الرفيع بشير الشفيع يكتب :نحو علاقات عسكرية مدنية إيجابية تصب في صالح الوطن

الخرطوم :مرايا برس

من المستغرب جدا أن يكون السودان هو المكان الوحيد في العالم وعلى مر التاريخ، الذي يحارب جيشه وقواته الأمنية، ويُشلّع أهم مظلة وطنية تمثل توفير عامل الأمن وتعزز سيادة الوطن !!! ومن المستغرب تماما أن نرى ذلك يحدث برغبة وفعل حفنة سياسية تعد على أصابع اليد الواحدة، تعتمد في قوتها وقواها على الخارج ، في أسوأ ظاهرة سياسية تمر على السودان في تاريخه التليد.

فالذي يحدث لقواتنا الأمنية ( الجيش والأمن والدعم السريع والشرطة)، من حرب وشيطنة وإهانة واستفزاز ومحاولات عزل وتفتيت وفتن بين مكوناتها ، ومحاولات تغيير عقيدتها ومبادئها ، وإعادة هيكلتها لتناسب الحالة المذرية،  التي وصل لها السودان منذ ٢٠١٩ والى الآن، المقصود منها حل وثاق أهم عروة في عرى السودان تمثل آخر قلاع القوة والعزة والشموخ فيه ، ليصل أعداءه وأعداء الوطن والشعب ، العملاء ، بالسودان لحالة الشلل الكامل والإقعاد الشامل.

إنّ أوسع وأخطر الثغرات التي يدخل بها شيطان الإنس ( اليسار) على الوطن هي ثغرة تصنيف مكونه الإنساني ، من خلال الهوية ، مناطقيا واثنيا، والتفريق بين مكونات الشعب، هذا عسكري وهذا أمني وهذا شرطي،  والآخر مدني ، والمقصود بشيطنة العلاقة بين العسكر والمدنيين ، وتوسيع الشقة بين العسكرية كمنظومة ، فكريا وعمليا واجتماعيا ، وبين المدنية ، هو تفتيت هذا الوطن ، ونحن نشهد منذ ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١،  تحاملاً ظالما ومجحفا، منقطع النظير ، ونشهد بصورة يومية تصاعد وتيرة الحرب على القوات الأمنية وممارسة عزلها وتوسيع الشقة بينها وبين الشعب( المدني) ، مع أن :-

١- العساكر وكل القوات الامنية، كسودانيين ، و كبشر لم ينزلوا علينا من السماء بأطباق طائرة،  ولم يأتوا لنا من مثلث برمودا ليتولوا مهمة أمننا وحراستنا، ويفرضوا أنفسهم علينا ، انما هم مكون ومن أهم مكونات الوطن التي لها تاريخها المشرف والمشرق والبطولي ، للدفاع عن الوطن ، وبصورة متصلة وثابتة على عمر السودان،  ولا تختلف جيناتهم ولا ألسنتهم ولا وجدانهم ولا أحاسيسهم  ، ولا دماءهم عنا ، إنما هم منا وفينا ومنا والينا ونحن منهم وفيهم ، ولأن يختار واحد من السودانيين دراسة كلية عسكرية ليصبح جنديا لوطنه يخدمه في أهم ثغوره،  ويختار الاخر كلية ( مدنية)، علمية او أدبية ، ليصبح مهندسا او طبيبا او معلما مدنيا ، فهذا يجب الأ يقدح في حقوق العسكر وانسانية العسكري او ينتقص من حقوقه الدينية ، والمدنية والإجتماعية والقانونية شيء، كما أنه يجب الأ يصب في صالح مدني على حساب عسكري بأي صورة من الصور ، بإعتبار الحقوق الوطنية والدينية والاجتماعية والثقافية المشتركة.

