د.ابراهيم الصديق علي يكتب: رحل الشيخ نورين وستبقى الراية عالية.

مقالات:مرايا برس

(1)
حين تغالبنا الحياة، وتراكم الران على القلوب، نلوذ بمحفزات تزيل الغشاوة وترد الروح وتحرك الاشواق وتجدد الإيمان في القلوب، واين تجد ذلك سوي كتاب الله، وما أجمل ذلك وأعظم حين يتمدد صوت شجي في روعة صوت الشيخ الراحل نورين محمد صديق، يتلو بخشوع وتبتل:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (الحشر 18)، تحس بدفء الكلمات ووقعها، وذلك ان القلوب حين تسمو بغاياتها، تتقارب مداركها ومعارفها وتصفو من كدر، وحين تخشع لله تلتقي قال تعالى (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (الأنفال 2) ومن مثل الشيخ نورين محمد صديق منكسر القلب ومنشرح الروح ومتدفق الشوق وهو يتلو آيات الله.
(2)
و عن ابن عمر رضي اللهُ عنهما ، عن النَّبيِّ – صلى الله عليه وسلم – ، قَالَ : (( لاَ حَسَدَ إِلاَّ في اثْنَتَيْنِ : رَجُلٌ آتَاهُ اللهُ القُرْآنَ ، فَهُوَ يَقُومُ بِهِ آنَاء اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللهُ مَالاً ، فَهُوَ يُنْفِقُهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ )) متفقٌ عَلَيْهِ، فما أجل الأعمال مع قصر الأعمار، فالشاب الذي تبكيه الجموع اليوم وتتدافع المناكب خلفه وتذكره المواقف من مواليد ١٩٨٦م، شمال كردفان، بارا، حفظ القرآن الكريم وعمره لم يتجاوز ١٧ عاما، واجازه الأزهر في ٢٠٠٨م، وأم المصلين في مسجد الخرطوم الكبير وسيدة سنهوري وبحري ومسجد النور، وشارك بإسم السودان في عدة مسابقات دولية في ماليزيا ودولة الإمارات العربية حيث حصل على الجائزة العالمية الثالثة في القرآن الكريم خلال منافسة مع ٨٣ دولة.
وفي عام ٢٠٠٥م تنافس على جائزة الملك عبد العزيز في المملكة العربية السعودية وحصل على المركز الثاني، وفي عام ٢٠٠٦م شارك في مسابقات في ليبيا وفاز بالمركز الثاني بين ٦٦ دولة..
و الأهم من ذلك كله أنه حبب القرآن الكريم وحفظه وتلاوته للكثير من الشباب، الذين تدافعوا في وداعه وصحبه الذين كانوا معه في حادث السيارة مساء الجمعة وهم :
الشيخ علي القوني
الشيخ مهند الكناني
الشيخ احمد يعقوب..
إن الجموع الهادرة التي حضرت التشييع والصلاة، والإنفعال الكبير بالرحيل والحزن الذي خيم على الجميع يؤكد مكانة القرآن الكريم وأهل القرآن في هذه البلدة وفاجعة رحيلهم مؤلمة.
وعن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إِنَّ لِلَّهِ أَهْلِينَ مِنْ النَّاسِ» . قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ هُمْ ؟ قَالَ :«هُمْ أَهْلُ الْقُرْآنِ ، أَهْلُ اللَّهِ وَخَاصَّتُهُ».
رحل الشيخ نورين وصحبه، وسيبقى كسبهم يهدي السالكين سبل الفلاح والصلاح، وستبقي الراية مرفوعة تحرسها صدور عامرة بنور الإيمان واليقين والطريق القاصد لله لن يضل ابدا.. وسيمضي الموكب لا تصده عاديات الأيام وحوادثها.. اللهم تقبلهم عندك في الصالحين وأكرم نزلهم.. ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم

تعليقات
Loading...