د. معتصم بخيت يكتب : بينما يمضي الخير وأهله بهدوء وصمت.

الخرطوم :مرايا برس

الخرطوم :مرايا برس 

خاطرة.. د. معتصم بخيت 

الزمان آخر جمعة من العام 2019 ، في طريقي لزيارة بعض ذوي القربى مررت بقرية سقادي ، و هي لمن لا يعرفها تقع شمال غرب شندي (ولاية نهر النيل) ، و بعد أداء واجب العزاء في فقد أحد أعيان القرية إتجهت شمالاً لمواصلة المسير إلى وجهتي ، ومكثت بمظلة على جانب الطريق الرئيس في إنتظار مركبة تقلني ، لأتمكن من الرجوع في نفس اليوم . في هذه الأثناء تناوب صبية في دعوتي و الإلحاح عليَ ، كل بصيغته (تفضل على الديوان صل على النبي) تناوب هؤلاء (الرجال) على دعوتي. أحدهم لم يتعد الست سنوات يشير إلى ب(ثقة) ملؤها البراءة و سمت كرم موروث (اتفضل لا جوة للفطور صل على النبي) ، فصليت بغير عدٍ ولا حد ، و أخبرته بأني فاطر والحمد لله وعلى عجلة من أمري .
و ثان يكبره قليلاً يحلف بأغلظ الايمان أن اتفضل إلى الديوان . أما أكبرهم سناً و أجزم انه لم يتجاوز الاثنى عشر ربيعا فقد وبَخ الصبيين على عدم اخذي معهم إلى الديوان للاستراحة و تقديم الاكرام اللازم ، رغم علمه أن ذلك لا يفوت على مثلهما، عندئذٍ تصديت له بواجب المرافعة عن الصبيين ، واقسمت له أنهما قاما بالواجب وزيادة واعتذرت لهما بلطف انني انتظر راحلة للقيام بواجب عزاء ، و ضيق الوقت حال دون جبر خاطر هؤلاء (الأشبال) .و تمنيت لو كان في الوقت متسعاً لأجبر خاطرهم حتى و لو لبعض الوقت .
ثم تذكرت مقولة السناري:
ﻧﺤﻦ ﻓﺮﺍﺳﺔ ﻧﺤﻦ ﺍﻫﻞ ﺍﻟﻜﺮﻡ ﻭﺍﻟﺠﻮﺩ
ﻧﺤﻦ ﺑﻨﻜﺮﻡ ﺍﻟﺰﺍﻳﺮﻧﺎ ﺑﺎﻟﻤﻮﺟﻮﺩ
ﻧﺤﻦ ﺍﻟﺪﺍﺭﻧﺎ ﻧﻔﺮﺵ ﻟﻲ ﻃﺮﻳﻘﻮ ﻭﺭﻭﺩ
ﻭﺍﻟﻌﺎﺩﺍﻧﺎ ﻃﻠﻖ ﺑﺎﻟﻌﺬﺍﺏ ﻣﻮﻋﻮﺩ
لم أشأ التصوير فقد استحيت منهم .، فمثل هؤلاء لا يحبون الاعلام و إنما يقومون بذلك من باب الفطرة السليمة و التربية على المكارم. هل عرفتم أن اهل الريف أكثر نجاحاً و تميزاً في التربية؟
جالت بخاطري مشاهد كثيرة لاستغلال الأطفال في التسويق السياسي و تحفيظهم لعبارات و أساليب تخالف قيم المجتمع .و ترسخ للتنمر وعدم إحترام الكبار. هداني تفكيري إلى عقد مقارنة عجلى بين تلك المشاهد المصطنعة و هذا المشهد الحقيقي الخالي من التكلف و الزيف . للذين يقولون أن السودان لا زال بخير : أقول بل السودان هو بلد الخير و لكن أصوات الحمقى و صراخهم يثير شفقة الكثيرين ، بينما يمضي الخير و أهله بهدوء و صمت.

تعليقات
Loading...