خضر الأمين يكتب: دور السلام في الإقتصاد السياسي. مرايا برس

بالعلم والمنطق: مرايا برس

غالبيتنا ينظر بشفقة للأوضاع الاقتصادية و ما ينتظر الفاعلين من مهمة جسيمة تجاه إيجاد حلول جريئة ومبدعة لقضايا الإقتصاد والتنمية  المعقدة و التي لن تتحقق الا عبر وجهة واحدة هي العلم والمهنية حيث أن الإقتصاد ليس علم الصدفة و لا يمكن تؤثر عليه في غالب الأحيان العاطفة و الانجراف.

يجب ألا تمر كلمات محمد التعايشي التي القاها بخصوص تحقيق تسوية سلمية شاملة لنزع فتيل النزاع التاريخي والذي كان مؤثرا بفعالية علي النمو الاقتصادي في السودان بدون أن يتم تحليل أهميتها.

إن معافاة أي نظام إقتصادي في العالم تعتمد على تطبيق سياسات انفتاح داخلية ( أي داخل الدولة ) حيث تتمكن الحكومة من تخصيص موارد الريف لتنميته وفي حالة السودان أكبر الموارد التي تغذي شريان الإيرادات تأتي من الأرياف حيث قلة الاستهلاك و كثافة الإنتاج بينما يستولي الحضر علي هذه الإيرادات و يظهر ذلك في شكل السلوك الإستهلاكي في المدن مقارنة بالسلوك الإنتاجي في الريف وحوجة الحضر المستمرة لخدمات الرفاهية مقابل معاناة تاريخية للريف الأقصى و أرياف المدن ، هذا الأمر خلق مشكلتين كبيرتين ، الأولى الهجرة السالبة من مناطق الإنتاج الى المدن بحثا عن الخدمات ( التعليم ،الصحة وغيرها ) مع عدم القدرة على تحمل المدن لاحتياجات القادمين الجدد و المشكلة الثانية تفشي الإحساس بعدم العدالة والإنصاف في المناطق الريفية حيث ينتج الريفيون ( الإنتاج الحيواني والنباتي ) والذي يدر بغالبية الموارد المالية بالنقد الاجنبي و بينما تستغل هذه الموارد في استيراد مكملات الحياة في الحضر ( مكملات الرفاهية ) ، و للأسف هذه الممارسة التاريخية خلقت أرضية مناسبة و مبررات جعلت بعض السودانيين يحملون السلاح فانتشر النزاع في بعض المناطق في السودان أسوة بكثير من بلدان العالم.

النظام العالمي الإقتصادي والمالي يتعامل بحساسية مفرطة تجاه قضايا الإستقرار والسلام فلا يمكن أن تجازف بيوت الإستثمار و لا صناديق التنمية الإقتصادية في العمل في بيئة غير مستقرة كما أن النمو الاقتصادي يعتمد بشكل كبير و مؤثر علي النجاح في إنفتاح إقتصاديات الدول على بعضها البعض و احد وسائل الإنفتاح حرية و مرونة التحويلات المصرفية و كل ذلك مرهون بإشتراطات فنية أساسها الإستقرار و السلام فالحرب والنزاعات كانت ولا تزال أهم أسباب المقاطعة و الحصار الإقتصادي والذي بموجبه تأثر القطاع المصرفي والمالي في السودان تاثرا بالغا وبالتالي خطوة تحقيق السلام وايقاف الحرب هي أولى الخطوات نحو تحقيق الإستقرار الإقتصادي، فمثلا ، الحد من الفساد يتطلب عمل المنظومة المصرفية تحت ظروف مثالية وحسب للمعايير العالمية وهذا لن يحدث الا بعد أن يتم الإنفتاح المعتاد و السودان لازال يعيش تحت ظل إنغلاق غير معتاد قد لايمكن المصارف علي تطبيق القواعد المتعارف عليها في الافصاح وهي أول خطوات تطبيق الشفافية و عليه نجاح مجهودات تحجيم الفساد يرتبط بشكل كبير علي الانفتاح و الانفتاح يرتبط بشكل كبير على تحقيق السلام والإستقرار و سلمية تبادل المواقع لحكم السودان عبر إحترام قواعد الحوكمة المؤسساتية في الحكم ،الإدارة ، الإقتصاد ،الثقافة ، الإجتماع والرياضة و حتى في السياسة نفسها ، فحالة الهياج و الإندفاع العاطفي عادة ما تكون نهاياتها غير مفيدة.

و لنأخذ مثالاً، كتمديد حالة الطوارئ أو العمل تحت قانون الطوارئ فالمواطن البسيط قد لايكون ملما بخطورة القرار رغم ان كثير من الحكومات تلجأ إليه لتحقيق القدر المطلوب من إحتياجات السلامة ، لكن في المقابل قد يتسبب في تصنيف سلبي يترتب عليه نتيجتان  ، الأول تحجيم حركة الإستثمارات وربما خروجها و تعطيل انسياب التمويلات التنموية و تمويلات المساعدات الفنية و النتيجتين قد تتسبب في عدم قدرة إيفاء الحكومة بوعودها تجاه الشعب و تؤثر سلبا على قدرتها على الصرف على التنمية …

هذا قليل من كثير يمكن مشاركته بخصوص أهمية و ضرورة وإرتباط قضية السلام وايقاف النزاعات بتحقيق الإستقرار والنمو الإقتصادي.

تعليقات
Loading...