الرفيع بشير الشفيع يكتب : همسة دافئة في أذن السيد الميرغني عبر محمد المعتصم

الخرطوم :مرايا برس

مع احترامنا للزعيم الميرغني وللاخ محمد المعتصم حاكم ، الذي بدأ حملة واسعة للترويج لعودة السيد الميرغني، والتحشيد السياسي لحزب ” الاتحاد الديمقراطي “، وقد أورد في آخر مقال له ، مليونيات أستقبال الميرغني، فيما أورد ، جملة ( *عاد للحد من أي تدخلات خارجية في الشأن السوداني*) وهو يقصد السيد الميرغني.

فنقول له أن هذه جملة غير أمينة وغير صحيح المقاصد، للأسباب الآتية:-*

نعم ، يُشكر للسيد الميرغني رفضه( ولو ظاهريا) التدخلات الغربية والإستعمار الجديد للغرب عبر القحاطة..

ولكن :-

ماذا عن التدخلات المصرية في السودان؟

هل يستطيع السيد الميرغني ومحمد المعتصم حاكم وغيرهما تغيير كلمة ( الإتحاد) التي تدل دلالة كبيرة جدا على أن المطبخ السياسي لهذا الحزب يوجد في مصر؟

هل يستطيع السيد الميرغني أن يقنع مصر لتغيير سياسة ( النخر في مناهج السودان وملف المياه ، والسياحة ( الآثارية)، وملف التجارة التفضيلية، ونهب المنتجات الخام وتغليفها على اساس انها انتاج مصري ، تحت ماركة”صنع في مصر” وكل قوانين التجارة العالمية تحرم ذلك، والآن مصر تدخل بها السوق الأفريقية ، في التجارة التفضيلية خلال منطقتي التجارة الحرة الأفريقية، والثلاثية) لتستفيد من ذلك مصر بدلا عن السودان صاحب الحق الذي خُلقت الفوضى الخلاقة فيه ليبقى كسيحا لا انتاج ولا نماء ولا إدارة ولا حكومة، ليأتي السيد المرغني ويرجعنا ثلاث واربعين عام لأجواء اتفاقية الميرغني- قرنق، وليُسّيد علينا الورّاث إمعانا في إطالة ليل السودان؟.

لا نريد أن نسأل السيد الميرغني ، لماذا إتخذ مصر مركزا لمعارضة وطنه طيلة ثلاثين عام، فهذا يخصه ، ولكّن نريد أن همس في أذنه، أن الشعب السوداني ، كله يعرف ماذا تعني مصر، كملجأ للمعارضة، ويعرف تحايل مصر بمسرحيات إغتيالات رؤسائها ، لإحتلال مناطق عزيزة من وطننا تذخر بالنفيس من النفائس وتمثل منفذا بحيرا عالميا يمكن للسودان أن يستفيد منه ، والشعب لم ينسى قصد مصر في تبادل جزيرة صنافر لتلغي اتفاقيته مع أشقائه في البحر الاحمر مع السودان وهناك اعظم الثروات.

والشعب لم ينس دور مصر في تأجيج العداء على السودان ايام حرب العراق ودخوله للكويت.

هل يستطيع الميرغني تحت شعار (الإتحاد مع مصر) أن يقنع مصر بالتخلي عن حلايب وغيرها؟ وان ترفع مصر يدها عن تأليب الجوار على السودان ( الذي بدأ حديثا منذ ١٩٥٣م عندما دخل الصاغ صلاح سالم للجنوب وكون مع الكنائس انانا ٢، ليؤسس لعداء مستدام بين اطراف السودان، والغازي صلاح سالم يتم الاحتفال به سنويا في مصر بإعتبار انه بطل الشقاق بين جنوب السودان وشماله ) والذي ضمن ولاء الجنوب وزعزعة الشمال لتنساب المياه لمصر ، بأكثر من حصتها، هل يستطيع؟

السيد الميرغني وحزبه مؤهلان جدا للتأثير في السياسة المصرية تجاه السودان، وتغيير النظرة السياسية المصرية( الأستعلائية والأستغلالية)، هذه السياسة الموغلة في القدم منذ أيام الهكسوس والاكسندر الأكبر وكيلوباترا، موغلة في أستغلال ملف الحضارة والآثار، واعتبار حضارة وادي النيل مصرية خالصة؟ وقد نهبت مصر وطمرت أعظم حضارات العالم تحت السد العالي وفقد السودان على إثرها أعز المدن وأعرقها وأعرق القرى حضارة وتاريخا، هل يستطيع؟

