أميمة عبدالله تكتب: خواطر أربعينية

على تمام المحبة..

..

ما أجمل عمر النبوة والنضج
لمن إستفاد من سنين العمر ، وفي العشرينات كنا مقبلين على الحياة لا نبالي بحجم المغامرات ولا عواقبها.
هكذا كنا.
إلا أننا الآن نختلف
أختلفت ملامحنا وخط الشيب في سنيننا خطا أبيضا.
مرت السنوات و الأحداث واتضحت لنا الأشياء وانكشف غموضها الذي كنا نراه وقتها
فُسرت بعض الأمور و بدأنا ننظر إلى الحياة بهدوء و تروِ
ناخذ منها ما يناسبنا ونترك ما عدا ذلك وكأننا لا نراه
والأشياء عندما لا نراها كأنها لم تحدث اصلا
و سىء الكلام عندما نتجاوزه نصير كأننا لم نسمعه
كما أنه ليس بالضرورة أن نقتص لأنفسنا من كل من حمل شراً لنا ، و إلا سينفد العمر خلفهم لأنهم بالتأكيد كُثر، فتلك طبيعة البشر
صرنا نتجاوز الأشخاص كما يتجاوز القطار المحطات ، يمضي منها دون التفاتة
لانها الدنيا وفيها يجتمع كل البشر و نحن لسنا آلهة بل جزء من هذه الدنيا
فهمت تماما أنني هنا ليس مطلوبا منى إصلاح اعطاب الناس ولا صناعة نمازج مثالية منهم
لأنني مثل الجميع لست خالية من العيوب و لن اكون في يومٍ ملائكية
كما ليس مطلوبا منى تصنيفهم وليس شرطا أن احدد مشاعري تجاه الجميع .
ربما نتجاذب الحديث ونتبادل أخبار الناس مع بعضهم لكننا لا نأخذه معنا نتركه مكان الأنس الذي كان.
والناس حسنات و سيئات وخير وشر ورغبات و ذنوب وضعفٌ وقوة، بيد أن للجميع رب واحد هو المسؤول عنهم
انا هنا لأعيش معهم ليس أكثر مع مفارقة من لا تناسبني تصرفاتهم وأفكارهم أو نظرتهم تجاه الحياة ، ليس لأنهم خطاء و أنا صاح ، فقط لانها لا تناسبني ليس أكثر
نفارق من اختار فراقنا بلا دموع
وتلك ميزة العمر الأربعيني ، نتقبل الأشياء كما هي
للجميع حرية أن يختاروا حياتهم كما يشاؤون
فالحساب مؤجل
أثق دائما أن هنالك في الدرب أشخاصا رائعين آخريين ، وأن الخير في الدنيا إلى يوم يبعثون
فالعمر أغلى من أن تدفعه فاتورة بقاء مع أشخاص لا يستحقون
الآن صرنا نستقبل الأفراح بلا مبالغة
ونتلقى الأحزان وكأننا كنا ننتظرها.
صرنا أنضج وبالتالي صرنا أكثر إتزانا، وصارت الحياة عندنا ضل شجرة يطول ويقصر ، أحياناً يكون بارداً أحياناً أخرى يكون الهواء فيه ساكناً أحيانا يكون رطبا
والعقول الناضجة لا تحتمل المجاملات.
نفارق بلا تأنيب ضمير لمن كانت لهم أفضالٌ علينا ليس لأننا نسيناها بل لأن الفراق أحيانا لابد منه ، وداعٌ جميل بلا عتاب، فليس كل الأصدقاء في حياتنا لكل المحطات
كما أنه ليس بالضرورة أن يكون لنا أصدقاء كُثر
صرت أشعر أن اليوم أثمن من أن تضيع ساعاته في نفاق ونسة أو مجاملة ثقيلة على القلب
نبتسم في وجوه أشخاص لا يمثلون لنا الكثير إلا أن الإبتسامة من حُسن الخلق، فنحن أحيانا نبتسم ليس من أجلهم بل من أجلنا
الآن بعد النضج صرنا أكثر قدرةُ على حفظ الأسرار،
وليس كل القلوب تستطيع على هذا الحمل، فهو شاق.
ربما كنا قبل ذلك أناساُ عاديين لكننا في لحظة وتحديدا عندما نتخذ قرارا صعبا ومصيرياً نتحول الى أشخاصا غير عاديين، نصير أقوياء
أقوياء في إختياراتنا
أقوياء في قراراتنا
أقوياء في خط الحياة الذي نريد
نحاول أن نعيش حياتنا بصدق وحب و إرادة
وأن الأوطان لابد وأن يأتي أوان بناؤها مهما امتد عهد الخيانة
وأن الباطل مهما طال عهده فلن يكون حقا مطلقاً.
الحياة عاطفة وقلب نابض وعمل وثقة في الله رب العالمين.

تعليقات
Loading...