الرفيع بشير الشفيع يكتب : ألم يأنِ لنا أن نفيق..(المعارضة الإيجابية).

الخرطوم :مرايا برس

الآن وقد إنكشف المستور للشعب السوداني كله وبصورة واضحة جدا ، أن السودان ، كان بخير قبل ٢٠١٨ إتفقنا مع تلك الخيرية او اختلفنا قليلا ، وقد كانت تلك القبلية تشوبها تعثرات في مسيرة النماء والتطور ، وبعض سمعة الفساد ، المادي ، صدق المتهمون أو كذبوا، وكانت هناك مطبات في وعثرات في عيش الناس ، يعزيها الكثير حتى خارج عضوية الإنقاذ لأسبابا واضحة جدا ، على أنها محصلة من حرب خارجية وداخلية على السودان وعلى دينه وأخلاقه وعيشه، منذ زمان بعيد ، ظهرت في أسوأ حالتها ، ابتداءا بحرب على الدين منذ ١٩٨٣ ، وقد اتضحت أنها ليس حرب ضد الإخوان المسلمين كما يزعمون ، لأن هذا النوع من الحرب ، ظهر متعدياً لحربهم ، او أي مكون آخر، الى حرب مع الله في دينه وحرب على رسول الله صلى الله عليه وسلم في شرعه وحرب على الشعب في أخلاقه وقيمه وحرب على الوطن في مقوماته ، كما ظهرت لنا من أفواه والشعارات المحقونة في الثورة اليسارية الحمراء في ٢٠١٩ ، هذه الثورة المصنوعة التي أبرزت مدى الغل والشقاق بيننا كسودانيين ، وأننا لا نملك أقل قدر مناسب لإحترام بعضنا او للتعايش كما تتعايش أمم أخرى أكثر تشققا منا في هويتها وأكثر شتاتا في دينها ووجدانها ولغاتها ، ظهرت حرب عالية سقف المطالب ، متزامنة ومتحالفة مع حروب خارجية ، بعضها إقتصادي وبعضها ديني وبعضها أيديولوجي وبعضها حرب للمنطقة تم ضم السودان لها بصورة جائرة، حرب في بقاء الوطن ، أرضه وتركيبة شعبه وهويته، وقد اتضح ذلك جليا لكل من له عقل ودين ووطنية ونخوة ، إلا لمن أبى.

والآن وقد أتضح جرم وخبث بعض من تسببوا في هذه الحرب خارجيا و داخليا ، يمالئون ويحالفون حتى الشيطان وكل البلدان حتى تلك المستعمر اللدود والشعوب عديمة الاخلاق ، التي تريد بالسودان شرا وتريده أن يكون دولة محطمة دون هيكل ودون سداة ودون هوية ودون بوصلة ، ودون سيادة، دولة ، فقط دولة افريقية مريضة في مؤخرة الدول.

وقد أتضح الآن الخيط الأبيض من الخيط الأسود من فجر من أسموا انفسهم معارضة منذ ١٩٨٣ ، ظهرت انها ليست معارضة للإنقاذ انما هي معارضة لكل شيء في الوطن ولكل مشروع قائم ولكل مسجد عامر ولكل أسرة محافظة ولكل طريق سالكة ومعبدة ، ولكل خُلُقٍ ودين.

والان وقد ظهر جليا من هو عدو الشعب الحقيقي الذي كان يقوده للضلال والإنحلال ، ويحطم الوطن كالثورة الهائج في شوارعه ومؤسساته وداخل أسره وجامعاته ومناهجه ، وسمعته وسيادته ، إتضح كل شيء ، وقد ظهر جليا من هو عدو قوات الشعب المسلحة وقواتنا الأمنية التي تمثل العمود الأخير لبقاء السودان بحسابات الدول والسيادة ، بعد الله.

وقد ظهرت في هذه الفترة القليلو، الندوب والسوءات على الخدمة المدنية والنقابات العمالية ممثلة في شراذم تجمعات المهنيين التي ظهرت كأعشاش الدبابير هنا وهناك ، تدار بأيديولوجيا معينة وتؤيد توجه فكري مُعيّن ، ولا تختلف في مهنيتها ولا أخلاقها عن ذلك المَعين.

وقد ظه ايضا لأي إنسان سوي إقتنع بأجندة العملاء والأعداء ، كان في غفلة من أمره، ظهر أن معارضة بهذا الأسلوب وبهذه الأجندة ، ليست من أخلاق السودان وليست من قيمه ، ولا تعارض لخيره ، ولا بقاءه ، وسوف لن تسود لأنها أولا ضد الله ، وهي معارضة فارغة كعجل السامري ، تسمع أصواتها وضجيجها لكنها معارضة جماد وحصان طروادة لا يسمن ولا يغني من جوع.

