.خالد البلولة يكتب حكاية قصيرة بعنوان.. الأنثى الحسكنيت. 

الخرطوم :مرايا برس

الخرطوم :مرايا برس 

الى المدينة الطرفية في ناحية القضارف غادر جعفر بعد ان ودع امه وزوجته وبنته سليمة التي تعلقت بقميصه وهي تصرخ وتبكي وبللت دموعها فستانها الوردي برفقة ثلة كريمة من اهل الاعلام بحثا عن إمرأة ة بلغت من العمر عتيا المرأة تقيم في قرية تبعد عن مركز المدينة نصف الساعة الا عشر دقايق بسيارة الدفع الرباعي.
وصل جعفر الى هناك برفقة جماعته والشمس أرخت سدولها وأذنت بالرحيل الى خدرها. الميمون ،والأنعام تعود الى حظائرها والطيور الى أوكارها والناس الى مخادعها ،الا نحن نبحث عن منزل لرجل في صبيحة الغد يكون هادياً ودليلاً لرحلتنا التي نجهل وجهتها ولكن الإيمان والثقة يحدونا ،استفسرنا رجل(يشنق) عمته (وسفته) : من وين اااناس؟؟. 
نظر اليه السائق ملياً متفرساً وجهه : من البندر)!!. 
يلح الرجل فب السؤال : ياتو بندر ؟البنادر مي كتيرة ؟!!
تدخلت لمد حبل إلحاحه بيننا ،عسى ان نصل لبغيتنا :ات بتعرف ياتو بندر ؟. 
الرجل :بنادر كتااار ،الفاو والقضارف ومدني الخرتوم .
قلت : نحن من الخرطوم !!. 
علت الدهشة وجه الرجل :الخرتوم ؟اكيد ناس حكومة !!. 
سألته :ناس الحكومة شكلهم كيفنو؟. 
اجاب الرجل ضاحكاً :نضاااف ورهاااف وتخااااان..
رن هاتفي فإذا بالمحامي عبد الحميد يتصل مستفسرا: وين انتو الان ؟. 
ظل الرجل يراقب اتصالي ويتلصص على محادثتي ويتدخل بين حين واخر:
-قول ليه نحن في قهوة منتشة!
تركت له الهاتف : معاي منو؟. 
عبد الحميد المحامي وين انتو ؟
الرجل :نحن جنب قهوة منتشة بتعرفا؟
ترك الرجل الهاتف بهدوء لجعفر وقال :الاستاذ بدورك.
فهم جعفر من المحامي وجهتنا وسألت الرجل عن معرفته بالمكان الذط وصفه عبد الحميد المحامي فاجاب بالإيجاب وتطوع للذهاب معنا .
(٢)
في تلك المدينة الناعسة نشر القمر ضياءه في ارجائها ،بدأت هادئة كأن ضجيجها الصاخب في الصباح قد ابتلعته الارض وبدأ الناس يتجهون شطر منازلهم والسوق خالية الا من بعض المتسكعين في طرقاتها بلا هدى ولا كتاب منير ،،وترى هنا وهناك بعض الجالسين امام بائعات القهوة والشاي والكيف المستتر، واخرين يواعدون بائعات الهوى والمتعة الآنية وتسمع اصواتهم تعلو وتنخفض مساومين في سعر متعة آنية .
وصلنا منزل عبد الحميد ،المحامي ،لا يختلف كثيرا عن منازل المدينة التي تراصت مع بعضها البعض ،حائطه صنع من براميل قديمة والقطاطي التي تجاور المنزل بنيت من القش والطين و بيوت اخرى صنعت من خشب تشتم رائحته حينما تقترب منها، الأرض عامة يكسوها المحل والجفاف وبعض الحشائش الجافة من مخلفات الخريف.
سكن الليل والناس والهوام كل في مكانه الا جعفر بدأ يفكر في رحلة الغد ، بحسه الصحفي ادرك ان المعلومات عن المرأة شحيحة ويخشى ان يكون الرجل الذي اتصل عليه يخبره عنها قد أعطى الامر اكبر من حجمه ورويدا رويدا دب الخمول فط جسده وغط في سبات عميق.
(٣)
الخامسة تماما سمع صوت الاذان يأتي من بعيد (الصلاة خير من نوم ) استيقظ الجميع وفط منزل المحامى تراصت حافظات الشاي والقهوة واقداح الزلابيا ووجوه قروية مطمئنة منشرحة تطوف في فناء الدار الوسيع ،وتوزع فريق العمل كل يرتب مهمته.
(بت الحاجة )امراة امرها عجب يحكى عنها منوفلى الذى يعرف تفاصيل قصتها (منذ ان عرفناه لا تعيش بين النساء، ولا تحب مخالطتهن،فهى تعيش بين الرجال وتفعل فعلهم ويهابها الكبار والصغار )
تنهب السيارة الارض نهبا ،على جنبات الطريق تراص شجر الكوك بعناية فايقة والأغنام تغدو وتروح ،والنساء يحملن الحطب على رؤوسهن ، بدات القرية تطل برأسها ،وتقترب الوجهة. والقلوب تتلفت بحثًا عنها ،اشار الرجل الى منزلها ،صاح منوفلي بصوت جهير ( السلام عليكم ). 
جاء صوتها من الداخل (حبابك ) لم اميز الصوت لرجل ام امراة ،
قلت :وين بت الحاجة ؟
الصوت :حبابك الف تفضل
انتظرت قليلا حتى ترتدي ثوبها ،جاءتني  وصوتها يسبقها (حبابك) في جلباب طويل يشبه العراقي السوداني الذي يرتديه الرجال عادة وتختال كأنها طاوؤس، انتابني الشك ،هي التي أقصدها ام اخرى؟. 
قالت بصوت جهير :حباب الضيف .،
اعمل الدهر افاعيله على شعرها ،فكساه البياض (وسفتها)التي توهطت على شفتها العليا تنم عن خبرة متراكمة ،وتضع على ذراعها الأيسر سكينة ترقد في جراب صوت تناهى الى مسامعي صوت منوفلي يأتيني من بعيد :
(ابعد بت الحاجة لا تعيقك)
سألتها عن قصتها؟.. 
سكتت وجالت ببصرها الى السماء وشهقت وزفرت ووضعت يديها على خاصرتها واحمر وجهها غضباً، وقالت :قت شنو ؟قصتي؟. يقصوك اتنين اتنين ،ات مابتعرف بت الحاجة ولا شنو؟!
تذكرت رواية منوفلي عنها تركب البوكسي مع الرجال ويستهويها ان تضع (كراع جوه وكراع بره ) وتعشق لعب الكوشتينة معهم وتخرتهم ويخرتوها ويستعصي عليهم ان ( يستكرتوها) لذلك تضع سكينتها فوق ضراعها).
وتحسست بت الحاجة يدها اليسرى، فابتعدت عنها وما زالت ترعد وتزبد
وجاء صوت منوفلي من خلفي:
(أبعد بت الحاجة لا تعيقك)..

تعليقات
Loading...