الرفيع بشير الشفيع يكتب :كيف يحمي السودانيون مبادرة الشيخ المبجل ود بدر

الخرطوم :مرايا برس

مثّلت مبادرة الشيخ الطيب الجد من حيث مقام الشخصية والمكان ، ومن حيث المكانة الدينية والتاريخية وكاريزما القيادة، ووطنية وقوة الطرح، مثالا ومدخلاً مناسبا نحو توافق وطني إطاري يوصل الناس الى حالة من التوافق المنشود ويخرج البلاد من عنق الزجاجة الخانق جدا.

وشهدنا من التأييد الكثير المطمئن من سجادات الطرق الصوفية والأحزاب والشخصيات الوطنية ومن الحضور الكثيف للسفراء المعتمدين ، ورؤساء البعثات الدبلوماسية والمنظمات الدولية ، ما يمثل في حد ذاته بحثا عن طريق ينقذ السودان خلاف ما سلكه بعض أبنائه، ضده وضد بقائه ونمائه وضد علاقاته الإيجابية.

ما رأيته من فلسفة (الإحتواء والإلتفاف) من بعض السودانيين، على الأمور الهامة مثل هذه المبادرة ، بالتسارع والرَمل والتهافت والبصم على القبول بها مبدئيا، ثم يبدأ حولها التفاف ايجابي صادق، وستقوم عليها وضدها قائمة وقيادة الخصوم .

الإلتفاف السالب على أي حراك مجتمعي ووطني تصالحي، يكون غرضه إماتة أي مفعول لمثل هذه المبادرات حتى تنتهي الى النسيان وتراخي العزائم والإنفضاض عليها لتصبح ورقة صفراء يحتّها شتاء الخلاف والأجندة الخاصة والشقاء.

أعتقد أن على القائمين بالمبادرة وعلى رأسهم الشيخ المبجل الطيب ود بدر حماية هذه المبادرة من المتربصين بها ومن سارقي الجهود ومجيري الثورات وعديمي الضمير العملاء ، ولا أعتقد أن الرجل بحصافته وتجربته القانونية والإجتماعية ومعرفته دقائق الطبع السوداني وأجندة المشروع ومشاكسات العملاء ، يفوت عليه ما أقول ، لكن لأن هذه المبادرة ستكون الفرصة السانحة الأخيرة للسودان وللدول التي تريد خيرا للسودان وتتأثر بالمؤثرات عليه سلبا وايجابا، ستكون الفرصة السانحة لإيجاد مخرج يناسب الجميع.

أنا أعتقد أن المادة الوطنية لهذه المبادرة الإطارية ، وضعت في الإعتبار مدّ اليد البيضاء للخارج وتمثل دعوة لممثلي الدول الاخرى والبعثات والمنظمات، تمثل حالة من حالات قلب صفحة السودان، ليبدأ مشوار الحل والخروج من حالة الهدوء الذي يسبق العاصفة الى مرافيء الحل ، و تمثل ايضا مدخلا جديدا يُجسر الهوة بين تلك الدول وبين مشروع السودان الوطني والذي تمثل هذه المبادرة المدخل الحقيقي فيه، لوضع رؤية جديدة للتعامل مع الخارج، بصورة مختلفة تستوعب أهداف علاقات الخارج الإيجابية معه، وتصحح بصورة عملية رسالة ودور السودان ومشروعه الجديد في العلاقات الخارجية والتي ستبتعد عن محاص ومعترك الشقاق الداخلي، بعيدا عن التحالفات الخارجية ، الى مد اليد البيضاء لكل الدول وبغض النظر عن أحلافها ومواقفها، ليضع السودان بذلك أسس التعامل الخارجي من خلال الشراكات والمصالح المشتركة والسودان وقد وعى معنى ذلك تماما ووعى معنى أن تكون له علاقات أخوية حميمة راشدة مع العالم، تضيف الى رصيده الحميم، ونعتقد أن على كل الممثليات أن تسعى لتعزيز وتبني هذه المبادرة التي تمثل قاسما مشتركا لرضى السودانيين بل تمثل ثقافتهم وأسلوبهم في المسالمة والتعايش وحلحلة العُقد الخلافية.

