د. ناهد قرناص تكتب : الأخوة الأعداء.

الخرطوم :مرايا برس

زمان في القرن الماضي ..دعينا لحضور (رقيص عروس ) ..ونحن في قمة الطرب والانفعال مع الغناء و(الهجيج) ..اذا باصوات تعلو ..ملاسنات حادة بين فتاتين ..كان شيئا غريبا ان تحدث (شكلة ) في الرقيص ..المعتاد ان (تتفرتق ) حفلة الزفاف بافعال السكارى اخر الليل ..المهم الملاسنات ارتفعت حدتها ..وعندما تتبعنا اصلها كانت دهشتنا كبيرة ..ايضا هنا كانت مفارقة ..فقد كنا نتوقع ان تكون المشكلة بين اهل العروس والعريس ..(ما احترمتونا ..ناسنا ما اكلوا ؟ ما قعدوا قدام) ..لكن المشكلة كانت بين اخوات العريس وبنات خالته ..طيب نعمل شنو في الحالة دي ؟ المشاكل الداخلية هذه هل تنفع فيها الجودية ؟ الطريف في الأمر ان العروس واصلت الرقص عادي ..وكأن شيئا لم يكن .
الملاسنات التي حدثت بين مكونات الحرية والتغيير ذكرتني رقيص عروس عطبرة تلك ..معقولة بس ؟ يعني الشعب يصبر ويصابر ..ويكتم الألم في جوفه ..ويظل حاملا مشعل الامل في غد قريب ..يصرخ (مدنياااو) ..وفي نهاية الامر يتفاجئ بأن المشكلة بين ناس العريس ؟ دا كلام دا ؟ المؤلم ان الخصام ليس على الرؤى والأفكار ..الجدال لم يحتدم لان بعض المكونات لها فهم مختلف للتنمية …الخصام كان لأن (الاربعة ) انفردوا بالحكم ..واقصوا البقية ..يعني بالعربي الفصيح الخصام كان على الكراسي والمناصب ..
اعتقدنا نحن الشعب (اللامنتمي) ..انكم توافقتم فيما بينكم ..واخترتم من يقود الدفة ويسير الامور حتى نهاية الانتقالية والخروج من عنق الزجاجة ..لان هذا هو الطبيعي ..ان يتقدم البعض ويسنده الآخرون ..اذ لا تتسع المقدمة للكثير ..الحرية والتغيير عدد مكوناتها السياسية يقارب التسعين مكونا ..كيف يمكن ان تتسع قاعدة المشاركة في الحكم لكل مكون ؟
عندما تابعت (قصة الثلاثاء) ..وطال انتظاري (ليلة السبت) تفتق ذهني عن فكرة رائعة بعد التشاور مع لمبة عبقرينو ..فكرة تحمل شعار (النفوس كان اتطايبت ) ..يا سادة ياكرام ..ايه رأيكم ان يتم تفعيل نظرية الدمج والتسريح ..وتطبيقها على المدنيين ؟؟ .. ..فالملاحظ ان الكيانات السياسية عندنا تتوالد بنظرية التبرعم ..وتنقسم بقانون الانقسام الثنائي البسيط ..كل حركة يختلف اصحابها ..تاني يوم مباشرة يعلن احدهم انشقاقه وتكوين حزب جديد ..فيصبح لدينا ..الحزب الاصل والفرع وفرع الفرع وهلم جرا ..الجميل انهم جميعا يريدون تحريرنا ..من شنو؟ ما عارفة !..وقد كنا نظن ان الثورة قد جبت ما قبلها ..وان الاحزاب قد تعافت من وباء الانقسام ..لكن يبدو انهم لا يزالون في ضلالهم القديم .
طيب ..نشرح النظرية (الخترية ) ..كل كيان سياسي مسجل ..يأتي بمنسوبيه ..الاسماء والاعمار والارقام الوطنية (لازم الاعمار ..لان القصة صارت فيها طلاب خلاوي ومدارس) ..نشوف اي كيان عدد اعضاءه اقل من الف ..يدمج مع صاحب اقرب اسم له ..وهكذا نجمع كل اثنين و ثلاثة في كيان جديد يسمى تجمع الحزب الفلاني او الفلتكاني ..وفي النهاية سنختصر عدد المكونات السياسية وبالتالي يمكنها جميعا المشاركة .. ..ويا بخت من وفق رأسين في الحلال ..بالطبع لن نبحث عن برنامج اي حزب او رؤيته الاقتصادية او السياسية …ذلك ان كلها تصب في هدف واحد (كيف تصل الى كرسي الحكم )…
وفي الختام نهدي اليهم جميعا اغنية لطفي بو شناق ..الفنان التونسي المعروف (خدوا المناصب والكراسي ..بس خلو لي الوطن )

تعليقات
Loading...