محمد مصطفى الزاكي يكتب :تحسسو جيوب جلابية السودان.

صدى الواقع :مرايا برس

  الجلابية رمزية سودانية موروثة وماركة تميز (الزول) عن باقي شعوب العالم ,كانت في السابق تُهَفْهِفُ في دلال فوق أجساد الوجهاء تزيدهم هيبةً ووقار. كانت تعلو مراتب الهندمة والتزين بين الأزياء حتى أن إجتاحتها ثورة الحداثة فانصرف عنها المعجبين الشباب وسحبوها من رفوف دولايبهم ليركنوها في أعماق الأدراج, وفي بطون الحقائب المتحفية العتيقة!, يعودون لها عند الحاجة في الحفلات التراثية والأعياد الدينية التي تستوجب فيها الظهور بالزي الفضفاض,حتى كاد أن يهجرها (الترزية المهرة) ويرتادوا معاهد تدريس فنون خياطة البناطيل والقمصان المواكبة للعصر .
الجلابية السودانية تأبى الإرتكان لعوامل الزمن فقد سحبت حزام الفوز في سباقات (تحدي الصورة) على موقع الفيس بوك فحصدت كل علامات التفاعل والإعجاب في محاولة لإستعادة سمعتها وموقعها الريادي بين الأزياء.
ورغم فوزها الكاسح على البناطيل والقمصان وغيرها من الأزياء الأجنبية المغرية في تلك المسابقة الإفتراضية, لكنها قد خرجت من تلك المعارك التنافسية بجروح وثقوب أصابت جيوبها التي كانت تزدحم بالقيم الإجتماعية الرفيعة!,
فتساقطت قيمٌ غالية من خلال ثقوب جيوب الجلابية  التي أحدثتها مظاهر التطور والحداثة ومجاراة الموضة والثقافات الأجنبية التي تسربت خلسة بين أنسجة الجسد المجتمعي المحافظ والتي شوهت ملامحه بعد أن حوَّرت جيناته وقيدت الموروثات بإعاقة مستديمة يصعب الإستشفاء منها!.
تساقطت قيمة المروءة التي كان يحتفظ بها السوداني في جيب جلابيته الأمامي يسعف بها المنكوب وقتما إستصرخ ,كما تساقطت قيمة الأمانة أيضاً من ذات الثقب بعد أن إنشغل الناس بجمع المال دونما إكتراث للمصادر,وغيرها كثير من القيم تساقطت حتى صار البعض منهم يراهن بسمعته بل وبالأغلى حتى ولو خالفت ونازعت معتقداته في سبيل إرضاء الدرهم الغرور!.
حتماً ستسقط قيماً ثمينة ويُفقد الهوية التي تمَّيز السوداني عن غيره إذا لم يُنتَبه لثقوب جيوب الجلابية العزيزة,والإستعانة (بترزي جلاليب) متميز يقفل تلك الثقوب بعناية ويكفي الأمة شر االتوهان في فضاءات المعاصرة.

تعليقات
Loading...