بشارة جمعة أرور يكتب: تلك حُجَّة داحضة.

الخرطوم :مرايا برس

تومئ كل المعطيات و التطورات أن الوحدة أصبحت غاية ً وهماً قومياً ملحاً أو هكذا يجب أن تكون بعد أن قادتنا الصراعات السياسية والاجتماعية عبر الحقب إلى ما وصلنا إليها، وأفضى بنا إلى واقع أضحت فيه الوحدة الوطنية سلعة غالية، ولا يمكن اقتناؤها بمجرد رفع الشعارات البراقة و المعالجات السطحية الخاطئة، وإنما بالالتزام في تطبيق أشراطها الضرورية التي إذا إنتفت فإن ذلك سيشرع الأبواب لتقطيع أوصال الوطن، وهذه الأشراط تلزمها تغييرات إصلاحية جذرية رغم علمنا أن القوى السياسية ستختلف حولها حتماً ولكن لا مناص من ذلك. ونحن نؤمن بحتمية ترتيب الأوضاع على أساس التوازن القومي الشامل الذي سيؤسس إلى حالة التصالح و التسامح والتعايش السلمي التي يساهم فيها كل مكون أو طرف بما لديه من مقدرات مادية وفكرية وقيم ثقافية في علاقة تحقق مصالح و تبرز إسهامات جميع الأطراف بصورة متوازنة في السيمفونية التي تتناغم فيها الإيقاعات رغم تعددها و تتجانس الأصوات المرتفعة رغم تنوعها بحيث تشكل وحدة موسيقية رائعة، وهذا ما نسميه في حزب العدالة الوحدة في التنوع الموزون بميزان العدل، لأنها صنو العدالة والتوازن و الوسطية في كل شعاب الحياة العامة. و إن كان هناك تيارات كثيرة أيأستها مرارت التهميش و ويلات الحرب اللعينة الدامية والمتطاولة مع عدم إيجاد الحلول المثلى لهذه المشاكل في إطار الوحدة فأصبحوا لا يرون حداً للمعاناة إلا في فرض شروط بعينها أو الانفصال، وفي تقديرنا مهما كانت الدعاوي تخطي التقدير كثيراً، ولا نقول ذلك لأن الانقسام يناقض روح العصر وهي النزوع نحو الكيانات الكبيرة و التكتلات والاندماج لمقابلة تحديات العولمة فحسب وإنما لأنه بحسب أغلب المؤشرات لن يتحقق الأمر بمجرد تحقيق الانفصال كما يظن البعض خطأً بأن فض الاشتباك بفرض الابتعاد سيضع حداً… و هذا التصنيف غير صحيح على الإطلاق والشواهد تأكد ذلك في محيطنا الأفريقي حيث كلها تؤكد أن أسباب الصراع ليست بالضرورة في الانقسام العرقي أو الدين فمثلاً في ليبريا، أنجولا، رواندا وبورندي والكنغو لا يدعي أي من المتناحرين التفوق العرقي أو أفضلية دين ما. بل الصراع في أغلب الأحيان تغذيها عدم الارتقاء من مستوى الشعور القبلي و التناقضات في دوائر الانتماء الأضيق وهذه الحالة تبرز حالما إنتفت دوائر الانتماء الأوسع لذلك دعونا نعمل جميعاً لتوسيع دائرة الانتماء الأوسع في ظل السودان الموحد الذي يسع الجميع بالحرية والسلام والعدالة و الوجدان و المصير المشترك بجاذبية حبه والتفاعل من أجله وهذه هي الأشراط التي يجب تطبيقها كما أشرنا إليها آنِفاً.
فالانفصال على الأرجح تزيد حدة الصراعات بين الكيانات و المكونات فيما بينها ومع الجهة التي تم الفصل منها، كما لا شيء يضمن عندئذ أن يكون الصراع أقل مرارة و دموية من سابقتها.
ولكن كما قلنا فإن هذه الوحدة الموزونة في إطار التنوع ليست مسألة شعارات ونصوص في ادبيات السياسة و التشريعات فقط وإنما تتطلب رؤية مغايرة لنهج الفترات السباقة و جراحات أساسية في بنية النظام السياسي و الاجتماعي والاقتصادي لإعادة ترتيب الأوضاع في كافة المجالات بما يحقق العدالة والمساواة و التوازن بين جميع مكونات الكيان الوطني.
والتجارب أمامنا على الصعيدين الإقليمي و الدولي كثيرة للاقتداء بها، وحتماً سيتصدى لهذه الدعوة ذوي العقول الصغيرة و الأفق المسدود وأغلبهم أئمة العنصرية النتنة والعصبية المميتة والجهوية البغيضة مع رهطهم بتلك الحجج الداحضة التي ليست عديمة الأثر فحسب وإنما ذات أثر سلبي عليهم قبل الآخرين. ويا لها من تشويش لمن لا يرى أخطاءه وتجاوزاته أمراً شاذاً وإنما الشاذ في نظره رفض تلك الأخطاء و التجاوزات والعمل ضدها و تلك حجة داحضة. لذلك ندعوا الجميع إلى تأسيس كتلة تاريخية جامعة تتجاوز الأطر السياسية التقليدية التي تطغى عليها عقلية الهيمنة والسيطرة. ولقد دعونا من قبل إلى الحوار وقد كان ، واليوم ندعوا إلى المصالحة الوطنية الشاملة، وتحالف قوس قزح وها نحن نجدد الدعوة إلى التجديد وصناعة التاريخ بتشكيل كتلة تاريخية همها الوطن و وحدته.

تعليقات
Loading...