الرفيع بشير الشفيع يكتب :فروسي، وعبودي، وحمودي

الخرطوم :مرايا برس

إسم الطفل هو مسؤولية على والديه، وحق من حقوق الطفل أن يختار له وآلداه أسماً جميلا ومناسبا ويحمل معاني وقيم الشعب ويتماشى مع ثقافة مجتمعه، ويضيف له قيمة وتفرد، ويشعره بالعزة والكرامة، والمحبة بين الناس ، وهو يمثل رمزية وماركة للمسمى، ويؤثر على وجدانه ونموه الإجتماعي والحسي ويؤثر في ذوقه وتصرفاته وإحترامه بين الناس ، فلا تلينوا أسماء أبنائكم لئلا ينكسروا.

بدعوى التمدن وإدعاء المدنية، تجتاح رياح التغيير أسرنا ابتلاءا وتحدي آخر، مسكوت عنه يتمثل في تمييع أسماء أطفالها وشبابها، حتى أصبحت أسماءهم أشبه بمسوخ مشوّهة من الكنايا والألقاب، والله يقول( بئس الإسم ، الفسوق بعد الإيمان)، لكن لقلة فقهنا الديني فإننا نصر على كسر ولي وتليين وتمييع أسماء أطفالنا.

أنا ضد تليين وتمييع أسماء ابنائنا، بدعوى (الدلع) والمحبة الطاغية.

الولد يسميه أبوه محمد على خير خلق الله ، ويسميه بعض أهله( حَمُودي)، ويُسمى فارس فيسموه فروسي، ويسمى خالدا على سيف الله المسلول، ويُسموه خلودي، ويسمى حسام على سيف باتر فيسمى حسومي، ويُسمى حاتم فيصبح حتومي، وياسر فيصير يسوري وعمر يمسى عموري!!!

قابلت أحدهم وعمره يقارب الثلاثين فقلت له ما إسمك، فقال لي زهّوري، فقلت في نفسي يا خيبتك ويا خيبة أمك وأبيك، وهذا هو نتاج الصدمة من هذا التمييع في الأسماء الذي أصبح يعم بيوتنا، حتى وأنك تشعر بأنك أمام قفص من العصافير تناديها أمهاتها وآبائها، فهذا خدورى وذاك صفوري وآخر حموري، ويا أرض أحفظي ما عليك.

والله لا أدري لماذا هذا التمييع في الاسماء وثقافة التمييع، والحكمة تقول ، إخشوشنوا فإن النعم لا تدوم.

والله إذا سمعت أحدهم يقول لي رّفوعي، لشعرت بأن بناء عزمي وهمتي ورجولتي تنهال وتنثال من دواخلي وأشعر برخرخة أعضائي واعصابي، وربما لا تتحمل رجلاي جسدي من شدة الشعور بالتمييع.

يُقال أن للإنسان نصيب من إسمه، فمُحمدٌ ، يشعر بنعمة الله عليه من ملازمة حمد الناس ، ويشعر بالبركة في مسماه ، أقترانا واحترام لمعنى الأسم وقدسيته عند الله وعند الناس ، فيكون محمدا، وعمر يُعمّر ، وخالد يشعر في دواخله بالقوة مثل سيفٍ ينضو أمام كل هوان، وحسام يكون صلباً وناجزا وقويا وعزام يكون عزيزا وعازما وحاسما وأبيا، وحاتم تبنى جيناته على الكرم والعطاء.

ماذا سيفيدك عمُوري عندما يكبر، بعد أن كان عمر، ماذا يفيد غير النوم للضُحى، والتبطُل والتعطل، والرخرخة ولبس البناطلين الناصلة والتخزي والتميع في المشي والتولي يوم الزحف ، والتواري أمام سواعد الرجال ، ايام الشدة والمحاص!!!!؟ ماذا يفيد وهو يشعر بإستضعاف الكنية في جنانه وقد طبعت عليه معاني الرخرخة والأبتذال؟

الغريب في الأمر أن كثيرا من الأسر هذه الأيام، تركت ماضيها وإرثها وواقعها ، وأصبحت تتفنن في أسماء البنات ، مارا ولارا وراما مثلا ، وهم لا يعرفون أن هذه انها اسماء آلهة قديمة عند الهنود والرومان ، وانها أسماء ما أنزل الله بها من سلطان، وتجد أسم البنت لا يتطابق مع وزن الأسرة ولا مكانتها الإجتماعية ولا لغة أهلها ، ولا ثقافتهم ولا دينهم، ثم أنهم يعافون هذه الأيام، الأسماء الجميلة، التي لها دلالاتها ومعانيها، مثل آمنة وفاطمة وزينب وخنساء وأثيل ولبابة وهاجر ورقية وأم كلثوم وحليمة السعدية، إلى تلك الأسماء المبهمة.

تعليقات
Loading...