دموع الورد.. نوال خضر تكتب:الزوجة الثانية2-2

دموع الورد: مرايا برس

قلت فى المرة الماضية أن هناك حالات تدفع فيها الزوجة زوجها دفعاً للزواج وسردت لكم حالة المرأة التى حدت على شقيقها لمدة عامين فإضطر زوجها للزواج عليها حتى يتركها لأحزانها وهذه حالة نادرة جداً ، لكن الحالة التى نحن بصددها الآن حالة شائعة فى كثير من البيوت السودانية ، وأغلب الأزواج فيها ضحايا لزوجات مازلن يعشن بعقلية حبوبات القرن الماضى حيث لا يمكن للمرأة أن تنادى زوجها بإسمه ، او أن تأكل معه فى صحن واحد أو …، و هذه تحمل كمية من المحازير لنخرج فى النهاية بعلاقة زوجية ظاهرها الإحترام وباطنها جفاف وتصحر فى الأحاسيس والمشاعر .. ولأن ذاك عهد ولى ولم يكن أجدادنا يكترثون كثيراً لمسألة المشاعر هذه وأهم ماعندهم التوقير والإحترام لذلك كانت مراكب حياتهم تسير بهدوء منذ إنطلاقتها وحتى مرساها .. لكن الآن ومع الإنفتاح الإعلامى الفضائى أصبح التعبير عن المشاعر وإنتقاء العبارات الرقيقة من أهم المحفزات لإنبعاث الدفء فى عش الزوجية و إلاّ فإن جبالاً من الجليد ستقف عائقاً بين الزوجين وهنا سيجد الزوج نفسه مضطراً للتفكير فى من تبعث فى نفسه الإحساس بأنه كائن حى يضج بالحيوية وليس فقط كتلة لحم تمشى بين الناس.
وماأود الحديث عنه رجل فى عنفوان الشباب أحب أولاً ثم تزوج بحبيبته وكان يمنى نفسه بأن يعيش حياة أشبه بألف ليلة وليلة .. فهو يحب الحياة الرومانسية والعبارات الرقيقة ، فالحياة عنده أشبه بالحديقة الوارفة دائماً خضراء تفوح منها روائح الزهور العطرة ويشق صمتها صوت العصافير وخرير المياه. لاتهمه تفاصيل الحياة المادية بقدر مايهمه الدعم المعنوى الذى يجده من شريكة حياته.
ولأنه تزوج عن قصة حب توقع أن تمضى حياته كما يحب ويشتهى ، لكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه فقد مضت الأعوام الأولى من زواجه هادئة دون ضوضاء ، أنجب خلالها أطفاله الأربعة .. ومع المولود الأول فقد جزءاً من إهتمام زوجته لكنه لم يكترث اعتبر الأمر طبيعياً لأن هذه هى فطرة المرأة وهذا أول مولود يشعرها بأمومتها ودورها كأم واعتبرها حالة أى مستجد فى أى موقع كان !!
وجاء الطفل الثانى ..والثالث ..والرابع وبدأ الإهتمام يقل وكلما كبر العيال كلما تقلص وجوده فى حياة زوجته .. وبدأ الملل يتسرب الى نفسه ، وحاول بطرق مباشرة وغير مباشر إن يستعيد معها دفء الحياة لكن دون جدوى .. ووصل به الحال الى مصارحتها بأن الحياة هكذا لا يمكن أن تستمر ولابد من إيجاد تسويه لكن حجتها دائما ً كانت حاضرة ( شغل البيت ، الأولاد ، الضيوف ) .
كبر الأولاد وتقلصت المسئوليات لكن الفجوة بينها وبين شريك حياتها صارت أكبر حيث أغرق نفسه فى عمله وتركها لمنزلها .. وصارت علاقته بالمنزل علاقة زائر الليل يأتى منهكاً ومجهداً من عمله ليلقى بجسده على السرير ليأخذ قسطاً من الراحة ثم يعود فى اليوم التالى لمزاولة عمله وهكذا حتى إلتقاها توأم روحه ، نصفه الآخر إنها المرأة التى كان يجب أن تكون له ، بعثت فى نفسه الإحساس بأنه حيٌ موجود ومازال فى قلبه نبض .. لكنه للأسف لايستطيع التفكير فيها ناهيك عن الإرتباط بها .. لأنها كانت متزوجة .. نعم هى متزوجة لكن ظهورها فى حياته جعله يفكر جدياً فى شكل الحياة التى يعيشها  وفى شكل علاقته بزوجته التى لا تعبأ لأى شئ و رغم أنها متعلمة لكنها صارت فقط ربة البيت وأم الولد وإغتالت الحبيبة مع سبق الإصرار والترصد .
هو الآن يعيش فى حالة من فقدان التوازن فهو يرى ضرورة البحث عن زوجة ثانية تعيد ترتيبه وتنفض عن نفسه ما علق بها من سأم وملل ، لكنه يخشى فى ذات الوقت إن اتى بأخرى أن تصبح صورة طبق الأصل من الأولى.
هو لم يتزوج حتى الآن لكنه وصل الى قناعة البحث عن الزوجة الثانية لأنه فقد الأمل فى أن يعيد الأولى إلى دائرة الحب والدفء.

نبض الورد :
الشباب إحساس  ..لا سنوات تحسب بشهادة الميلاد .

تعليقات
Loading...