الرفيع بشير الشفيع يكتب :التهجير للشعب بعد ٢٠١٩.. (وليجة لإفراغ السودان ايضا)

الخرطوم :مرايا برس

يتم الترويج هذه الأيام وبصورة محمومة منذ ٢٠١٩ للهجرة وترك السودان(لأي دولة ) ، وهذه الهجرة في هذه المرحلة ، بدافع (المخارجة ، فقط) من البلد، هكذا ، لها أضرار ستؤدي لإنهاء الدولة السودانية بتركيبتها السكانية وتشكيلتها في الأثنية والتنوع، وتدمير الهوية الخلاسية وبشكل سريع وملموس، وهذا جزء أساسي في عملية إفراغ السودان، لتحقيق المشروع الكبير ( السودان الجديد)، ومن أوسع أبوابه.

بالطبع أنا أشجع الهجرة المدروسة وبرؤية ورويّة وبوعي لمشروع إفراغ السودان ، والهجرة لها أساليبها ولها قوانينها وخياراتها الشرعية كما لها كثير من الفوائد ، هذا ليس وقت ذكرها، لكن يجب علينا كشعب ألا نقع في فخ التهجير الإختياري بسبب قساوة الحياة( المفروضة علينا)، وألا نحقق للخصوم أمانيهم في أفراغ السودان وبهذا الشكل المخيف.

هناك عدة دول غربية ومعها (مصر الرسمية)، تنشط وبصورة مريبة في تسهيل عملية الهجرة الطوعية(الإفراغ القسري، الإختياري ،؛بجانبه الاخر)، مثل مصر، فقد أخبرني أحد أصدقائي وقد تحصل على رقم خرافي لهذا المشروع الذي لا يقل سوءا عن مشروع تهجير الفلاشا، عبر السودان، وقد أكد لي أن السودانيين ( وجلهم شماليين ، مقتدرين ماديا)، وصل عددهم أربعة مليون ونصف الى مصر واستقروا هناك منذ ٢٠١٩م. ( ولك أن تعرف الهدف).

رغم أنني مغترب منذ خمس وعشرين عاما تقريبا، وأحمل جنسية بلد آخر، إلا أنني قد سافرت لذلك البلد برؤية وأهداف، ليس من ضمنها تغيير هويتي او ثقافتي او ديني، بعكس ما يحدث الآن من هجرة بدافع الإضطرار لا أحبذ (الهجرة الإضطرارية في هذا الوقت) وبدون رؤية وهدف، فقط لأن الداعي دولة من دول الغرب، للأسباب التالية:-

*أولا* الآن يحدث مشروع إفراغ للسودان ، منظم وفق مشروع كبير جدا ، هو تحقيق مشروع السودان الجديد، وما صنع بالشعب السوداني منذ ١٩٨٣م هو نفس المشروع الذي له عدة أوجه من ضمنها أفراغ السودان (مرحليا).

*ثانيا* نحن لا نتأسى بما حدث للشعوب الأخرى ، خصوصا الشعب الصومالي من تهجير بنفس الأغراءات وقد داب الشعب الصومالي تقريبا في ثقافة وماديات الغرب، والغرب لا يحارب بالبندقية أو التجويع فقط، إنما بالأفراغ.

*ثالثا* : الغرب ليس جنة الله في الأرض كما يصوره الغرب ، ولا تقود طريقته ولا مناهجه الأخلاقية لجنة الله التي وُعِد المتقون، وهو أكثر الدول ندما على فقدان هويته الإيمانية وتبنيه العلمانية ، حتى أصبح يبحث عن حل لشتات شعبه وجفاف وجدانه وقلة إيمانه ، وكثير من الذين إغتربوا منا (في زمان المهلة)، الآن يفتقدون أسرهم بسبب ثقافة الحرية، وتعليم شرعتها ( في بعض دول الغرب يتم تدريس البايوسيكشوالتي والهوموسيكشولتي، والصودومي، وما شابه ) في المدارس كمادة للأطفال في المدارس ولا أدري ماذا سيكون شكل المجتمع الغربي بعد عشر سنوات من الآن!!.

*رابعا* : صحيح أن الإنسان يمارس حريته هناك من أوسع أبوابها ، ولكن هذه الممارسة المطلقة التي لا يحدها دين او أخلاق او ثقافة وعادات موروثة للشعوب القادمة، إلا أنها سلاح ذو حدين وأمضى جنباته هي جنبة الإغراءات وتوفير المغريات الدنيوية المادية، وقلة محفزات الأخلاق والقيم ، ولعمري، هذه هي أهم بضاعتنا، إن ضاعت ضعنا وضاع منا كل شيء ( كثير من أرباب الأسر السودانية وغيرها من الأمم المسلمة يبكون ويتندمون، على ما يتعرض لهم أبناؤهم).

*خامسا* : يبدأ مشروع التوجيه (orientation) للتعايش والتأقلم مع الحياة الغربية ( المادية ، العلمانية) الجديدة والتي يمثل قوامها الحرية بكل أبتذالها منذ أن (يحظى) الفرد بيانصيب الإقتراع، وهذا التوجيه ملزم بالقانون، وهو المدخل المبدئي والتعاقدي بالالتزام بكل ما تمليه عليك الثقافة الجديدة، من قيم ومن عادات وممارسات.

إن تصوير الحياة الغربية المادية، العلمانية، على أنها غاية ما يمكن أن يدركه المرء ويصبو إليه وتصويرها بهذه الصورة المغرية، هو سلاح ذو حدين، فيه كثير من العواقب في الدنيا والاخرة مما لا يحمد عقباه، وهو يمثل واحد من المشروع والمخطط في تدويب الشعب، وتغيير هويته، وجعله شعب مسخ بين شعوب العالمين، شعب مبتور الهوية وممسوخ التدين ويلبس عباءة فضفاضة من التمدن وتغدق عليه المغريات لكنها عباءة في ظاهرها الرحمة وباطنها من قِبله العذاب.

تم تهجير الأخوة الصوماليين في التسعينيات للغرب بعد أن فرض الغرب عليهم نفس الضغوط والشقاء من تجويع وتقتيل وفتن وخلافات ، إلى أن أصبحت ( المخارجة من البلد) في ظل تلك الظروف هي أفضل الخيارات (القسرية) ، الموت جوعا أو القذف في أتون حياة المغريات والتذويب، لكن الشعب الصومالي وبخلفيته الإيمانية وتمسكه بالعادات المستقاة من القيم الدينية والأخلاقية، فهموا الدور، وتمسكوا بقيمهم وثقافتهم ولغتهم وأخلاقهم هناك، ولم يخونوا وطنهم ولم يبيعوه للغرب بأبخس الأثمان كما فعل العملاء منا، بسبب الهشاشة في التدين والوطنية عندنا.

أعتقد أن السودان، كان وما زال ، بقيمه وبحكمة شعبه وبما ظهر له من حرب من عدة أوجه وبالوعي الذي حدث له الآن، واداركه أهداف المشروع العلماني ، فلا يجب عليه أن يُّفرط في دينه ووطنه واخلاقه وثقافته الأسلامية، وفي مثاله بين الشعوب ، وألا يستبدل التي هي أدنى بالتي هي خير ، حتى لا تصيبهم الذلة والمسكنة وحتى لا يبوءوا بغضب من الله ، ويفعلوا كما فعل قوم موسى من قبل.

اللهم أشهد فقد بلّغت

تعليقات
Loading...