أميمة عبدالله تكتب : في الثامن من أغسطس.

الخرطوم :مرايا برس

إنها انا يا يوسف ، مريم
اكتب إليك مرة أخرى بعد زمن
سلامي إليك. 
أنا اذكرك دائما حتى عندما لا أراسلك
هذا هو خطابي الثامن لك

قرب البحر انا الآن ، قريبة منه جدا حد ملامسة أقدامي مائه
السماء رائعة و الدنيا مغيب والبحر هادئ ، بعض الغربان تحلق فوقي بأصواتها الحادة
لكني لا اكثرت
قبالة الساحل أجلس، لا شئ يفصلني عنه ، بدأت الأنوار البعيدة تتراقص على الماء
الفضاء ممتد أمامي كذلك الأشواق
ماذا لو كنت غير ما أنا عليه الآن، ماذا لو كنت مريم أخرى
امرأة عادية لا هم لها إلا صناعة الأكل وكنس ساحة البيت ومسح البلاط ونفض السجاد من تراب الأحذية
و خدمة الضيوف
بدلا عن جلوسي قبالة الساحل استعد الآن لشاي المغرب و أنفخ في النار لأسرع أشتعالها
وبدلا عن مراقبة الأمواج القصيرة المدى اذاكر للصغار دروسهم

مذهلة هى الأقدار و مذهل توزيعها علينا كلٌ منا نصيبه يشبهه
ماذا لو كنت مريم أخرى لا يهمها حال البلد و لا صراعات الحكم و لا أسماء الساسة و الأحزاب و لا التحالفات السرية و لا نقض العهود و لا خيانة الذمة و لا بيع الأقلام والآراء و الفتاوي ، هل تصدق يا يوسف حتى فتاوي الفقه يمكن أن تفصل لتناسب الحدث
ماذا يا يوسف لو كنت مريم التي لا تناصر جماعة على جماعة و لا يجعلها بعض الحكام تستفرغ علنا
ولا تعرف عن بلادها إلا اسمها ، لا تتابع حريق المدن و فتنة الجماعة و علو كعب الظلم و ضياع الحقوق
ماذا يا يوسف لو كنت مريم غبية ساذجة لا يهمها من باع ومن اشترى و من خان ومن بقي ومن كان يحب أن يذهب ،
ساذجة تصدق اللامنطق من الأخبار وتصفق لكل متحدث و تستمع للجميع
ماذا لو كنت امرأة لا يهمها حجم الهوان الذي بلغناه و كاثة الضعف الذي نعيشه الآن
ولا انزواء الحق كانه هو الخائن ، ولا متابعة ثراء بيع الضمير و لا صفقات حق الوطن المنهوب و لا ماذا يقول القادة أو الساسة أو الخونة منهم

إلا أنني يا يوسف انا
انا التي لا أحب السياسة بيد أنني لا أستطيع إلا أن اتابعها
ولا أحب الخيانة إلا أنني بت اعرفها
ولا احب النفاق إلا أنني في كل يوم أمارسه

أيها البحر هل يمكن أن نكون أحباب ، نجاور بعضنا
و نؤاسي بعضنا ، نحكي اسرارنا التي أثقلت كاهلنا أنت و أنا وامالت كتفينا
هل يمكن ان نتابع من هنا أخبار السقوط الذي تمارسه البلاد في كل يوم ورسوب الجميع في معركة الضمير
و الوطن الذي أصبح مكشوفا لكل الضباع
يالمصيبة الأوطان عندما تفتقد الدليل

سأظل اكتب لك رسائلي يا يوسف ولن أنقطع
لقد اظلم المكان تماما و انفض الناس من حولي وانقطعت أصوات الغربان

ما عاد هنالك من سبب يبقيني أنا أيضا سأذهب
ارجو من عميق قلبي و قلب البحر أن تكون بخير.

تعليقات
Loading...