الدبليبة في مسيد العبيد ودبدر والكسرة التي لم تنقطع 170سنة.. حكايات لا تنتهي.

الخرطوم :مرايا برس

« للدبليبة » او الكسرة او العصيدة معجزة بقاء مدة «170» سنة دون ان تنطفئ نارها او ينفد طحينها ،بين النخيرة الى ام ضواً بان الى يومنا هذا في مسيد الشيخ ود بدر.
وللدبليبة قصة او انها كانت السبب في تأسيس هذا المسيد العامر بالايمان وتلاوة القران وهي التي تعد من ركائز مسيد ودبدر وفروعه. يقول الشيخ محمد بدر الملقب بـ «العبيد» فيما روى عنه انه بدأ سائحاً عابداً في صباه وكان يصحبه الشيخ محمد المقابلي احد احفاد الشيخ ادريس ود الارباب رجل العيلفون المشهور ،كانا يزوران المساجد والمسايد كل من مسيد الشيخ حسن ودحسونة وود الارباب وود البشير.
وفي يوم كانا فيه في منطقة الباقير الغربي ارادا ان يقطعا النيل الازرق الى الباقير الشرقي ثم الى العيلفون عن طريق المركب وذلك قرب المغيب فصادفهما رجل كبير في السن وقال لهما ان المركب عدا للشرق وما بترجع الا صباح الغد وفي الوقت نفسه دعاهما للمبيت معه وفي بيته اعدت زوجته للضيفين ود بدر والمقابلي عصيدة من دقيق الذرة واللبن فتناولا عشاءهما وفي الصباح عندما نزلا بالمركب قال : الشيخ ود بدر لصاحبه المقابلي «من اليوم هذا فراق بيني وبينك» فجزع المقابلي من هول المفاجأة وسأله عن السبب.. فرد العبيد ودبدر:
بعد تناولنا لقمة الكسرة التي قدمها لنا هذا الرجل رأيت في المنام ان القيامة قد قامت ووضع الميزان وكان يوماً عسيراً فوضعوا كل عبادتنا في كفة ووضعوا في الكفة الاخرى لقمة الكسرة ،فرجحت لقمة الكسرة.. فرأيت ما دامت هذه الكسرة لها اجر كبير بهذه الصورة ان استقر واعمل شيئين ،تدريس القرآن بفتح خلوة.. «وادي» الكسرة للضيفان ،وهذا يدخل ضمن معنى حديث رسولنا صلى الله عليه وسلم لقمة في بطن جائع «زي» جبل احد..وقوله (وافشوا السلام واطعموا الطعام وصلوا الارحام وصلوا بالليل والناس نيام.)
ويروى انه منذ ذلك الوقت قبل حوالى «170» سنة استقر العبيد ودبدر في منطقة خلوية تقع بمسافة «50» كلم شرق ام ضواً بان الحاضرة الآن.. منطقة سماها النخيرة وبدأ حياته باشعال نار القرآن «التقابة» لتدريس الطلبة، واطعام الضيوف والمارة بهذه العصيدة وقد لقب آنذاك بـ «عوج الدرب» ثم بعد بلوغه الاربعين اختار منطقة ام ضواً بان الحالية واسس مسيدها كان يقضي الخريف بالنخيرة ليزرع الذرة لتوفير الطعام لطلاب القرآن، وفي الصيف يجيئ الى ام ضواً بان الى ان استقر بها وبدأ مسيده يزدهر.
ويواصل الشيخ عمر العبيد صالح بدر حكاية الدبليبة.. هذه الكسرة منذ ذلك الزمن البعيد وحتى اليوم الطعام الرئيسي في تكية مسيد ودبدر وتسمى «الدبليبة» وذلك لانه بعد عواستها في صاج كبير ،تقطع بخشبة في شكل قطع متساوية وتحفظ في قدح من الخشب مرصوصة هذه القطع بعضها فوق بعض حيث توزع على الطلاب والضيفان مملحة باللبن او الروب او الفاصوليا وهنالك من يأتي للتبرك بها.
وظل الشيخ العبيد ودبدر يحث مريديه وطلابه باطعام الطعام وتكلم كثيراً عن الكسرة ،ومن ذلك قال «ادي اللقيمة، وعد الكليمة وزيل الصريمة وآخر الليل اخذ ليك قويمة شوف أكان ما تبقى من اهل النهيمة» وقال «ادي القرش وفرِّش البرش واملأ الكرش شوف كان ما الناس عليك تندرش». وكذلك قوله (الماعندو محبة ماعندو الحبة والعندو محبة ماخلي الحبة)
وقوله (هنية من صلي عشاهو ومرق بعشاهو وقام آخر الليل صلي ليهو ركعتين لي مولاهو)
ومن أين يأتي الطحين هل من جهة تعاون؟
المسيد لم يمد يده لاحد قط.. هذه الاشياء رحمة ربانية تأتي من حيث لا ندري.. بل المسيد يساعد المسايد الاخرى.
وكيف تتم عملية صناعة الدبليبة!. ؟
يوضع الطحين في صاج كبير ويحرك بـ «الملود» التي تستخدم في الزراعة المطرية, الصاج يسع لجوال من الطحين يتعاون اربعة من الطلاب او المريدين في صناعتها.. هذه الكسرة لا تنقطع عن التكية وفي اية لحظة طلبت فهي موجودة تستهلك التكية ما بين «10-30» جوال دقيق في اليوم.. فهنالك نحو «500 الى 1500» طالب قرآن وغير الضيوف «الدبليبة» طعامهم الاساسي في كل الوجبات.
ألم تنقطع في يوم ما؟
لن تنقطع ان شاء الله.. فالشيخ ودبدر سئل في حياته السؤال نفسه وقالوا له نخشى بعد رحيلك ان ينتهي.. فقال لهم : سألت الله اربعاً الا تنتهي من مسجدي الى يوم القيامة.. القرآن والاذان والكسرة والضيفان. 

(من مذكرات الخليفة الشريف عمر العبيد صالح ودبدر رحمه الله). 

تعليقات
Loading...