بعيون مفتوحة..الإعلام والتعليم والنموذج الرواندي.

خالد البلولة

*بين الإعلام والتعليم علاقة أزلية ومُشتركات لا تنفك أو تنفصم عُراها، والعِلاقة بينهما هي علاقة تَكامُل في أداء الأدوار.
والصِّلة المَتينة التي تَجمع بينهما ودورهما الاستراتيجي في بناء دولة المُواطنة التي ينشدها الإنسان السوداني ،كيف السّبيل إليها من دون استصحاب الإعلام بكافة تخصصاته المَسموع والمرئي والمقروء والوسائط التفاعلية
ومُهمّة الإعلام والتّعليم إشاعة الوعي وإلغاء الفَوارق الاجتماعية بين المُواطنين ودعم الثقة بين الحاكم والمحكوم وتمهيد الناس إلى الإيمان بسيادة دولة القانون وأنه لا كَبير عليه، وهُناك تَجَارب في دول قريبة منا جعلت من التعليم والإعلام مطية لتحقيق مآرب وأهداف تتنافى مع قيم العدالة الإنسانية ولنا في رواندا أُسوةٌ حسنةٌ، تقول اليونسكو إنّ رواندا من أفضل ثلاث دول في تجربة النهوض بالتعليم عام 2014، وهي لم تقفز إلى هذه المَرتبة بين عشيةٍ وضحاها. ففي عام 1960 كان التعليم مُتقدِّماً ويُؤهِّل الطلاب للمعرفة والعمل، لكنه كذلك يُرسِّخ للعُنصرية الشديدة التي أشعلها الاستعمار بين قبائل «الهوتو» و«التوتسي».
*تقول الكاتبة إليزابيث كينج، في كتابها «From Classrooms to Conflict in Rwanda» (هذا النّوع من التّعليم الذي يُرسِّخ للعُنصرية، كان عاملاً مهماً دفع رواندا لتلك الحرب الأهلية، كان التاريخ يُزيّف في المدارس، ويُرسِّخ الانتماء للقبيلة وليس البلد، وَأَضَافَت مناهج التّعليم الآن أصبحت شديدة الصّرامة فيما يتعلّق بالانتماء، أن تكون رواندياً فقط).
*يحكي «ديفيد موشمان» في مقالة بموقع «هافنجتون بوست» الكثير عن مُعاناة هؤلاء الأطفال: «الأطفال العائدون للمَدارس كَانُوا شاهدين على أفظع أعمال العُنف. أكثرهم كانوا أيتاماً، فقدوا أحد الوالدين أو كلاهما». ولم تكن إعادة الأطفال للمدارس بالمُهمة السهلة خَاصّةً أن أغلب هؤلاء الأطفال كانوا يعملون في أعمالٍ زراعيةٍ، وكان كل من الآباء والحكومة يرون الحَاجَة المَاسّة لاستعادة النّظام التّعليمي؛ فَوضعت الحكومة ميزانية خَاصّة للتعليم لإعادة المُتسرِّبين وتَوفير تَعليم جيِّد لأشدّ الأُسر فقراً والحد من العبء المادي على أُولياء الأُمُـور. فوضعت المناهج لتُحارب العُنصرية ولتغرس في عقول الأطفال فكرة تقبُّل الآخر المُختلف عرقياً ودينياً؛ ومُنع في المدارس انتساب الطفل لقبيلته.
*يُمكننا استلهام تجربة رواندا في التعليم لبناء دولة تُؤسّس على قيم المُشاركة والتّعاوُن والعدالة لبناء سلامٍ مُجتمعي مُستدامٍ وتوظيف الإعلام لتحقيق الأهداف المنشودة ويجب تنبيه المُجتمع بأهمية نشر التعليم بين أفراد المُجتمع والآثار السلبية المُتَرَتِّبَة على ذلك الأمر، والتي قَد تُقلِّل شَأن أكثر المُجتمعات توفُّراً على الموارد والثروات، فالموارد المُختلفة بحاجةٍ إلى إدارةٍ صحيحةٍ، وهذا يقودنا إلى دور الإعلام في تغيير الثقافة السائدة بالمُجتمع عَن عَدم جَدوى تعليم بعض الفئات المُجتمعية؛ كالإنَـاث.
*يقول د. مُحمّد الرصاعي في مقالة نُشرت بجريدة الرأي الأردنية (الإعلام والتعليم يلتقيان في طريق التنمية المُستدامة لبناء الأوطان، ويُعدان هم أسباب التنمية الإنسانية، فالإعلام والتّعليم يرسمان الخريطة الإدراكية للشعوب فتظهر واعية مُستنيرة.
*وهُنا تظهر أهمية الإعلام بشكلٍ عَامٍ وفي (مَناطق الصِّراع والأزمات عَلى وجه التّحديد) التي تُواجه مُشكلات مُتباينة في التعليم والتنمية المُتوازنة والمُستدامة بسبب الصراعات الجهوية والحروب القبلية وأهمية توظيف وسائله المُختلفة (الراديو والتلفزيون والوسائط الحديثة) في نشر التعليم بين قطاعات المجتمع.

تعليقات
Loading...