الروائي واسيني الأعرج:صورة العالم العربي منحدرة والنظام العالمي الجديد يلعب دور في تدمير هذا الجانب.

الشارقة :مرايا برس

الشارقة :مرايا برس 

مدينة الشارقة اضحت ملتقى للكتاب والإعلاميين والمثقفين من كل مكان، يلتقون ويتبادلون الآراء والمعلومات والمعرفة وتدار في هذا الحدث الثقافي الكبير، واعني به معرض الشارقة الدولي للكتاب، عشرات الحوارات الفكرية والثقافية ويتبادل الجميع الآراء. التقينا بمعرض الشارقة الكاتب والأديب والمترجم الجزائري واسيني الأعرج وادرنا ومجموعة من الإعلاميين حوارا حول ترجماته الأخيرة.

* بدأت ترجمات لروايات ألبير كامو ماذا عنها؟.
اخذت الطاعون ورواية أخرى وبإذن الله نهاية ٢٠٢٣م تكون الترجمة جاهزة. اخذت أيضا مراسلاته لصديقته، المرأة التي أحبها، تجد لديه ذائقة في الكلام وهو المعروف عنه الجمود وبرودة كلماته مثل قطع الثلج لكن في المراسلات تكتشف شخص آخر تماما، رومانسي ومراهق لأبعد الحدود، وقد فضحته هذه الرسائل، لكني أحببته جدا لأنني وجدت الإنسان الذي كنت أبحث عنه في هذا الجانب.
*ماذا عن هذه الصديقة التي أخرجت منه كل هذا الجمال؟.
حبيبته كانت إسبانية تدعى ماريا كازاريس، والكتاب به (١٢٠٠)صفحة تضم (٨٢٥) رسالة واثني عشرة عاما من الحب، لم يتوقف هذا الحب إلا بعد وفاته في حادث السيارة المعروف،وإلا لكان بقي على هذا الحب.
*ما الجديد الذي تضيفه هذه الترجمات؟.
الجديد هو هذه الرسائل وهذه الجوانب من البير كامو التي لم يكتشفها القارئ، وقد قسمنا العمل لجزأين، من سنة ١٩٤٤م إلى سنة ١٩٥٠م هذا الجزء الأول، وتقريبا اكملت المراسلات. ولدينا شركاء في المشروع تحمسوا له بعد أن رأو الجدية في العمل، واقترحوا أن يسيروا بالمشروع لأجمل ما يكون، واصلا هو رهان كونك تترجم اكثر من سبعة أعمال روائية ورسائل رومانسية وبالطبع سننجح فيه، ولذلك ستتأجل كتابة الروايات قليلاً ريثما أكمل هذا المشروع.
* الدافع والمبرر لإعادة الترجمة؟
كل ترجمة لها مبرر ويجب أن تختار الموضوع الذي تريد ترجمته وتكتشف اذا كانت هنالك نقائص حتى تعمل على الترجمة، وانا اكتشفت هذه النقائص وبالطبع النقائص مبررة تاريخيا لأن البير كامو في الأربعينات والخمسينات والستينات كان وجوديا، والوجودية لها دور في العالم العربي، وكان لها حضور كبير ولذا التقطها الناس وكانت هنالك سرعة في الترجمة فكان التسرع في ترجمة هذه الروايات، ورغم اندثار الوجودية لكن النصوص الروايات لها أهميتها وتأثيرها، ولها علاقة بالموت والخوف وصراع الإنسان مع نفسه، صراع الإنسان مع محيطه، الظلم الإجتماعي وكل هذه الأشياء هي قيم إنسانية لكن يجب توصيلها بلغة العصر حتى تترك أثرا في القارئ.
*رغم وجود كتاب عرب مميزين إلا انهم لا يفوزون بنوبل، أين الكتاب العرب من نوبل؟.
