د.عصام بطران يكتب:الموانئ من منظور إستراتيجي!!.. 

الخرطوم :مرايا برس

الخرطوم :مرايا برس 

🎯استراتيجيات… د. عصام بطران  

– “الفرد ماهان” الخبير في استراتيجيات علوم البحار يرى ان القوة البحرية هي اساس قوة الدولة وان اي دولة تريد السيطرة على العالم يجب ان تتحكم في قوة بحرية كبيرة ويجب ان تكون لها السيطرة على البحار وحسب راي “ماهان” ان الدول البحرية هي التي ستسود العالم في النهاية .. وقد حدد خمسة عوامل اساسية في تكوين القوة البحرية للدول حصرها في الاطلالة على بحار مفتوحة وشكل الساحل وامتداده وتميزه بخصائص ايجابية في الموارد والصفات القومية للشعب بالاضافة الى شخصية الحكومة وسياستها .. وذلك ماجعل القوة البحرية نظرية سائدة خلال الحرب العالمية الاولى والثانية وظلت الاساطيل البحرية والترسانة العسكرية البحرية هي ذات السيادة خلال الحرب الباردة ايضا ومعظم الاحلاف العالمية العظيمة كان يحمي ظهرها قوات بحرية وترسانة حربية خلف المحيطات وماوراء البحار ومازالت المناطق الاستراتيجية من قبيل الجزر والمضايق والممرات البحرية محتكرة لصالح القوى العظمى فيما عرف بمستعمرات ماوراء البحار حيث لم يكن وراء استعمار تلك المناطق النائية غير دافع جعلها “استراحات” ل”التموين” و”التشوين” وتقديم الدعم “اللوجستي” واخذ زمام المبادءة والمبادرة لحركة قوات المستعمر العسكرية لفرض مزيد من السيطرة على حركة قوات العدو ..
– نظرية القوة البحرية لم ينقضي سبر غورها بانتهاء القوة العسكرية المباشرة والباردة ولكنها ظلت نظرية حاكمة اقتصاديا واجتماعيا واستخباريا وبذلك اتجه العالم الى سباق محموم لامتلاك المنافذ والثغور البحرية الهامة خاصة تلك التي تتكئ على شواطئ الجوار المغلق .. والبحر الاحمر احد تلك الممرات الضيقة التي تتحكم في الملاحة العالمية وله عمق استراتجي دولي بحكم انه من نصيب العرب والافارقة وتمثل فيه الدول الافريقية الغير عربية عدد ٣ دول هي: “جيبوتي .. اريتريا .. الصومال” وعدد الدول الافريقية العربية دولتان هما “السودان ومصر” بينما عدد الدول العربية المطلة عليه من جانب الشام وجزيرة العرب ٣ دول هي: “اليمن .. السعودية.. الاردن” بجانب اطلالة ل”اسرائيل” وهي مصدر الصراع في منطقة العبور البحري داخل الممر الاستراتيجي الهام ..
– ادارة الموانئ من منظور استراتيجي تصنف من انواع الاحلاف التعاقدية المذدوجة التي تشمل العديد من الجوانب .. ولعل العامل الاقتصادي يمثل الجانب الاقل اهمية في ادارة الموانئ .. مقابل ذلك تعلو عوامل الشان العسكري والامن القومي والاستخباري والتحكم في حركة التجارة الدولية بالاضافة الى جعلها قواعد استراحات لصيانة السفن والقطع البحرية العابرة .. لذلك يجمع الخبراء “الاستراتيجون” “والجيوبولتكيون” على ان الموانئ والمنافذ والاطلالات البحرية تعتبر من خطوط الامداد “الجيوستراتيجي” لانها تضيف قيمة ذات اهمية قصوى في الكتلة الحيوية للدولة .. قضايا دولية شائكة من النزاعات والاطماع الدولية في الممرات والمرافئ والمضايق والرؤوس المائية كانت سببا في تصاعد التوترات واندلاع حروب بين القوى صاحبة الحق البحري وفق قانون البحار وبين الباحثين عن موطئ قدم في الجزر والضفاف ذات الاهمية “الجيوستراتيجية” فمازال النزاع والترقب بين الغرب وتركيا بشان مضيق “البسفور” ساريا حيث منعت معاهدة “لوزان” تركيا من السيطرة الكاملة على مضيق “البسفور” الرابط بين البحر “الاسود” وبحر “مرمرة” مرورا الى البحر الابيض المتوسط وجعله ممرا دوليا لا يحق ل”تركيا” السيطرة عليه وتحصيل رسوم العبور من السفن والبواخر التي تعبره .. فمن المامول ان تنتهي المعاهدة في ٢٤ يوليو ٢٠٢٣م فهل سترجع سيادة تركيا على المضيق بانتهاء المعاهدة ؟؟ .. وبمثل ماتتحكم “مصر” في قناة “السويس” يمارس عليها الغرب واسرائيل ضغوط من اجل ابقاء الممر المائي المهم تحت سيطرتهم بطريقة او اخرى .. وايضا لازال الوجود الاستعماري الفرنسي قابعا في ماوراء البحار في “جزر القمر” ليمثل قيمة استراتيجية عليا لديها في مستعمراتها السابقة ..
– تجسد ازمة شرق السودان قمة الفكرة نحو المنظور الاستراتيجي في صراع الموانئ البحرية اذ يلعب فيها الميناء اهم عامل من عوامل تصاعد الضغوط السياسية بحكم ان الميناء مدخل لكثير من السلع الاستراتيجية ليس للولايات السودانية داخليا فحسب انما يتضرر من اغلاق الشرق وواجهته البحرية دول الجوار “تشاد وجنوب السودان واثيوبيا” وهي دول مغلقة الاطلالة البحرية وتعتمد اعتمادا كليا في استيراد وتصدير السلع المهمة عبر ميناء بورتسودان .. اما الخطر القادم فيتمثل في تدويل قضية الشرق بين مطالب ومدافع ومستفيد ومتضرر مما يوسع من دائرة الصراع ويحول القضية من قضية مطلبية سياسية الى قضية اقليمية تمتلك مفاتيحها اطراف دولية لاهمية الميناء المطل على البحر الاحمر الملئ بالتقاطعات الاستراتيجية المتضادة ..

تعليقات
Loading...