وقد أتضح أيضا للإسلاميين ، ولكل عضوية الإنقاذ وغيرها من الجانب الآخر ، المناهض لرهن الوطن ، لأيديولوجيا معينة ولدول لا ترغب فينا إلاً ولا ذمة ، ظهر لنا جميعا أن دوام الحال من المحال وأن قوة السودان في وحدته وفي لم شمله وفي إتاحة الفرصة للصالح الوطني من الآخرين ، وأن السودان لا يمكن أن يحكم بحزب واحد ومجموعة واحدة ذات طابع واحد في الإدارة ، وصبغة واحدة وفكر واحد ،(أقلاه الآن)، حتى ولو كان ذلك الحزب رسوليا ومتقيا مبرأ من كل عيب ، طالما أن بيئة السودان السياسية تحتاج لتثقيف في الوطنية وتنزيل لذلك الطابع بصورة أكثر شفافية وأكثر إقناعا وأقرب للجميع ، وطالما ظهر أن العراك السياسي قد وصل حد القطيعة ، وحتى ولو كان ذلك الحزب حزبا مثالا في وطنيته وفي إدارته وصادقا في مواقفه ونظيفا في يد قادته ( كما أثببت الأيام).

وطالما أن السودان يعيش في عالمٍ يمثل الظلم والجور فيه وتحالفات الضلال سيدة الموقف وموجهة العالم الى ما يشبه حالة الكساح السياسي والأخلاقي، وأن العالم لا يهتدي بهدى ولا يؤمن بقيم ولا يعجبه المثال، والى ان تزول حالة العالم هذه ، ويبدل الله ظلمه وطغيانه مسكنة وجوره عدل ، وكما يبدو في الأفق أن العالم الآن مقدم على حرب فاصلة بين الخير والشر ، والآن بدأت تتبدل الأحوال ، وتتسارع الخطى نحو تلك الحرب الفاصلة والتي وصل فيها العالم المتعجرف ، قمة عجرفته ووصلت فيه عوالم واحزاب الأخلاق والقيم قاع منحنى المسكنة .

يحتاج اليسار والاحزاب العلمانية وغيرها أن تعي أن السودان ليس أرضاً خصبة للعلمانية ، بماركسيتها والحادها ، والشعب السوداني عصي على التضليل وإلإبتذال في أخلاقه الجمعية وعصي على تغيير طابعه لما يمكرون، وأنهم لو فضلوا ألف عام ينخرون في عضد الشعب ،لكنه شعب الغيرة والحياء وشعب فورة الحق ، وشعب الإباء، وقد جرب اليسار هذا الشعب على مدى خمسين عام الإن ومنذ خروج الشيوعيين مغاضبين للغابات ، جرب هذا الشعب الذي لا تلين له عَصاة ، ولا يغريه عُصاة ، بالمدنية والحداثة بإدعاء التطور والنهوض المادي ، المصحوب بالسقوط القيمي.

فالسودان الآن ، بهذا الخليط من الواقع المرير ، بين للإرتماء والإلتجاء لعلمانية بائرة او لماركسية خائرة ، او لرأسمالية جائرة ، وهو على شفا حفرة وهاوية لا يعلم قِرارها إلا الله ،والعالم حوله بدأ متهالكا في قيمه ، واخلاقه ، وعضده ، وبدأت عوامل التفكيك في وحدته وتخلفاته الخبيثة ، بدأت عوامل الإنهيار عليه ،بما ينذر ، بحرب ستشغله عن السودان ، فالسودان يحتاج لمزيد من الحكمة والحكماء ، ويحتاج لمزيد من الصبر والأناة ، ويحتاج لكلمة سواء ، عبر مشتركات تعايش ، وطنية ، تنبذ وتقف ضد محاولة الإنفراد بإدارة السودان.

تعالوا إلى كلمة سواء ، والكلمة السواء الآن هي الفرصة الأخيرة التي سيكون السودان بعدها أولا لا يكون ، أنا أقترح أن تجمع كل المبادرات الوطنية من هنا وهناك ثم ليصار لكلمة سواء ، تراعي حقوق الوطن وعزته وكرامته وسيادته وبقاه ( نقصد بالوطنية ،تلك التي تخلو من الأنا الشخصية والأنا الحزبية ، وتبعد عن التبعية ومغالبة الرأي للكسب الذاتي او الحزبي ، والتي يكون طابعها ، خير الوطن وبقائه ونمائه والحفاظ على مقدراته ، والسير به خطوات الى الأمام تنجيه من شر القادم الأسوأ ، وتحافظ على هويته وقيمه وأخلاقه ، وتضع حلولا لنمائه وتطوره ، واعية بما يدور داخليا وخارجيا وواعية بالحرب الداخلية والخارجية عليه وتعرف عدو السودان وصليحه من عدوه). ونحن نحتاج لمؤتمر وحوار وطني من وطنيين خُلّص ، من الشعب اللامنتمي ليضع لنا معالم ذلك الطريق ، وشروط وأهداف ( وميثاق الكلمة السواء)

تعليقات
Loading...