أجاب ضاحكا، هذا السؤال يطرح على جائزة نوبل، وعلى المستوى العالمي فإنني كشخص يتابع الحركة الثقافية عربيا ودوليا نرى أنه لا ينقص العالم العربي شيئاً لكي يفوز بجائزة نوبل، لكن هناك شيء ما، فحتى صورة العربي تلعب دور. فحينما أعطي جائزة نوبل للعربي، ماذا سيحدث هل سيكون هنالك رد فعل قوي كما في أمريكا اللاتينية وأوروبا وغيرها، صورة العالم العربي للأسف منحدرة، ونحن مسؤولين عن هذا قليل ولكن أيضاً النظام الدولي الجديد، يلعب دور في تدمير هذا الجانب، والعربي يحتقر نفسه قبل أن يحتقره الآخرون، وهذا تم تثبيته، ونحن حينما نقول لماذا لا تعطونا جائزة نوبل فكأننا نشحد منهم الجائزة، أكيد هنالك حسابات وهنالك أشخاص جيدون لكن كله خاضع لنظام يتجاوز إرادة الأفراد ، لنأخذ ادونيس مثلا ماذا ينقصه ليأخذ جائزة نوبل، وما الذي كان ينقص محمود درويش أو حتى الكاتبة الجزائرية آسيا جبار وصلت الجائزة الكبرى الألمانية ونالتها وصلت لمجلس الخالدين في الأكاديمية الفرنسية لكن نوبل وصلت مرتين لكن لم تفز ولا ندري ما هي الأسباب هم يقولون ان الأسباب لغوية لكني لا أعتقد ذلك فهي تكتب باللغة الفرنسية لكن هذا لا يمنع.
نجيب محفوظ يستحق الجائزة وظننا أنه سيفتح الباب لمن خلفه، لكن صار العكس مثل الذي فتح الباب ثم اغلقه خلفه.
اما عبدالرزاق جاء في هذا السياق أنا لم أقرأ له وهذا تقصير منا وربما عدم الترجمة للعربية وهو غير معروف في العالم العربي بل ليس معروفا حتى في فرنسا، حتى فوزه بجائزة نوبل مر بشكل ساكن وهادئ، ليس هناك هذه الضجة والهالة التي تصحب في الغالب جائزة نوبل.
* رمادة ١٩؟
روايتي ليلة رمادة اقتبست وتم تغيير اسمها وأصبحت رمادة ١٩ وهي تتحدث عن الكوفيد ولكن ليس الكوفيد كمرض، لكن كمرض رمزي مثل الفساد والظلم الاجتماعي وذهاب حقوق الناس وعدم الديمقراطية وهذه كلها كوفيدات مخبأة. هنالك شاب اقتبس الرواية وحولها لمسرحية.
*هل نحن أمام تاريخ عربي حقيقي؟.
حينما يتأمل المرء التاريخ العربي يجد أنه اما تاريخ أنظمة أو تاريخ سلالات وأما تاريخ مجموعات بشرية، أو سياسية وغيرها، لكن ليس هناك تاريخ بالمعنى الحيادي والمعنى المطلق، ولهذا الإعتماد على التاريخ في الرواية التاريخية أمر جيد، لأنك من هذه المادة التاريخية تعيد إنتاج التاريخ وتعيد مسآلة التاريخ وتوجد نصا تاريخيا والرواية ليست نصا تاريخيا بالمعنى المطلق لأنك تعطيها من تفسيراتك ومن وجهة نظرك والكاتب يأخذ المادة التاريخية ويعمل عليها ويخرج منها نصا روائيا فيه تماس مع التاريخ ولكنه رواية. أكبر الأخطاء التي يقع فيها كتاب الرواية التاريخية، وهذا طبيعي لأنه يحتاج إلى تجربة، أنه يأخذ المادة التاريخية ويضعها في الرواية، فأنت لن تكون مؤرخا ولن تكون روائيا. عليك أن تكون روائيا في المقام الأول، أنت ككاتب لديك مشروع لديك قضية تعمل عليها ، ثم بعد ذلك تستدعي المادة التاريخية، لأن المادة التاريخية ليست مطلقة الحقيقة. أنا حينما كتبت رواية الأمير أكبر المصائب جاءت من وراء رواية الأمير وكذلك معظم الجوائز جاءتني من وراء رواية الأمير، مثلاً جائزة الشيخ زايد، وجائزة الصداقة الفرنسية كذلك وجائزة المكتبين من وراء رواية الأمير، والقصد أنك يجب أن تدخل هذا العالم بصدق وتتحمل ضربات الظهر، احيانا الناس لا تفهمك جيدا، وقد يصادر الكتاب وغير ذلك.

تعليقات
Loading...