د.ناهد قرناص تكتب:أعد…وقابلني.

الخرطوم :مرايا برس

الكلمتان المذكورتان في العنوان اعلاه ..كانت من اقسى الكلمات التي يمكن ان تطالعها عيناك وانت صغير في المدرسة الأبتدائية …(طبعا من الواحد يقول ابتدائي ..تعرفه من ناس قبل الميلاد ) ..اعد يكتبها لك الأستاذ اذا تجاوزت أخطاءك الحدود وصار لون الكراس احمر من كثرة الخطوط والدوائر حول الكلمات  ..

لكن (اعد ) وقعها اخف بكثير من كلمة (قابلني )..فالاخيرة  تعني ان الامر لن يقف عند حد التأنيب اللفظي  ..وانما ستصحبه ..(حاجات تانية حامياني) ..من شاكلة جريد النخل ..وحافة المسطرة وكدا ..ولذلك كنا نأتي لها بكامل الاستعداد ..اما كلمة (الرجاء احضار ولي الامر ) ذلك يعني ان الملف انتقل ,,الى مرحلة لا يمكن اصلاحها ..ولا ينفع في تلك المواقف الا الدعاء ..بالتخفيف ..وحوالينا ولا علينا.

بعد سقوط النظام ..حدثت كثير من المراجعات ..وفتحت ملفات ودفاتر ..وكانت سيرة وانفتحت ..ولم تغلق حتى الآن ..اغلب المراجعات كانت في ثراء اعضاء الحزب الحاكم سابقا ..وتجريدهم من الممتلكات التي تحصلوا عليها بدون وجه حق ..وتم ايضا الحجز على عدد من الشركات وايقاف عملها حتى اشعار آخر ..وفي هذا الصدد نتقدم باقتراح وهو  تطبيق نظرية (اعد وقابلني)

خذ عندك مثلا ..الطرق القومية ..والداخلية ..أسؤا طرق في العالم كله ..اقولها بثقة ..فلم ارى في اي بلد زرتها او شاهدتها عبر الوسائط ..طرقا رديئة  مثل  الطرق السوادنية ..على سبيل المثال لا الحصر ..الطريق القومي الذي يربط الخرطوم ببورتسودان والذي تقطعه الشاحنات جيئة وذهابا ..طريق في بدايته هنا في الخرطوم محلية شرق النيل ..الطريق مظلم تماما ..لا توجد به اي اضاءة ..اضحك معي ساخرا .حتى اعمدة الانارة لم يتم تركيبها  ..الطريق يعتمد على اضواء السيارات كليا ..لاحظوا معي انه طريق لحركة الصادر والوارد ..هذا الطريق ذاته ملئ بالحفر والاسفلت ..متقطع في أغلب اجزائه خاصة المنطقة بين عطبرة وهيا ..الطريق ضيق جدا ..وكان في الامكان عمل اكثر من مسار في الاتجاه الواحد ..الاسفلت قشرة خفيفة جدا ..يأتيك الاحساس ان الطريق للاستخدام مرة واحدة فقط (disposable ) ..

هذا الطريق تم تعبيده في ايام البترول  ..والمؤسف ان الأسفلت لم يكن يكلف شيئا ..فهو احد مخلفات البترول ..الذي كنا ننتجه ونصدره ..ولم نستفد منه شيئا حتى ارخص مخلفاته.

الامر ينطبق على طريق مدني ..وكسلا ..وطريق التحدي ..واكيد بقية الطرق التي لم تسنح لي الفرصة للسفر عبرها ..الحوادث التي تفجعنا كل يوم ..ونفقد فيها احبة واعزاء .. اهم اسبابها الطرق الرديئة ..والتي تتسبب في خروج السيارات من مساراتها لتلافي الحفر ..او يضطر السائق للدخول في حفرة لتلافي السيارة القادمة من الاتجاه المختلف .. ..

الشئ الذي يثير الاعصاب فعلا.. ان كل طريق  قامت عليه شركة هندسية ..وشركة استشارية ..وسبقته لجان ..ومجالس ..وكانت هناك عدد من السفريات للاطلاع على تجارب الدول الاخرى ..تلك الدول التي غادرت محطة الطرق البرية ..وصارت في مراحل الجسور المعلقة ..والقطارات ..وعربات المترو التي تجوب باطن الأرض فيها ..تذهب تلك اللجان وتجوب في الأسواق ..ويأتي اعضاؤها محملين بالهدايا ..والتذكارات ..الا ذلك الذي ذهبوا من أجله ..(تجارب الآخرين)

 لو كان الامر  بيدي ..لطلبت ملفات الشركات التي كانت مسؤولة عن هذه الطرقات ..وفتحت جلسات للمحاسبة ..تكون فيها العقوبة على طريقة اعد وقابلني .. ..اعد تعبيد ذلك الطريق ..او قابلني لاعادة المبالغ التي اخذتها مقابل بناء الطرقات ..كل الشركات التي سلمتنا طرق غير مطابقة للمواصفات ..تلك التي تم تعبيدها (عدي من وشك) ..كل الشركات التي اتخذت (الكلفتة شعارا ) ..يجب عليها اعادة ما فعلت ولكن بطريقة جيدة هذه المرة وتحت المراقبة .والمحاسبة يجب ان تطال الشركات الاستشارية وتلك اللجان التي تسلمت هذه المشاريع غير المطابقة …

اعد وقابلني للجميع ..الا تلك التي وقع عليها عطاء بناء مطار الخرطوم الجديد …هذه نسيج وحدها ..لذلك سنطبق عليها كل العقوبات .(.اعد وقابلني ) وبعد ذلك  …استدعاء ولي الأمر ..ويا (الله حضرني).

تعليقات
Loading...