الرفيع بشير الشفيع يكتب : فصول عملية تقسيم السودان

الخرطوم :مرايا برس

 

( ٢) عملية فصل دارفور (الجذور والبذور). 

مقدمة:-
تمثل مشكلة دارفور ، الفصل الثاني من المشروع الكبير ،؛تقسيم السودان لخمس دويلات وفقا لخارطة برنارد لويس ، ضمن المسرحية الثانية لتقسيم المنطقة (العربية والسنية بعد تقسيمها عقب الحرب العالمية الثانية ونهاية الدولة العثمانية)

ولكي نوفي هذا العنوان حقه وبصورة شاملة ، لابد لنا *أولا* أن نعرف البذور والجذور لمشكلة دارفور، التي إقتضت خلق عامل داخلي من (عملاء وكومبارس) من الداخل يقومون بالدور المطلوب وفقا لأهداف ومخططات المشروع الكبير (تقسيم السودان لخمس دويلات) ، وبالتزامن مع ما يقوم به اللاعب الخارجي.

وثانيا : ولإكتمال الصورة ، لابد لنا من معرفة (ما يجري في دارفور الآن) وكيف يتزامن ذلك مع أحداث مشروع التقسيم الكبير ، وتنفذ أحداث الشقاء فيها وللسودان قاطبة، وفق جدول زمني ، تراتيبي ، استراتيجي ، ما بين العامل الخارجي والداخلي.

وثالثا : لابد أن نتطرق وبصورة مختصرة للجدول الزمني لمسرحية فصل الجنوب ومعرفة اللاعبين فيه ، والملابسات والإدعاءات التي تمت منذ ١٩٨٣م والى يونيو ٢٠١١ ، وغرز مشكلة دارفور في ٢٠٠٣ وسط غمرة الأحداث.

(١)الجذور والبذور.. 

١- أ) الجذور.. 
عرض البروفيسور ديفيد هولي ( Prof. David Hoile ) الباحث في الشؤون السياسية العالمية والأفريقية ، في كتابه الموسوم (إنكار العدالة ، حقيقة محكمة الجنايات الدولية Justice denied , the reality of the International criminal court ) ، تعرض لتأسيس المحكمة ودور الاتحاد الاوروبي فيها وتعامل المحكمة بالكيل بمكيالين نحو التعامل مع الأفارقة والاوروبيين والبيض عموما ، وتعرض للجهات التي تمولها، ودورها القانوني ، السياسي ، مع الصين واليابان ، والولايات المتحدة ضمن كثير من الدول التي ليست لها عضوية في المحكمة ( السودان لم يوقع على الميثاق الذي أنشأها مثله ومثل أمريكا وكثير من الدول الأوروبية) كما تعرض على الدور السياسي المشبوه والظالم ، والضغوط التي تمارسها على دول افريقيا، مثل السودان وكينيا وساحل العاج، وليبيا ومالي ، ولقرار الاتحاد الافريقي في اجتماعه العادي في ٣ يوليو ٢٠٠٩، في سيرت في الرافض لتسليم الرئيس السوداني عمر البشير وآخرين على خلفية ادعاءات محكمة الجنايات.( ص ٤٠٧).

وفي اربع وثلاثين صفحة ، أخرى خاصة بإدعاءات المحكمة على السودان ، (اعتبارا من الصفحة ٢٧٨ والى ٣١٢) ، عرض البروفيسور هولي،؛ تدخل محكمة الجنايات الدولية في السودان ، كلاعب أساسي، سياسي قانوني خارجي ، للضغط على السودان ودورها في دارفور منذ بداية عملية فصل دارفور.

كانت البداية العملية لمشكلة فبراير ٢٠٠٣ وفقا لبروف هولي ، عندما قامت مجموعتان مسلحتان من حركة العدل والمساواة وجيش تحرير السودان بمهاجمة عناصر من البوليس ومعسكر للجيش وعدد من المواطنين في المنطقة ، وقال المتمردون أنهم بدأوا هذا الهجوم، بمبرر عامل التهميش ، الذي إستنكره واحد من أبرز وأهم المراقبين السودانيين ، ونشطاء حقوق الإنسان المستقلين ، السيد غازي سليمان ، بقوله أن الحرب التي بدأت في دارفور ليس لها أي علاقة بموضوع التهميش او توزيع الثروة.

ووفقا للسيد هولي فإن الحرب قد بدأت بين المجموعتين المذكورتين وبين الحكومة وربما وصل ما يربو على العشرين فصيل، الان (تمت اول طباعة للكتاب في ٢٠١٤)، وقد بدأت كأي حرب مدنية بالترويج المحكم صاحب كامل الحرب ، ما ادى لطمث الرؤى للمجتمع الدولي.