هل يستطيع السيد الميرغني والسيد الموّرث الجديد ( أي كان)، أن ينصح مصر بأن عقلية العالم كله وعقلية السودان قد تغيرت تماما وأن السودان لا يقبل الاستعمار ( المبطن)، والان يرفضه، ولا يمكن أن يستبدل عمالة بعمالة ولا استعمار بأستعمار ذوي القربى، الأشد مضاضة، وان السودانيين لم ينسوا بعد ، الاستعمار ، التركي – المصري ، والإنجليزي المصري ، والهكسوسي المصري، هل يستطيع؟

هل يستطيع حزبكم الموقر أن يقنع مصر أن السودان والسودانيين يمموا قبلة (التغيير الإيجابي) وانهم سوف لن يقبلوا بزعامة جديدة ، ترمي السودان مرة أخرى في مزبلة تاريخ وسلة ( اتفاقية الميرغني- قرنق ) المشؤومة التي لم تبدأ بإسم الله أيضا ، وأول بند فيها إلغاء قوانين الشريعة الأسلامية، هل يستطيع السيد الميرغني أن يقنع مصر ، أن سودان اليوم وانسان السودان اليوم ، يختلف تماما عن إنسانه قبل الإستقلال ، وان السودان سوف لن يرجع للوراء ، وأن كثير من السودانيين يعرفون معنى وقصد هذه( الزفة) السياسية لزعامات احزاب ، ارتمت في حضن مصر ثم جاءوا في أواخر أعمارهم، وهم يُحملون على السواعد( طبّ العصب)، ليورثوا لنا من أطفالهم أسيادا جددا سوف لن يستطيعوا ان يحيدوا قيد أنملة عن إملاءات مصر وتوجيهات مصر ، وتبعية مصر، التي لا تقل سوءا عن غيرها، مما يدعى الحزب أن يريد الحد من التدخلات الخارجية ( الغربية)، وما الفرق؟

لا تحسب أخي أنني ضد هذا الحزب في شخوصه وولاءاته وجهوياته، لكن أريد أن أذكركم وأنصحكم فقط، أن ذاكرة هذا الشعب الأبي لا تنسى ولن تنسى، وأننا في القرن الحادي والعشرين نرفض الاستعمار أي كان نوعه ، وأن الجهويات والولاءات العمياء للخارج قد انتهى دورها، وأن العالم الآن لا يقبل دولة يتكيء زعمائها على عصا ويتبختر ورّاث مصيرها بالقفاطين التي لا تسمن ولا تغني من جوع ، وأن السودانيين الآن يتنافسون حول الرؤى وحول البرامج ، وليس عبر الولاءات المقدسة التي ذهبت مع الريح ، مهما كان نوعها.

*نحن نريد اتحادا حقيقيا وايجابيا وندّيا وعادلا مع مصر ومع أي دولة تحيط بنا ، ومع أي دولة شقيقة عربية كانت او افريقية او اجنبية ، طالما أنها تحترم سيادتنا، وعزتنا في ارضنا ولا تتدخل في شؤوننا الداخلية طالما اننا نحترم كيانها كدولة ، لكنا لا نقبل إعادة استعمار في صيغة أخرى ولو كان عبر السيد الميرغني او غيره*

خالص الود

تحياتنا للسيد الميرغني ومرحبا به عزيز قوم ، طالما إستغلته بطانته واستغلت مكانته الدينية للتوقيع على اتفاقيات لا تشبه اخلاق الرجل ولا نبله ولا مكانته الدينية ولا ميراثه ، ولا تؤدته ووقاره ، وقد دفعته به للجوء السياسي في أفضل ايام عمره وهو العزيز في وطنه ، للإرتماء في احضان دولة وان كانت عربية ومسلمة وجارة و(مؤمنة بأهل الله كما يدعي البعض)، إلا أن تاريخها أسود معنا وصحائفها شائهة بأدوارها ومشاركتها في كل استعمار أتى على السودان وعلى خير السودان.

زمن الغتغتة إنتهى يا حاكم

تعليقات
Loading...