د. ناهد قرناص تكتب : سينما الوطنية.

الخرطوم :مرايا برس

فرحتي بقطار بورتسودان كانت مشوبة بالحذر ..رغم انه خبر يستحق الاحتفاء به ..ذلك ان خط عطبرة بورتسودان متوقف منذ 16 عاما او يزيد ..توقف خط بورتسودان كان آخر علامات انهيار السكة حديد ..ذلك ان هذا الخط كان الشريان الذي يغذي البلاد ..قطارات البضاعة لم تكن تتوقف طوال الاسبوع ..بينما يسافر الركاب الى بورتسودان من الخرطوم عبر عطبرة كل ثلاثاء ..والزمن كان مبتسم والليالي جميلة حالمة ..
اقول ان فرحتي كانت مشوبة بالحذر ..لان تسيير القطار اتى في وقت فيه الاجواء معكرة والاحوال مضطربة والناظر ترك يرسل الانذارات واحدة تلو الاخرى بانهم سيغلقون الطريق القومي الى اجل غير مسمى لحين الاستجابة الى مطالبهم ..وقد تم تنفيذ التهديد ..فتوقف القطار عند محطة هيا منتصف الطريق …و الطريق القومي تم اغلاقه ..ولا يزال التهديد مستمرا باغلاق الموانئ والمطارات حتى كتابة هذه السطور ..ويا قلبي لا تحزن
هل يستطيع احد ان يلوم الناظر ترك على اللعب بالورق لمصلحة اهله ؟ لا ..والف لا ..فالمعروف بالضرورة في بلادنا ..ان الحكومة لا تستجيب الا لمن يحمل السلاح ..و(يخش ) الغابة ..وحيث ان الشرق لا غابة فيه ..فليس هناك الا ..ايقاف الطريق القومي حتى الاستجابة لكل المطالب و(حقنا كامل ما بنجامل )..انها نظرية ام التيمان ياسادة …من منكم لا يعرفها ؟..الذي يبكي كثيرا ويصرخ هو الذي سيتم اعطاءه الثدي …اما ذلك الذي ينتظر دوره في التنمية ..او يتوقع ان حقه سيصله حين يقتسمون فقل له ان (انتظاره سيطول).
نظرية ام التيمان لها وجه آخر ..وهي ان الوطن هو الحكومة ..والحكومة هي الوطن ..فان كنت معارضا فكل شئ جائز لاسقاط الحكومة حتى لو وصل الأمر للتضييق على اهلك واغلاق الطرق القومية وقطع سير قطار يحمل انفسا وارواحا شيبا وشبابا ..والمناظر هي ذاتها والصور نفس المشاهد والتاريخ يعيد نفسه ..فالذي يجري الآن ..فعلته المعارضة السابقة التي تعتلي سدة الحكم حاليا وليس ببعيد حديث ذلك المسؤول بأنه اجتهد في ادخال السودان في الحصار الاقتصادي وانه لن يعتذر لان هذا الحصار كان سببا في اسقاط نظام الانقاذ ..اما الشعب السوداني ..فلا بواكي له.
نظرية ام التيمان ستظل ناجحة طالما كنا لا نفرق بين الوطن وبين ذلك الذي يجلس على سدة الحكم ..ستظل ناجحة طالما كنا ننظف داخل البيت ونرمي بالقمامة في الشارع ..نلقي بفارغ الزجاجات من نافذة السيارة ..طالما كنا نستغل المال العام ..وسيارات الحكومة وبيوت الحكومة ..لذلك لن تجد احدا يلقي باللوم على ترك ..فلو كنا في موضعه سنفعل مثلما فعل واكثر ..وستظل النظرية سارية المفعول طالما كانت الوطنية مجرد مسميات نطلقها على المنتجات الغذائية ..والمسارح ودور السينما .

حاشية 1: احر التعازي اسوقها للشعب السوداني في فقد البلاد الجلل ..الشاعر محمد طه القدال ..والقاص والروائي عيسى الحلو ..والمذيع زهير بادناب ..انا لله وانا اليه راجعون

حاشية 2 : الحمد لله…. إن القطار وصل إلى محطته…. وان المشكلة قد تم حلها… عسى أن تكون اخر الأحزان .. وعقبى للخير يترادم والدنيا تمش دغرية

تعليقات
Loading...