الرفيع بشير الشفيع يكتب : من فوائد وسائط التواصل. 

الخرطوم :مرايا برس

إذا نظرنا للجزء الملىء من الكوب في سائط التواصل الإجتماعية، أعني الجوانب الإيجابية منه، نجد أن هذا الجزء وهذه الجوانب محشودة بفوائد جمة للفرد وللمجتمع وللوطن.

قديماً كان التواصل بين الناس منذ أن بدأ الإنسان يُطوّع الحمام الزاجل، انتقل الانسان الى التواصل بالخطابات المكتوبة ، والى التلغراف والهاتف والفاكس التي تعمل عبر الأقمار الصناعية الى الوسائط الرقمية الحالية التي نراها اليوم والتي تعمل بالألياف الضوئية ، وقد سخّر الإنسان هذه الوسائط بصورة مدهشة إعتبار من الإيميل والواتسب والفيس وغيرها ، وساعدت في جعل العالم قرية صغيرة تسبح في هذا المحيط المتلاطم.

من نعم الله علينا في السودان أن سخر لنا هذه الوسائط ، وما أحدثته من حوار وطني بكل أشكاله، من منابر للسياسية والدين ومنابر إجتماعية وعلمية ، وفي ميادين العمل والاستثمار والتعليم وغيرها ، هو شيء ايجابي جدا ، وحميد وكنا نحتاجه فعلا ، ومن ضمن فوائده:-

– إيجاد منابر سياسية للحوار الجاد وتعريف الشعب ببعضه دون وسيط ، ووفر تواصلهم ببعضهم دون حواجز ودون مواعيد ودون انتظار ، وقد وفر هذا الجانب، الكثير من المواجهات المباشرة ، وساهم في ايصال أصواتهم ورؤاهم بصورة متاحة وشفافة جدا وحقيقية.

– اوجدت هذه الوسائط، منابراً مجانية لعملية إدارة حوارٍ عريض ، تلقائي ، ومُعبّر عن مواقف أي انسان واتاحت حرية التعبير ووفرت عدلا مناسبا، وضرورة هذه المنابر تكمن في عملية ايجاد بيئة وطاولات مستديرة للحوار نفسه ، مما أفرغ كثيرا مما في النفوس وأشبعها في التعبير عن نفسها ، وقد كان قديما من الصعب جدا أن تقف أمام رئيس او وزير او مسؤول في اي وزارة او مؤسسة وتعبر له عن رأيك بهذه الصورة.

هذا التعبير المباشر اتاح للناس التعرف على بعضهم والتعرف على وجهات نظرهم المختلفة ، وقدم فرصة كبيرة للنصح ووبيان الكثير من الأمور المخبوءة والغائبة عن الأطراف المتحاورة ، وبغض النظر عن توجهاتها والتي كان التعبير عنها يمثل هاجساً وقد ادى عدم التعبير عنها لسوء تفاهم كبير تراكم على مر الزمن وأحدث هذه المواجهات والمقابلات في الرؤى ، وقد انكسرت كل حواجز الخوف والتردد في التعبير ، وتحطمت الحواجز الكثيرة ، البشرية وألامنية التي كانت تحول دون وصال طبقات المحتمع وبين المواطن والحاكم، وبين السايس والمسوس ، وبين مُختَلف الإنتماءات الحزبية ، والمفاهيم والنظريات والايديولوجيا والدينية والوطنية،، كسر هذا التواصل الحواجز بينها لتتحاور في شتى الأمور الوطنية دون رقيب او حسيب ، وقد أحدث هذا النوع من الحرية (حرية التعبير) كثيرا من تقارب وجهات النظر ، وكثير من فضيلة التفاهم والتقارب في الفهم بين أهل المناطق المختلفة وطبقات الشعب، وتَعرّف الناسُ عن كثب على هموم بعضهم وعلى دواخلهم، وقد بانت الكثير من الامور السالبة والتي كان تمليها حفنة من الناس على الشعب في مختلف مناطقه يخدمون بها اغراض وامراض معينة وأنانية ذاتية والان بدأت تتحطم هذه الحواجز الظالمة ، ويزدهر التعارف بين مختلف اثنيات وأقاليم الشعب وقبائله.

