الرفيع بشير الشفيع يكتب عن الإسلام السياسي. 

الخرطوم :مرايا برس

أكثر بلدان العالم ، يعتبر بيئة صالحة لتفريخ وإطلاق الشعارات السياسية ، دون أن يسأل الشعب مطلقيها عن تفسير ، هو هذا البلد والشعب الطيب .

من المعروف في دنيا السياسة والعمل والعلم أنه لا يوجد مصطلح الا وتحته رزمة كبيرة جدا من المعاني والأجندة والأغراض يمثل المصلح رمز اجمالي لها.

ومصطلح الإسلام السياسي ، الذي اطلقه العلمانيون ، خصوم الإسلام الدين كله منذ العصور الوسطى ، ما زال يمثل رمزا ومصطلحا مبهما عند الملايين من الناس، ويقبلونه على علاته ويروجون له دون أن يعوا معانيه لا يكلفوا أنفسهم عن معرفة ابعاده وخطورته ، ولا يطالبون بتفكيك هذا المصطلح.

فمصطلح الإسلام سياسي ، أطلق للتقليل من قدرة وشمولية الإسلام نفسه في ادارة الحياة كلها بما فيها السياسية ، لصالح خصم ايديولوجي علماني، وبدأ هذا المصطلح يؤتي أكله المناهضة للدين عموما منذ العصور الوسطى، واحدث طلاق باين بين العلمانية والدين في مجمله ، وكانت الكنيسة بدأت عهد الرهبنة وتنتست الاهتمام بشؤون الدولة والناس… كما يدعي من أطلق ويطلق هذا المصطلح ، وقد إنطلي هذا المصطلح الآن على كثير حتى من المسلمين ، مع ان دولة المدينة وعلى رأسها رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت ( دولة متكاملة ، بجيشها ممثل في قياداته المسلمين امثال خالد بن الوليد واسامة بن زيد وابن العاص وغيرهم وهم صحابة على قمة الاسلام لم يتنازلوا عن دينهم لأنهم عساكر مثلا ولم يقصيهم هذا الحال من المشاركة في مؤسسات الدولة ) والرسول صلى الله عليه وسلم كان يمثل رأس الدولة، ويطبق الاسلام كما انزل عليه قرآنا وكما جاء منه شريعة ، في الدولة وفقا للأمر الالهي (قل ان حياتي ونسكي ومحياي لله رب العالمين وبذلك أمرتُ وانا اول المسلمين)، ولم تنفصل الدولة عن الدين او الدين عن الدولة ، ولم نسمع أحدا من الصحابة ينادي بذلك ولا التابعين ولا تابعي التابعين.

والدولة الإسلامية بكل خلافاتها، كانت تحكم بسياسة الإسلام في كل مراحلها، ولم نسمع أحد قال عن طابع حكمهم ( إسلام سياسي)، مع انهم طبقوا الإسلام كلٌ حسب استطاعته ، بعُد من بعُد عن التطبيق المثالي في زمان الرسول صلى الله عليه وسلم، قارب من قارب.

هذا المصطلح اطلقه خصم منافس لتحكيم شرع الله في الناس والحياة ، كدولة، بسياساتها الشرعية المعادية ، وحياتها المدنية والعملية والمعاشية ، مقابل علمانية تفصل الدين عن الدولة ، كما ظهر في المدنيات السابقة للإسلام من حضارات مادية شركية وكفرية بما فيها الدول العلمانية الآن ، وتعمل العلمانية في حربها ضد الدين في كل زمان ومكان على فصل الدين عن الدولة وعن حياة الناس، و(تحجمه في المساجد وفي ضمائر الناس)، وتحكم الناس بغير ما انزل الله ( يعني اذا واحد زنى واحدة في الشارع إمرأة ما دام برضاها ، لا يطبق فيه شرع الله باعتبار ان القانون مدني ديمقراطي وحرية ليس فيه حدود)، وهذا ينطبق في كل الأحكام والحدود والمعاملات .

وعندما اتى العلمانيون ( الشيوعيون وغيرهم) عندنا في السودان، بثورة مايو اول ما طالبوا به وطبقوه هو فصل الدين عن الدولة، والغاء كل الاحكام التي تمت للدين بصلة، وأنشوا ا الاتحاد الاشتراكي وطبقوا الاشتراكية في الاقتصاد، وطبقوا الحرية لدرجة اباحوا فتح البارات والمواخير ، بإعتبار الحرية وهذا ما حدث الان بعد ثورتهم هذه في ٢٠١٩ التي أتتنا بسيداو وما اداراك ما سيداو.

العملية لنا كمسلمين ان كنا كذلك فعلا ، ليست اسلام سياسي ، انما هي سياسة الإسلام في الدولة وحياة الناس.

خصوم الإسلام يرتضون لأنفسهم أن يمارسول السياسة العلمانية، ولكن يرفضون السياسة الإسلامية ، ويسمونها الإسلام السياسي ، تنفيرا منها، واستنكار لهذا الطابع من الحكم ، بإعتبار انهم علمانيون يدينون بأيدولوجية فصل الدين عند الدولة ، ويدّعون الديمقراطية والسلام والعدالة لكنهم بدل السلام يحاربون خصموهم ، وبدل الحرية يغمطون حق خصومهم ، وبدل الديمقراطية يظلمون شعب قوامه ٩٩.٩٩% من المسلمين ألا يطبق شرعه وقناعاته في حكم نفسه ويفرضون عليه حكم الأقلية. 

تعليقات
Loading...