د. ناهد قرناص تكتب: قطار الشوق.

للمرة الثانية في خلال السنة الحالية ..أمتطي قطار النيل في الطريق الى عطبرة ..وللمرة الثانية أيضا يتعطل ..لا اريد أن اتشاءم واقول اني (كج) ..لكن الأمر لا يخلو من (انة) ..المرة الأولى ..بعد أن جلسنا في المقاعد ..والتقطنا صورة سلفي انا واختي نادية وارسلناها للأحباب والأقارب …اذا به يتم انزالنا من القطار بحجة أن هناك مشكلة في الطريق ..وبالتالي لا يمكن لقطارنا ان يواصل رحلته (السكة واحدة ) ..سارعنا الى محطة الباصات وواصلنا الرحلة الى عطبرة .
هذه المرة ..كانت اسوأ ..تحرك القطار من بحري ..وتوقف في محطة (الرويان ) ..بالقرب من مصفاة (ٌالجيلي ) … و بس خلاص ..لا أحد يأتي ليقول لنا ما الذي يجري ..تناثرت الأقاويل أن ن هناك قطار بضاعة متعطل ..منذ الأمس ..وبسببه السكة مقفولة ..يبقى لماذا تم تحريك القطار منذ البداية ؟؟ لماذا لم يتم الإعتذار بشجاعة وإعادة التذاكر ..لكي نستطيع التصرف ؟ ..
رجل بالقرب مني يسب ويلعن ..طالت اللعنات حتى أكبر رأس في الدولة ..(بلد ما عندها وجيع ..الإنسان أرخص شئ فيها ..) ..يرد عليه آخر (نحن نمش للسواق دا ونقول لو رجعنا محل ما جبتنا ..) ..تتدخل إمرأة من نهاية العربة (ايوة اليرجعونا محل ما جابونا ..هم وقت ما عارفين للسواقة ..يسوقونا مالهم ؟ الله لا جاب باقيهم ) ..
يأتي رجل شرطة ..سألته انا ( ما في خبر يا جنابو ؟ الحاصل شنو ؟) ..رفع كتفاه الى أعلى ..وقلب يديه وقال (والله يا استاذة علمي علمك ).. شكرته خاصة على كلمة أستاذة هذه ..وضحكت في سري ..ان كانت الأجهزة الرسمية لا علم لها بما يحدث على أرض الواقع ..فقل على الأرض السلام.
الرجل الساخط بالقرب مني ..قال بثقة (والله المشكلة دي ما تتحل الا يجيبوا رأس قطر من عطبرة ) …صرخت إحداهن (ووب علينا ..عطبرة عديل كدا ..) ..أكمل حديثه وقال (القطر دا اصلوا من ما قام من بحري ..مشيهو ملكلك ..يمشي ويقيف .. ..كمان قالوا القطر السادي الطريق دا جابوا ليهو راس يطلعوا ..ما قدر ..هسه كمان قالوا مشوا ليهو برادين من شندي عشان يصلحوه) ..كنت أتابعه بإهتمام ..وقاربت ان اساله ..من أين يستقي معلوماته ؟؟ إذ أننا كلنا في (الهوا سوا) ..لم يتحرك احد من مكانه ..حتى هذه اللحظة .
مددت رأسي من النافذة ..بدأ بعض الركاب في الترجل من القطار ..والتحرك في الأرض ..الشمس حرارتها الف …والسموم تلفح ..والمحطة قاحلة ..قال احدهم (هسه مش كان يوقفونا في الجيلي ؟ على الأقل كان قدرنا نشتري لينا حاجة ناكلها ..) ..بدأ سقف الطموحات في التدني ..كانت الوجهة عطبرة …صارت اقصى الأماني محطة نجد فيها زاد وماء ..
ان دار محور سؤالكم عنا ..فإننا لا نزال في ذات المحطة التي توقفنا عندها .. ..لا احد يأت بخبر يقين ..ولا شئ يلوح في الأفق …ومجموعة النساء خلفي ..يبدو انهن في طريقهن لحضور مناسبة ..كن يغنين ويرددن مع إيمان الشريف (مالو..مالو ..الليلة ما جاء ).

ملحوظة هامة جدا : المعنى داخل المقال ..على مسؤولية القارئ ..

تعليقات
Loading...