بروف هاشم علي سالم يكتب:نقوش سالبة في الفكر الإقتصادي السوداني

الخرطوم:مرايابرس

الشخصية السودانية شخصية مستهلكة و ليست منتجة، فيجب تحويلها إلى شخصية منتجة و هذا ينتج من عجز الميزان التجارى فأن الواردات تفوق قيمة الصادرات بعجز مقداره (7) مليار دولار.
الفكر الإقتصادي السوداني ضعيف و لا يستوعب إدارة موردين مع بعضعما في الإقتصاد (أبرتهم ما بتشيل خيطين)، كنا نعتمد على الزراعة منذ الإستقلال و حتى في الزراعة كان المحصول النقدى هو القطن فقط و كان عائد صادر القطن هو ميزانية الدولة في العام (1973)، كان صادر القطن (36) مليون جنيهاً و كانت تلك موازنة الدولة.
عندما ظهر البترول نسينا الزراعة تماماً بدلاً من أن نتوسع فيها و نطورها و إعتمدنا على البترول فقط للدرجة التي كان يمثل فيها البترول (98%) من العائدات، ثم فى (2011) إنفصل الجنوب و توقفت عنا عائدات البترول و أصبح ليس لدينا أى مورد إقتصادى، ثم ظهر الذهب فأخرجنا خيط البترول من أبرة الإقتصاد و إعتمدنا على الذهب فقط و الذي حل محل البترول، أيضاً الآن تدهورت عمليات إنتاج الذهب و التي وصلت في العام (2017) إلى (107) طن ذهب إلى (18) طن فقط في العام (2022)، و مازال السودانيون يبحثون عن مورد جديد آخر ليحل مكان الذهب أيضاً.
يمكن أن نمثل الأقتصاد بأنه قاطرة تدفعها (6) موتورات هذه الموتورات هي الزراعة، الصناعة، التعدين، الثروة الحيوانية، البترول و السياحة، هذه الموتورات السّتة يجب أن تعمل جميعها حتى لو بنسبة كفاءة بسيطة و يجب ألا يسمح لأى موتور منها بالتوقف، مشكلة السودان الإقتصادية أنه دائماً هنالك (5) موتورات متوقفة و يعمل موتور واحد فإذا توقف هذا الموتور يتوقف قطار الإقتصاد و تدخل البلاد في نفق الفقر و المجاعة و المسبغة و تلجأ الدولة إلى طلب الإغاثات من بقية الدول فإما أعطوك أو منعوك.

من الأخطاء القاتلة التي يتخدها القائمون على الإقتصاد السودانى هي:
اللجوء إلى سياسات البنك الدولى و صندوق النقد بأخذ القروض منه و لكن بدلاً من صرفها في مشاريع إستثمارية تنموية تعود بعائد مادي يستطيع ان يسدد قيمة القرض مع أرباحه نجدهم يأخذون القروض لصرفها على توفير مستهلكات للمواطنين أو على مشاريع ليست ذات عائد مادي فيدخل البلاد في ديون مع فوائداها المركبة، و هنا تكمن الخطورة أن تلك الدولة هي دولة فاشلة و يقوم البنك الدولي بفرض شروطه عليها ببيع بعض مشاريعها الهامة الناجحة لكي يستطيع أن يسترد منها أمواله.
يفرض القائمون على الإقتصاد ضرائب عامة على الصناعة و الزراعة و النشاط التجارى و الإستثمار و رسوم عالية على الخدمة المدنية من تراخيص و عوائد و حق عبور مما يرهق كاهل المواطنين مما يؤدى فى النهاية إلى إيقاف معظم الأنشطة الإنتاجية و يعجز المواطن عن دفع إستحقاقات الدولة مما يؤدى إلى عجز خزينتها.
من اكبر الكوارث الإقتصادية كانت هي رفع قيمة الدولار الجمركى خاصة نحن بلد لا ننتج إحتياجاتنا بل نستوردها (نستورد القمح و البترول و المنسوجات و الغاز و الأدوية و العربات و الأسبيرات و الأحذية و الأسمدة و الأعلاف و حتى قلم الرصاص) فنحن آمة مستهلكة تعتمد على الأستيراد فزيادة الدولار الجمركى يؤدي إلى تقليل الكميات المستوردة و إلى زيادة سعرها و إلى عجز المواطن من شرائها و الأخطر من ذلك يؤدي إلى تقليل إيرادات الدولة من الجمارك بدلاً من زيادتها.
أى دولة تريد أن تبني نفسها عليها أن تضع إستراتيجية واضحة لقطاع الإقتصاد و لكن مشكلتنا كل الإستراتيجيات التي وضعت لم تنفذ و تقفل في الأدراج إلى الآن لا تعرف مستقبل إقتصاد الوطن إلى أين و على ماذا يعتمد، هل هو إقتصاد آحادى أم مختلط و ماهي الرسالة الإقتصادية و ماهي رؤية إقتصادنا و ماهي السياسات التي نتبعها و ماهي الأهداف التي نصبو للوصول إليها و ماهي الإيجابيات و السلبيات و هل هنالك جهة تراقب عملية تنفيذ الإستراتيجية و تحميها من الإنحرافات عن الأهداف.
على القائمين على أمر إقتصاد الوطن أن يوقفوا تنفيذ سياسة البنك الدولي و صندوق النقد الدولي لأنها لم تنقذ إقتصاد أى بلد إتبع سياسة البنك الدولى بل أدت إلى إنهيار إقتصاد كل الدول التي نفذت تعاليمه و لنا في البرازيل مثال بعد أن إنهار إقتصادها نتيجة لسياسة البنك الدولي فأوقفت تنفيذ تعاليمه و إستعدل إقتصادها و في النهاية إقترض البنك الدولي من البرازيل بدلاً من أن يقرضها بشروطه المجحفة، و أسست مع دول آخرى مجموعة (BRICS) تتكون من (البرازيل، روسيا، الهند، الصين و جنوب أفريقيا) و نجحت هذه المجموعة، فيمكن للسودان أن ينضم إلى هذه المجموعة حتى لو منتسباً.
السودانيون لديهم عادات مجتمعية و تقاليد شعبية ورثوها من أجدادهم و لكنهم لم يطوروها و يمكنها أن تصبح سياسات إقتصادية عالمية إذا تم تطويرها و كمثال لذلك الصندوق أو ما يعرف “بالخته” أن يدفع الشخص مبلغاً مالياً ثابتاً كل شهر أو كل أسبوع و يجمع المال و يعطى لمن يحتاجه حسب ظروفه، و أيضاً عادات النفير للمساعدة في بناء المنازل و الزراعة و الحصاد، و أيضاً عملية شراء الذهب المشغول (أحفظ مالك) بدلاً من شراء العملات، و أيضاً إنشاء التعاونيات في الأحياء.

تعليقات
Loading...