٢- اهمية دور العسكري لا تقل عن أهمية المدني بل تفوقها بأي حال ، فإذا كان الأول منوط به حفظ الأمن وضبط ايقاع الحياة أمنيا ، وحماية الوطن ، والشعب ( المدنيين)  وتوفير بيئة مطمئنة ، لكي يقوم الثاني بعمليات تطوير الوطن ، وتنميته ، وإدارته  في الجوانب المدنية الاخرى، وهذا يتطلب إحترام وتقدير ما يقوم به كل جانب بحسب أهميته ، لكن الحماية نفسها وظيفة لها مؤسساتها الوطنية العسكرية التي لا تقل شأنا عن أي مؤسسة أخرى ، وتتكامل في تكامل هيكل واداء مؤسسية الدولة وأي خلل ، او نقص او إقصاء لأي مؤسسة في هذا النسيج ، يسبب خللا لأي وطن ويوقف عجلة نماءه وتطويره ، وهناك عشرات المشتركات بين تلك المؤسسات ، تصب مصلحة أي واحدة في الاخرى بصورة دائرية تمثل( مكينة وقلب) الوطن النابض وتخلف او عزل أي واحدة فيها تسبب خللا يستدعي معالجته ، بضبط نسق وعمل هذه المؤسسات ، فمن أين جاء انطباع او أحقية المدني على العسكري في ادارة الوطن ، وأي يحق يستحق مدني على عسكري في ممارسة حياته الإجتماعية والتدينينة والثقافية بصورة عادية مثله ومثل أي سوداني ، وهل وضع نياشين على كتف أحدهم يجعله نشازا انسانيا لا يستحق ممارسة ونيل حقوقه؟.

٣- إدارة المنظومة العسكرية، أكثر جدية وانضباط وأكثر تماسك وهيبة وأكثر احتراما في كل الدول ، واحترامها من جانب المدنيين يعتبر فرض وطني واجتماعي ، لتكامل الأدوار و المصالح والحوجات، وأي مناداة ومطالبة بعدم احترام الجيش واعتبار دوره دور حارس فقط لا يحق له حتى التعبير عن وطنيته او المشاركة في تطوير وطنه او حلحلة مشاكله ، يعتبر نوع من (الأنا المدنية)، وهو منفذ لإيجاد المزيد من الثغرات ليفعل أي حزب او منظومة مدنية ، ما تشاء، دون رقيب رادع ، ونحن نرى كيف تعطلت مؤسسات التشريع والقانون لينفلت الأمن وتعم الفوضى ، فمن أين جاء الوصم بكلمة (إنقلاب) على وضع أقل ما يوصف به انه جعل الوطن في كف عفريت.

 ٤- تعتبر حراسة حدود الوطن من أهم أولويات وواجبة العسكر، لكن من أكبر همومه وواجباته أيضا ، التدخل في الوقت الحرج والمناسب لحماية داخل الدولة وهيكلها ومؤسساتها وانسانها وحماية مقدّارت الوطن وعدم تركها للإنفلات الاخلاقي والتفلت المدني ، لممارسة الأمراض والأغراض السياسية لتحكم جهة مدنية معينة على بقية المكونات المدنية والسياسية، بالتدخل لفرض هيبة الدولة ومساعدة الجهات الامنية الاخرى عند الضرورة وقبل أن ينفلت الأمر،  ليكتمل دور العسكر بين الحدود والداخل، فمن أين جاءت عملية المطالبة والفرضية على الجيش أن يبقى في ثكناته او أن يحرس الحدود ( فقط)!!!؟ ليترك المدنيين أي كان نوعهم او فكرهم او مشروعهم ، يعيثون في الأرض فسادا ، وما هو الهدف والمعنى في أن يحرس العسكرا ، حدودا ، لوطن مائر الداخل بالفوضى والدمار والخوف والرعب في مدنه ومركزه وقرآه ، غير آمن في سربه وغير مستقر وكل يومٍ يتجه نحو الهاوية!!؟

إن الضغوط والاستفزازات ومحاولات عزل الجيش عن شعبه وعن دوره المتكامل في حفظ الأمن وإقعاده عن اداء دوره ، وشيطنة العلاقة بينه وبين المدنيين والمدنية والشعب ، وجعله مثل ( حارس بئيس) لا حراك له ولا هم ولاهمة لما يحدث في الوطن في هذه المرحلة الحرجة ، ومحاولة الفتن بين مكونات القوات الامنية ، وتصويرها بصورة ( المنزل من السماء)، وقطع وشائجه الوطنية والإنسانية، ورفع يده ، ومحاولة تغيير عقيدته وتفتيته ، وهذه الحرب اللعينة من اليسار، و التي تحدث على جيشنا وقواتنا الأمنية جميعها ، بما فيها الدعم السريع ، منذ أن أفترضت على السودان شروط العلمانية ، وبرزت وجوه اليسار السوداني من ثنايا ثورة ٢٠١٩ ، تعد الأسوأ من نوعها على مر التاريخ وتعد الأغرب والحالة الوحيدة في كل دول العالم ، ولم أر شعبا يهين جيشه ، حاميه ومحاميه بهذه الصورة السيئة والجاهلة في حين ، ليترك وطنه زريبة لبغاث الأمم وهوامل الرعية.

لماذا ولمصلحة من يحدث هذا!!!؟. 

تعليقات
Loading...