وقد وصف السيد ألكس دي وال Alex de Wall، المناهض لحكومة الخرطوم مشكلة دارفور بأنها “قد بدأت بتحرشات بين المناوئين للحكومة والجيش الحكومي ووكلاءه ما بين ٢٠٠١ الى ٢٠٠٣ وقد تسارعت بشكل لم يك في حسبان أي من الفريقين”.

*١- ب) البذور*
يبدو مما ذكر أعلاه أن دوافع مشكلة دارفور بدأت ببذر بذور الفتنة ، من لا شيء وكان العامل الأساسي هو إدعاء التهميش ، وعدم الإعتراف به من شخص واحد في السودان وهو السيد غازي سليمان، ما نعتبره سببا واهياً وتحاملاً مقصودا من بعض الجهات السودانية وأولها الحركات المسلحة( المكون العسكري) لمجموعات حاربت مع الجنوب حتى إكمال فصله في ٢٠١١ ، وفي غضون ذلك وبالتزامن مع تقدم قضية الجنوب نحو الفصل ، بدأت عملية فصل دارفور ، العملية المركبة ، المكبسلة في فصل الجنوب ضمن كامل مشروع ومخطط تقسيم السودان.

هناك الكثير من البذور والشخوص والجهات الخارجية من منظمات عالمية ، تشترك في جريمة تقسيم السودان وتمثل مشكلة دارفور الفصل الثاني بعد فصل الجنوب من ضمن مخطط خماسي الفصول ، وإذا تم فصل دارفور كما يراه كل ذي بصيرة ، فإن بقية المشروع ستنفذ وفق الخطة المرسومة.

*ثانيا : ما يجري في دارفور الآن*

توجس كثيرٌ من المراقبين بعد تعيين طاقم الحكومة الجديدة، وفقا لمحاصصات حكومة ٢٠١٩ الانتقالية السابقة ، ذات التوجهات والأجندة المتكاملة والمشاركة في فصل جنوب السودان بالحرب على الشمال منذ ١٩٨٣ ، والتي يتهما البعض ان الخطة (ب) في منظومة المشروع الخماسي ، هو فصل دارفور مما حدا بها لتعيين حاكم لدارفور بهذه المواصفات ، والذي يتهمه الناس في أنه أهم عنصر من عناصر الحركات المسلحة في دارفور والفصيل الذي بدأ شرارة الحرب كما جاء في كتاب هولي ( المرفق بعض صفحاته) ، والكثير يهمس بدور الرجل فيما يجري في دارفور الآن وربط دوره منذ ٢٠٠٣ والى الآن بالعوامل الداخلية التي تتزامن مع الدور الخارجي لمكونات منظمة الأمم المتحدة، كمحكمة الجنايات وتفويض مجلس الامن لها، ودور مجلس الأمن نفسه في السودان ودور الولايات المتحدة الأمريكية واللوبي الصهيوني في السياسية السودانية اعتبارا من ١٩٨٣ بداية معركة فصل الجنوب ، ودور هذه الواجهات الخارجية المتصل الى الآن ، وربما الى تحقيق كامل المخطط الخماسي على السودان ، ويتوقع المراقبون أيضا ، إحياء طبول محكمة الجنايات الدولية من جديد والتشديد على تسليم عدد من قادة الإنقاذ بالتزامن من شرارة حرب فصل دارفور ، ومن المتوقع أيضا بدء تثوير وتفوير مناطق نزاع اخرى لها علاقة ايديولوجية وأمنية وأشواق لإنفصالها ، وتأجيج الحروب في تلك المناطق بسبب الصراع الطبقي نفسه في دارفور ، كما بدأ الآن في سنار بين قبائل الكنانة والقِمر ، وبدأ في الجزيرة بين القبائل الأصيلة والنازحين في الكنابي ، وإدعاء انفجارات في معسكر الشجرة ، وفي جنوب كردفان محلية بليلة، وردم كل ذلك على الحكومة المركزية والدعم السريع والجنجويد، لإدانتهم وتدوير الحرب عليهم، في هذه المرحلة ، من الخطة (ب)، ونحن نسمع تحامل وتحميل ( المنسقية العامة لمعسكرات النازحين) كامل المسؤولية لحكومة المركز “الإنقلابية على قولهم “، وهذه المنسقية نفسها، يتهمها البعض بأنها واحدة من أوكار إشعال الفتن والحروب كجناح أصيل من العامل الداخلي في خلق واستدامة حرب دارفور.

نواصل ان شاء الله :-

ثالثا : ربط ما يجري في فصل دارفور (الآن)، بما جرى في فصل الجنوب. 

تعليقات
Loading...