د. ناهد قرناص تكتب : طيري يا طيارة!!.

الخرطوم :مرايا برس

مشهد في ذاكرتي الخربة ..(لا ادري كيف فلت من المصفاة العقلية عندي) ..طفلة في الثامنة او التاسعة من العمر.. .تتحرك بصعوبة خلف والدتها في صالة مطار الخرطوم ..كنا عائدين من السعودية ..والطائرة كالعادة مزدحمة ..العفش متاخر ..الطفلة كانت تعاني معاناة كبيرة في الحركة لأنها كانت ترتدي حذاء بكعب عال ..يبدو مقاسه كبيرا عليها ..لا ادرى هل كانت فكرتها ام فكرة والدتها …لكنها وبكل المقاييس كانت فكرة (مهببة) ..الحركة صعبة جدا داخل حذاء مقاسه اكبر ..دعك من ان يكون بكعب عال يظهرك كأنك تترنح ..هذا غير صغر سن الطفلة ..(ما عارفة مستعجلة على شنو ) …فالكعب العالي آت وقته لا محالة.
شاهدت فيديو بثته قناة الجزيرة ..لمجموعة من الشباب السودانيين تتراوح اعمارهم ما بين الخامسة عشر الى الخامسة و العشرين ..الشباب متواجدون في ليبيا ..يشكون الى طوب الأرض من سوء الاوضاع ..غدر بهم محتال ..وعدهم بالسفر الى اوربا ..ومن ثم اخلف وعده … طالبوه بنقودهم للعودة للسودان .بدأ مسلسل المماطلة …حاولوا البحث عن عمل ..وحكوا عن مآسي سوء المعاملة ..هل هذه المشكلة ؟ لا فهم يدفعون ثمن تهورهم ..حتى ان بعضهم قال ان اهلهم لا يعرفون عنهم شيئا ..المشكلة انهم ذكروا انهم تواصلوا مع السفارة السودانية ..وكان رد السفارة عجبا ..انها لا تستطيع ان تفعل لهم شيئا مالم يوفروا ثمن تذكرة العودة ..شفتوا كيف ؟ من أين يا اصحاب السعادة.
المفارقة انني ما ان اكملت مشاهدة الفيديو.. الا و ظهرت امامي صور السيدة وزيرة الخارجية وهي تتمشى في حديقة اسوان وتلتقط صورا لمناظر اعجبتها ..وبعدها ظهر خبر انها بصدد السفر الى البحرين لافتتاح سفارة هناك ..وانها ستلتقي نظيرتها البحرينية ..اللهم انعم وبارك ..نظرة يا دكتورة لرعاياك في ليبيا ..لان هذا هو محور عمل وزارة الخارجية الاصلي ..الاهتمام بشؤون السودانيين خارج البلاد ..او هذا على الاقل ما يتوقعه شخصي الضعيف ..
الفيديو ظهر ايام العيد السعيد ..في ذات الوقت الذي كان فيه السيد نائب رئيس مجلس السيادة يزور زميله رئيس المجلس في بلدته الصغيرة مستقلا طائرة خاصة .. لرحلة يمكن ان تقطعها سيارات (الانفينتي ) ..يحدث هذا في وقت عجز فيه الالاف عن السفر لقضاء العيد مع اسرهم لضيق ذات اليد وارتفاع ثمن التذكرة ….يحدث هذا في بلاد تغرق من بوادر الفيضان ..ويكتب رعاياها رسائل على علبة ساردين خوفا من الملاحقة (نحن سودانيون مستعبدون في شركة جنزور في طرابلس ) ..
من يحل مشاكل هؤلاء ان كانت وزيرة الخارجية لا تحط طائرتها الا لتقلع مرة اخرى؟؟ ..وفي زياراتها الخارجية تتجول في الحدائق الغناء ..والشباب السوداني يموت غرقا في عرض البحر ؟ من يحل مشاكل هؤلاء ان كانت الطائرة الخاصة للسيادة صارت مثل (المحلي داخل عطبرة ) ..يتم استخدامها في المعايدات والعاقبة عندكم في المسرات؟
السادة اللي فوق.. .انزلوا من الكعب العالي ..توقفوا عن ارتداء احذية كبيرة المقاس ..السودان بلد فقير ..يقاتل لكي يسدد ديونه ..يحاول بشق الانفس ان يقف على رجليه..فلا تعيقوا حركته بارتداء احذية كبيرة ..وكعبها عال .. .ذلك ان (العترة ) بهذه الأحذية ..لا تصلح (المشية) لكنها تعيقها كليا.

تعليقات
Loading...