كثيراً ما سألت نفسي هل إنتهى دور الحبوبة في حياتنا او بدأ في التلاشي؟ ولم اصل الى إجابة شافية.. لكن الشاهد في الأمر أن مفهوم الحبوبة او الجدة بمعناها المعروف والمألوف لم يعد موجوداً على الأقل في المدن.
فالحبوبة هي الحاضنة لأحفادها تجمعهم حولها، تسمع منهم وتحكي لهم الحكايات والقصص التي تتحدث عن تراثنا وإرثنا التاريخي، وهى التى تمثل حلقة الوصل في تواصل الأجيال وربط الجيل الحالي بالسابق له والاسبق وهكذا.
والحبوبة هي المصلح الإجتماعي في الأسرة فهي التي تهدئ المتشاحنين وتطفئ الكثير من الحرائق الداخلية، فهي تنظر إلى كثير من المشاكل الأسرية بعين الحكمة والخبرة وبالتالي يأتي رأيها سديداً، وهى التى تقوم الإعوجاج في بيت إبنها او بنتها وهي التي تنسحب بهدوء إذا شعرت أنها يمكن أن تكون عبئاً عليهم، فهي المسامحة المتسامحة دائمـاً لذلك تعتبر هي العمود الفقري للأسرة يلجأ إليها الصغار قبل الكبار ولكن أين هي الآن؟.
الحبوبة بمعناها الذي نقصده ربما توجد في أقصى الريف بعيداً عن ضوضاء المدن حيث لاتزال الحياة تحتفظ ببعض رونقها ولايزال الناس يتمسكون ببعض الإرث القديم، اما في المدن فإن الحبوبة او الجدة لم يعد لها وقت لأحفادها، لذلك غالباً ما تلجأ بنتها أو زوجة إبنها والتي غالباً ما تكون عاملة إلى الشغالة في رعاية أبنائها (الأحفاد ).
فالحبوبة في الوقت الراهن هي امرأة عاملة تستيقظ صباحاً لتفكر في الذهاب إلى عملها وتعود آخر النهار لتفكر في اشياءها الخاصة، وتكمل ما انقطع من ونسة وحكايات عبر الجوال، لتتفرغ بعد ذلك لمتابعة مسلسلاتها او برامجها الدينية والثقافية بجانب المجاملات الإجتماعية.
إذن هي لاتملك وقتاً لتتعرف على مايخص أبناءها ناهيك عن احفادها، والغريب في الأمر أن معظم الحبوبات صرن شباب او متشببات، فالواحدة منهن تريد أن ترتدي آخر صيحات الموضة فتخرج مع ابنتها او زوجة إبنها للأسواق لتختار مايروق لها، وإذا كان زوجها على قيد الحياة فهي تريد أن تكون في أبهى حلة وتتابع آخر نقوش الحناء، وإذا كان زوجها قد توفي فهي لاتمانع إذا وجدت البديل.
مارويته أمر واقع لكنه ليس الأعم، لكن مع تقلص دور الحبوبة بمفهومه الأصيل سيكون هذا هو الإتجاه السائد للحبوبات، حبوبات مودرن لاتنطبق عليهن كلمات الأغنية الشهيرة.. يايمة كان ما ساي إرادة سمح العلم سمحة الشهادة ياحليلو نحنا زمنا فات.
فالحبوبات أصبحن يتحدثن اللغة الإنجليزية ويجدن التعامل مع الإنترنت ولهن حسابات على الواتس اب والفيس بوك وتويتر وغيرها، وربما يلتقين باحفادهن عبر هذه الوسائل ليناقشن معهم ما يعترضهم من صعاب او مشكلات لأنه ليس هناك وقت ليلتف الصغار حول الحبوبة فتضم هذا وتمسح على رأس ذاك وتمسح دموع الباكي وهي تحكي لهم حكاية فاطنة السمحة.
أتمنى أن أكون مخطئة فيما قلت وأن تكون الحبوبة موجودة في حياة كل منا، فهي قيمة إن لم نجدها سنعيش العمر كله نبحث عنها ونعيش حسرة فقدانها.
*نبض الورد
الحياة بدونك قاحلة وبدون وجودك لالون لها ولا طعم ولا رائحة.
تعليقات