السودان وأثيوبيا.. هل يتغلب صوت الرصاص على صوت العقل.

الخرطوم :رجاء شوكت

دعا خبراء دبلوماسيون وسياسيون الخرطوم وأديس أبابا لتغليب صوت العقل والحكمة في التعامل مع ملف الحدود بدلاً من تصعيد الأمر عسكريا ، وكان أن إحتشدت جيوش البلدين في الحدود بعد تطهير الجيش السوداني للمناطق التي كانت تسيطر عليها جماعات أثيوبية متفلتة في الفشقة الصغرى والكبرى في الثلاثين عاما الماضية في ظل صمت سوداني غير مفهوم ، وتعالت الأصوات الرسمية الأسبوع الماضي بعبارات تحذيرية ، آخرها تحذير وزارة الخارجية للدولة الأثيوبية بوقف الطيران في فضاء المناطق المتنازع عليها بعد إختراق طائرة عسكرية أثيوبية الحدود السودانية ، فيما جاءت التصريحات الأثيوبية عدائية نوعا ما حيث رفض المتحدث الرسمي للخارجية الأثيوبية الإعتراف بإتفاقية 1902م التي تنص على سودانية المناطق المتنازع عليها ، بيد أن ذات الإتفاقية هي من منحت منطقة بني شنقول لأثيوبيا.

ويقول الخبير الدبلوماسي د.علي يوسف أنه من الواضح أن العلاقات السودانية الأثيوبية تمر بمرحلة خطيرة على مستوى التحشيد في أعقاب دخول القوات السودانية في الفشقة وهي مساحات كبيرة ، ويمضي يوسف في حديثه أنه حسب التوصيف في إتفاقية 1902م  أن هذه المناطق سودانية ، بيد أنه تبقى فقط ترسيم الحدود، ولكنها ظلت تحت سيطرة الدولة الأثيوبية في غياب الحكومة السودانية وهاجر اليها المزراعون الأثيوبيون للاستفادة من الاراضي الساشعة .

وفيما يتعلق بالناحية القانونية يقول يوسف أنه يفترض ألا يكون هناك خلاف حول أيلولة المنطقة ، أثيوبيا التي لا تريد الإعتراف بهذه الإتفاقية على أنها من صنع دولة إستعمارية وتتحاجج على ضوء هذه النقطة بأن الإتفاقية  غير قانونية الا أن اغلب الإتفاقيات الحدودية في إفريقيا من صنع الإستعمار ، وأراضي بني شنقول التي انضمت الى أثيوبيا من صنع الإستعمار الى  جانب إعتراف منظمة الدول الأفريقية التي تعترف بهذه الإتفاقيات، وكذلك الأمم المتحدة ، ويعتقد يوسف إن تصريحات المسؤولين الاثيوبيين تصعيد مدروس ، وما تقوم به الشفتة تتم تحت حماية الجيش الأثيوبي لإبقاء هذه الأراضي تحت سيطرة الدولة الاثيوبية كما هو الحال الان وأعرب يوسف عن إستغرابه من حديث الأثيوبيين عن إستغلال السودان للصراع الداخلي في التقراي ،  بإدخال قواته الى الأراضي الاثيوبية إلا أن اثيوبيا  تحاول إستغلال الخلافات بين المكون العسكري والمدني ،  ويوافق يوسف موقف المكون المدني بعدم جدوى المواجهة في هذه المرحلة ، وقال ينبغي أن يتحفظ الطرفان على هذا الوضع الراهن ، وأن تعود اللجان المختصة لترسيم الحدود .

وأضاف يوسف أن الموقف السوداني واضح ولا مبرر لأثيوبيا لرفضها الإتفاقية وعليها أن تعترف بنفس الإتفاقية التي منحت بني شنقول لأثيوبيا ، كما أنها تقيم سدا بالقرب من الحدود السودانية التي لا تريد الإعتراف بها ، وتابع ” لا يجوز هذا الكلام”  وينبغي الا تلجأ اثيوبيا الى إستغلال الظرف الذي يمر به السودان وخلق عداء بين شعبي البلدين وأن تعالج بالوسائل الدبلوماسية و لابد من ضبط النفس واللجوء الى الحلول القانونية وقال ” ليس  هناك داع للجوء الى المواجهة العسكرية”  ، ودعا يوسف  الإتحاد الإفريقي  للتدخل لوقف تدهور الأوضاع وعدم إنزلاقه الى وضع أكثر تعقيداً.

من جانبه أعرب المحلل السياسي سعد محمد أحمد عن دهشته لإصرار البعض على ضرورة إستخدام الوسائل العسكرية في حل مشكلة الحدود مع اثيوبيا بالرغم من عدم إستنفاذ كل الفرص المتاحة لحلها ، وقال أن البلدين ليستا على إستعداد للدخول في حرب في ظل الظروف الحرجة التي يمر بها كليهما ، وأضاف أن هناك جهات لها مصلحة في إشعال الحرب ، مؤكدا أن القيادة السياسية في البلدين أمامهما أكثر من وسيلة لتجاوز المشكلة.

تعليقات
Loading...