ما يتوافر من حظوة في ايجاد منابر للحوار السياسي ، ينطبق على الجانب الاجتماعي ايضا، فقد اللقاءات بين الناس ، الأسر وبين الصحاب والزملاء القدامى وبين المواطنين في مختلف مناطقهم صعب للغاية ومكلف جدا ، فأصبح اللقاء الاجتماعي متاح بكثرة ووفرة ، فما ينطبق على الجانبين السياسي والاجتماعي ينطبق ايضا على الجوانب العلمية في عملية التعليم والتعلم وتوفير المدارس والجامعات والمعاهد وكل انواع العلوم ، وقد أصبحت الوسائط مكتبة ضخمة ومحيط متلاطم من توافر المعلومة لكل علم في الدين والصناعة والتجارة والفنون والاداب.

وما يتوفر من هذا وذاك يتوفر ايضا في الدعوة لله والتعرف على ديانات العالم وتقديم بضاعتنا ، الإسلام لهم بصورة مناسبة والتواصل مع العلماء فيهم وحوارهم بالتي هي أحسن ، وداخليا يحدث حوار اسفيري بين المذاهب وبين العلماء ، ويتلقى الناسَ النصح منهم ، ويجعل الوطن كله متاح امام الدعاة .

انا اعتقد ان الوسائط الرقمية والتواصل بها ،هي نعمة كبيرة جدا من الله ، وفرت علينا الزمن ايام هذه الندرة في الزمن ، والتكاليف الباهظة في التواصل الآن بأشكاله القديمة، وقد وفرت لنا اللقاء بين الناس واختصرت الجغرافية ، وإذا كنا سابقا نذهب من قرية لقرية ومن مدينة لمدينة لكي نوصل جملة او فكرة او رسالة وهذه تتطلب مالا وزمنا ، فإن النعمة في التواصل الرقمي الان تصب في صالح ثقافة اخرى هي ثقافة توفير الزمن والمال أيضا.

توفير الزمن واختصاره بهذه الطريقة على الرغم من أنه لا يطيل في عمر البشر ، لكنه يزيد من الساعات والأيام والوقت المهدر فيوفره وهذه زيادة إفتراضية ايضا ، بإعتبار ان وتوفير الوقت يمثل ايضا جزءا عزيزا في عمر الإنسان.

والناس في إهتبال هذه السانحة وهذه الإيجابيات التي وفرتها وسائط التواصل ، صنوف ، فمنهم من لا يجيد استخدام هذه النعمة فيهدر زمنه فيما لا طائل منه ، ومنهم من ينتهز أي دقيقة في التزود من هذا المحيط الضخم من العلوم وغيرها ، ومنهم من يتخذه ملهاة ولهو ولعب وضياع عمر، ومنهم من يتخذه مُعَلمّا للأخلاق والقيم، والدعوة لله وزيادة الإيمان فيتخيّر الطيبين.

والله سبحانه وتعالى ، رخّص للبشرية اللقاء والتواصل ، اذا توافرت في نجواهم (التواصل، والكلام بينهم)، الضوابط و الشروط الشرعية (لا خَيْرَ فِى كَثِيرٍۢ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَٰحٍ بَيْنَ ٱلنَّاسِ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ ٱبْتِغَآءَ مَرْضَاتِ ٱللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا).

اعتقد اننا في السودان وبدورنا ومسؤولياتنا عن أسرنا يجب أن نوقفهم على الجوانب الايجابية في الوسائط، وعلى النعم الكثيرة فيها وندلهم على الإيجابيات ونكشف لهم الغطاء عن السلبيات وضررها حتى يستفيدوا بأكبر قدر من هذه الوسائط .

والله من وراء القصد.

تعليقات
Loading...