل ابدا والا تقاتل جيشها وجنجويدها وسحل انسانها وانفجر كل شيء .
أوطان لا تبحث عن لقمة خبز وضوء لمبة و لتر وقود وامبولة دواء وحبة بندول فهذه بدهيات لا يسأل عنها أحد ولا يطلبها أحد لأنها بالأصل موفورة.
نحن وطن لم يولد بعد ولم يأسس ولم يخرج من خانة العدم..
لا نبحث عن عبور من ضفة الى اخرى عبر (نفق) وانما نبحث عن وجود وتأسيس في (الافق) نبحث عن تأسيس اجتماعي يخرجنا من فخاخ الجهويات والاثنيات والقبائل نبحث عن تأسيس سياسي يخرجنا من متاهة الاحزاب وضعفها وانانيتها وغبائها واستسهالها الى أحزاب راشدة واعية مدركة للقيمة الوطنية ولمعنى الانسان تقاتل له بالبرنامج والخدمات لا بالتآمر والعبارات الخواء وخفة العقل نحتاج الى تاسيس اقتصادي يخرجنا من الهرولة خلف حافلة مهترئة وصف خبز فاسد وصفوف بنزين ما زالت سفنها تجول في أعالي البحار واقتصاد الربع كيلو وقدر ظروفك ومشاريع كشك الطعمية فالأرض حبلى والنيل يجري والثروات تشكو سوء وعطالة الإستثمار .. نحتاج تأسيس قانوني يشعر فيه الناس انهم لا يحتاجون الى عصبية قبلية لاسترداد حقوق، فهم في القانون سواء وفى السلطات نجازة لقرارات القضاء . نحتاج تأسيسا لجهاز الدولة وخلق الية تخدم الانسان بوافر الكرامة لا تستحقرة ولا تهينه ولا تستغله وتنتهكه.
نحتاج تأسيسا يضع الانسان المواطن سيدا وحاكما لصوته قيمة ولشكواه صدى لا يخيفه زي ولا ترعبه بندقية..
الضوء ليس في آخر النفق..
فالافق يمتد بلا حدود ..
ليس واجبك وحدك فعليك أن تمضي في معاش الناس واشياؤهم ..ولكن الوطن يصنعه وعي الجميع، يصنعه تخلي الجماعات والمجموعات عن انانيتها وذاتيتها .. يصنعه نزول المثقفين من ابراجهم ليخالطوا الناس ويفككوا أزمات المجتمعات… يصنعه أن يخرج الناس من خندق القبيلة والجهة في الصراعات التافهة ليبحثوا عن وطن اوسع وعيش ارحب..
يصنعه ان يخرج الإعلاميون من ترديد العبارات والكلمات والتريندات التافهة الى صناعة الموقف وتوجيه الرأي وقيادة الإدارة لما يصنع الاوطان
يصنعه ان ان يتخلى الساسة بجميع اتجاهاتهم عن بعض ما يملكون وما يرون ليقتربوا مما يراه الاخر فهذا الوطن لم يتأسس بعد.. اسسوه اولا ثم تصارعوا فيه كيف شئتم
يصنعه ان لا يتفرج الشباب وينتظروا الآخرين ثم يعمدوا لهتاف وصراخ، عليهم ان ينتزعوا حقهم فى الوجود بافكار وتنظيمات وعمل فالمستقبل كله هم..
ليس ثمة نفق فالفضاء رحب ولنا سقف السماء واتساع الارض وكل شيئ هنا الانسان والغد وعظيم الأمنيات ..
نحن من علينا ان نختار وان نؤسس وان نوجد من العدم..

تعليقات
Loading...