اليوم سينتخب البرلمان الإثيوبي آبي أحمد لولاية ثانية بحضور أردوغان ورؤساء أفارقة.

ترجمة وتحليل :عبدالقادر الحيمي

– لترقد بسلام روح امى والتى قالت لى وانا صبى صغير ، ستكون ملك اثيوبيا السابع. 

-خطاب آبي احمد في ابريل 2018 في البرلمان الإثيوبي عندما انتخبه رئيسا للوزراء )

-الإنتقال الديمقراطي فى اثيوبيا اهو مهمة مستحيلة؟ في ظل انقساماتها العرقية العميقة؟
إن الإنتقال من الإستبداد الى الديمقراطية ، هو ليس مسار خطي او نظري ، بل هو عملية معقدة في دول العالم الثالث. ففي الواقع ان الإطاحة بنظام استبدادي ، او انهياره وإجراء انتخابات روتينية ، من العبث ان يترجم ذلك ان هناك ديمقراطية افرزت نظام حكم منتخب ديمقراطيا. أي لا يوجد تغيير حقيقي أدى الى الانتقال الديمقراطي المطلوب ، وهو ما حدث عدة مرات في اثيوبيا ، اذ ينحصر التغيير في الإطاحة ” بالسيد القديم ” ليحل محله سيد اكثر استبدادية .
كانت هناك عدة فرص ضائعة في اثيوبيا في الماضي للتحول الديمقراطي وجعل المشاركة السياسية اكثر شمولية وديمقراطية ، كما حدث فى سنة 1974 عندما اطاحت ثورة شعبية بالنظام الامبراطوري، لكن استيلاء العسكر على السلطة، 1974 – 1991 والقيود التي فرضها على مشاركة القوى السياسية ، ادت الى ظهور العديد من حركات التحرر المستندة على الطبقية والعرقية القومية وذلك في السبعينيات وانتهت بالإطاحة بنظام منغستو هيلى مريم سنة 1991 العسكرى بواسطة تحالف جبهة تحرير الشعوب الاثيوبية EPRDF بقيادة الراحل ملس زيناوى .
رغم ان النظام الجديد كان اكثر انفتاحا فقد ادت سياساته الى انسحاب قوى سياسية مؤثرة مثل جبهة تحرير الاورومو OLF واتجهت للمعارضة. وتحول الانتقال الديمقراطي الى حكم استبدادي مرة أخرى بحكم الأمر الواقع .
في سنة 2005م كانت هناك لحظة مناسبة للتحول الديمقراطى ، حيث جرت انتخابات اكثر انفتاحا وديمقراطية الا ان الخلاف حول نتائجها ، أدت الى بروز حزب حاكم واحد ، والى ظهور حركة ( قنبوت 7) المسلحة . تلك الإنتخابات اظهرت ميول الحزب الحاكم الاستبدادية .
لذلك يقول البعض ( ان التعددية في جوهرها في اثيوبيا تؤدي الى قيام دولة الحزب الواحد)
وصارت الإنتخابات مجرد ( عروض لطقوس) وهى عملية روتينية رسمية بدون خيارات سياسية انتخابية تنافسية تعرض على الناخب.
وتكررت الفرص الضائعة للتحول الديمقراطي في انتخابات 2016 وفاز فيها الحزب الحاكم بكل المقاعد ولم تنال المعارضة اية مقعد ما عدا مقعد واحد لنائب مستقل ، وكانت إشارة المعارضة للتزوير الذي حدث في الإنتخابات ، لذلك يقول الإثيوبيين ان ( الفوز في الانتخابات مائة في المائة، يبعث برسالة الى المتمردين المحتملين .
وهكذا تطورت الإحتجاجات التي قادها الاورومو ثم شاركت فيها كل الأقاليم الإثيوبية الى الإطاحة بنظام جبهة تحرير الشعوب الاثيوبية EPRDF واستقال رئيس الوزراء ديسالين ، وفي هذه الظروف جاء آبي احمد رئيسا للوزراء .
ان توفير حل سياسي وليس عسكريا لمشاكل اثيوبيا الحالية أمر فى غاية الأهمية يأتى مع اتفاقية سلام حيث ينبذ الفاعلون مقابل تقاسم السلطة ، والقضية الرئيسية هنا لابد من ان يكون الإنتقال شاملا بما يكفي لإستيعاب جميع الجهات ذات الصلة. وعدم القيام بذلك يعني ان المستبعدين المهملين سيستمرون فى تهديد النظام مما يجعله هشا او يدعوه الى إنتقال تفاوضي جديد.
أن آبي أحمد حمد ضلل الإثيوبيين بخطبه المدروسة جيدا خلال الستة أشهر الاولى ، الا ان لونها الحقيقي قد جاء سريعا بعد ذلك .
كما ظهر لاحقا وفيما بعد فى كل الأقاليم الإثيوبية ارسل جيوشه لحل قضايا سياسية وعزل رؤساء حكومات الأقاليم اذ لايمكن ان تظهر الديمقراطية عن طريق العنف ناهيك عن ان تترسخ.
يعتقد الحزب الحاكم (حزب الرخاء- PP باختصار) الآن أنه يستطيع تعزيز سلطته بدون التقراي وعن طريق تهميش أجزاء كبيرة من أوروميا. مع اقتراب الحديث كثيراً عن إنتخابات 2021م ، هناك حزبان سياسيان رئيسيان يدعيان أنهما يمثلان أوروميا: الكونغرس الفيدرالي الأوروموي (OFC) وأجزاء من جبهة تحرير أورومو (OLF) ليسا في مسار الحملة الإنتخابية . وهكذا تستمر دورة الإقصاء والتهميش ، ومن تركهم ما زالوا يهددون النظام. الاستبعاد يولد العنف ولا يمكن أن يحقق الديمقراطية. تستمر المجموعات في إعادة تدوير السلطة بالتناوب ، وقد قامت إثيوبيا بطريقة ما بإضفاء الطابع المؤسسي على الهشاشة السياسية من هم في السلطة يقومون بتهميش الجهات الفاعلة الرئيسية الأخرى والذين تم إهمالهم ينتصرون ويعودون ويكررون نفس الخطأ وتستمر الدورة. وهكذا أصبحت الهشاشة مؤسسية في إثيوبيا.
سيعيد اليوم البرلمان الإثيوبي إنتخاب آبي احمد رئيسا للوزراء لدورة ثانية مدتها خمسة سنوات وهو خاطب البرلمان الإثيوبي فى الثانى من ابريل سنة 2018 عندما انتخبه رئيسا للوزراء ( لترقد بسلام روح أمي والتي قالت لي وانا صبي صغير ، ستكون ملك اثيوبيا السابع ). 
هذا هو ملك اثيوبيا السابع وعقليته التي سيدير بها التحول الديمقراطي في اثيوبيا وسيحضر مراسم تتويجه في البرلمان عدة رؤساء افارقة من بينهم عرابه الاكبر اسياس افورقى ويتقدم الجميع الرئيس التركى رجب طيب أردوغان .

تعليقات
Loading...