هذه المبادرة بشكلها التصالحي، الديمقراطي تمثل مدخلا مناسبا لقبول أهم صيغ الحكم في العالم عدلا ورشدا، وهي النظام الديمقراطي الذي يسعى السودان أن يجد نموزجه الوطني الخاص به والذي يمثل ثقافته ودينه وأخلاقه ومكانته الديمغرافية، والجيو- سياسية ، والإقتصادية، بين المنطقة والعالم وأهمية ذلك النوزج للعالم؛ والسودان يعي هذه الأهمية الآن ، ويريد أن يقدم انموزجا جديدا للحكم الرشيد بما تمليه عليه مسؤوليته الوطنية والاقليمية والعالمية.

والسودان بهذه المبادرة قد خطى خطوة مناسبة لكي يقدم نفسه للعالم بصورة مختلفة ومناقضة تماما عن ما قدمه بها بعض أبناءه الذين غَبّشوا الرؤية العالمية والاقليمية وأوقروا صدور العالم عليه، كذبا وجوراً، وتبنوا إيصال رسائل خاطئة للعالم، لا تشبه السودان ولا السودانيين في كرمهم وحفاوتهم وقبولهم لكل العالم وبقلوب رحيبة ورحيمة ، خلافا لما صورّوا السودان للعالم على أنه البلد الضعيف والمريض والجاهل والهامل الذي يأوي الإرهاب ويتنكر للصحاب، ويجب محاربته ومقاطعته بل وضع اليد عليه ومواصلة تمزيقه، وهذه المبادرة تمثل المدخل المناسب لفهم جديد لعلاقة السودان الخارجية وخطوة مناسبة نحو تصحيح المسار، ولا أعتقد أن أي دولة ستلتف على هذه المبادرة بصورة سالبة ، لأن هذا سيتسبب لخلل في موازين المنطقة السياسية والاقتصادية والأمنية والديمغرافية.

يجب حماية هذه المبادرة أيضاً وتعزيزها من (سوس) البطانة المتزلفة كذباً، فكم من متقرب ومتبرك وبارك ومبارِك يمثل ضميره، ضمير سوء ورسولا لأهل السوء، وقد رأينا كيف أن أهل السوء قد خَثّروا وخَسروا وشيطنوا كثيرا من قادة الاحزاب والمنظمات المدنية والمؤسسات وغيرها حتى أصبح لسانهم، لسانهم، وخطابهم هو نفس الخطاب في حرب الله وحرب الوطن وحرب الشعب.

ما يرجوه الشعب (إلا من أبى) من هذه المبادرة أن تمثل ميثاق وطني اطاري يفضي بأسلوب جديد لتأسيس نمط جديد من إدارة السودان يبنى على دستور مؤسس على (مشتركات وطنية) وقوانين مستمدة منه، تحدث تغييرا حقيقيا وجديدا في ممارسة السياسة بطابع (ديمقراطي- مسودن) وأن تنهي حالة الممارسة التقليدية للسياسة وتنهي حالة الأنا والجزيزية والتضاد والتصاف السياسي بين الأحزاب، الأيديولوجيا والمشاريع الخاصة، الى حالة الوحدة والتعايش السياسي والإثني، وقد وصل السودان إلى حالة الدويلات المركبة التي تتمترس كل واحدة فيها برؤيتها الخاص وببندقيتها المشحونة.

أعداء مثل هذه المبادرات الوطنية والتي تمثل هذه المبادرة نموزجها الوطني القويم، الآن يحاولون الالتفاف على هذه المبادرة، وبعض الأحزاب والواجهات والذين فرضوا نفسهم رموز لهذا الوطن، الان سيلتفون على هذه المبادرة ويسعون بما أتوا من قوة وخبث لتذويبها وإماتتها، ونعتقد أن على الوطنيين وأهل السجادات في كل السودان ، الحرص على هذه المبادرة وحشد كل الطاقات لإنجاحها وتطويرها لميثاق شرف وطني يسع الجميع إلا من أبى، وأعتقد أن الكتلة الصوفية التي تمثل جوهر وثِقل الشعب السوداني، وتمثل أساسه التديني وتاريخه وتمثل الخط الوسطي والغالبية العظمى لأهل السودان، هم الأجدر بحماية وانجاح هذه المبادرة وتعزيز دورها والحرص على فاعليتها وتطويرها حسب المراحل لتصبح مخرجا صالحا ومباركا على السودان ، والشعب الآن يعتبر هذه المبادرة هي مبادرة صوفية بحتة تمثل تدين وثقافة وأخلاق السودانيين وتحمي حياض الدين من الذئاب البشرية.

تعليقات
Loading...