الناقد السوداني إبراهيم الإعيسر يكتب عن النقد والنقاد ونماذج أدبية.

الخرطوم _مرايا برس

أن تنقد (نص) هو أشبه بحالة تحقيق في جريمة معقدة تتعقد عقدتها أو تقل بعقدة (النص) نفسه من حيثيات التلاعب باللغة الذي يغيب معها النص (أدب سليم بركات) نموذجاً ، تعدد الشخوص (رواية مئة عام من العزلة) نموذجاً ، والحبكة التي تعقدها حيثيات اللغة وتعدد الشخوص نفسهم، أضف لهما تعددية المشاهد السردية.. الإطالة أو السرعة في الإنتقال من مشهد إلى آخر.. السرعة المصحوبة بمجازيات (حجي جابر) نموذجاً، (العشرة صفحات الأولى من رواية سمراويت) بالأخص..
أي ما يحتاج له الناقد هو ((الذكاء)) و(الإدراك) و(التركيز العالي جدا) الذي هو الآخر يساعد على (الإدراك) نفسه ، مع الإلمام المعرفي بالأدب عموماً واللغة التي قراء بها الناقد (النص) وطبيعة المجتمع والمكان الذي دارت فيه أحداث العمل (هذا ما يعتمد على البحث الجيد أو المعايشة الواقعية للمجتمع والمكان)..
فالبنسبة لي: النقد هو عملية (تفكيك) تعتمد على (محقق/شاطر) أكثر من كونها تعتمد على أدوات نقد كلاسيكية (متحجرة) أو على قوالب نقد أدبية جاهزة متعارف عليها.
فالناقد الفذ هو الذي يظهر في العمل ميزات لم ينتبه لها صاحب العمل نفسه.
أم إذا ضربنا المثل بالتجربة السياسية: أن أنجح السياسين الذين تم تنصيبهم لرئاسة الوزارت كانوا ناجحين بحسن ((تفكيرهم)) وليس بشهاداتهم الجامعية في مبداء الأمر، لذا دائما ما أقول (معايير إختيار الوزير يجب أن تأتي أولاً للحسن الفكري ثم المؤهل الدراسي) فالأدوات الدراسية الكلاسيكية لا يمكن أن تصمد أمام التقلبات الاقتصادية التي قد تصبح أحياناً حرب (موجهة/متعمدة) لتدمير أطراف منافسة إقتصادياً (كورونا) نموذجاً (إذ صدقنا في واقعية الأمر أنها سلاح بيولوجي لضرب البورصة الأوروبية).
أعرج إلى قاعدة مهمة (الكتابة الجيدة يصنعها ناقد جيد والناقد الجيد تصنعه كتابة جيدة).. لكن هناك أربعة أنواع من النقاد الذين توسع إنتشارهم في خارطة الثقافة العربية ساهموا في إخراج الاف الكتب الرديئة وجعلوا من جائزة مثل نوبل المشكوك في نزاهتها بمثابة حلم (وردي) للقلم العربي، هم من خالفوا تلك القاعدة: الناقد (الخائف/المهزوز) ، (المرتشي/المادي) ، (المصاحب/المجامل) ، (العاطفي/الصعلوك).
* أقصد (بالمصاحب/المجامل) الناقد صديق صاحب العمل.
* (الخائف/المهزوز) هو الذي يهاب تعرية الخلل الأدبي للكُتاب من النخبة الأدبية، فترتكز عمليات نقده على (المحاسن) الأدبية.
* (المرتشي) هو المرتشي.
* (المادي) ناقد مؤسسات النشر (المأجور) الذي يلتفت للربح والخسائر بتوصية من الناشر.
* (العاطفي/الصعلوك) واضحة.
فأظن إن كنا نبحث عن مكانة مرموقة للأدب ((العربي)) أن يكون لنا وجود: للكاتب المرتبك من الناقد والناقد غير المرتبك من الكاتب..
وقاعدة مفهومية (في كل عمل أدبي نقص)!.

تعليقات
Loading...