عثمان الشيخ يكتب:المصالحة الوطنية، أسرار وخبايا 5

تداعيات :مرايا برس

لا ينبغي للمراقب و الباحث الذي يبحث في شأن المصالحة الوطنية دون إلقاء بعض الضوء على أبطالها الذين صنعوا بمثابرتهم و حكومتهم أكبر الأحداث السياسية المعاصرة.

أبطال المصالحة الوطنية كثر و لكن اهمهم أربعة هم:

الرئيس المشير جعفر محمد نميري

الإخوان المسلمون

 فتح الرحمن البشير

د. منصور خالد

أربعة أركان من العظماء الذين سجلوا أسمائهم في سجل التاريخ بأحرف من نور . اختلفت مهنهم و تخصصاتهم و ثقافتهم و ألوانهم السياسية و جمع بينهم حبهم للسودان الوطن و الناس. جمعهم هدف واحد هو حقن الدماء و الحفاظ على الوحدة الوطنية  وجمع الفريقين الذين دفع بهما التنافس السياسى إلى حمل السلاح في وجه بعضهما البعض.

المشير جعفر محمد نميري الذى ينتمي إلى الولاية الشمالية من أصول دنقلاوية ذو الخلفية العسكرية و التأثر بشخصية الرئيس جمال عبدالناصر مؤسس الناصرية أو القومية العربية الاشتراكية. قائد انقلاب ٢٥ مايو ١٩٦٩. هو يساري اعتنق الفكر الناصري .

تنظيم الإخوان المسلمين تنظيم سياسى يدعو للمنهج الاسلامي الشامل عقيدة و شريعة و يقع على الطرف المقابل تماما للرئيس نميري و نظامه و فكره . يجمع التنظيم مختلف المهن والخلفيات المهنية و الجغرافية.

السيد فتح الرحمن البشير الشيخ ينتمى إلى الجزيرة وهو من أشهر الإداريين السودانيين اتجه مبكرا إلى العمل في القطاع الخاص حتى صار من كبار رجال الصناعة الوطنية و ترأس إتحاد أصحاب العمل السوداني لعدة دورات . دخل الجمعية التأسيسية نائبا برلمانيا يمثل الحزب الأتحادي الديمقراطي.

الدكتور منصور خالد من أشهر المثقفين السودانيين و المتخصص فى القانون من الجامعات الفرنسية  والذي اختاره الرئيس نميري لتولي وزارة الخارجية كتكنوقراط وليس مسيسا. ينتمي إلى الجعليين و نشأ بأم درمان في أسرة مشهورة بعلمائها المسلمين .

جمع بين هذه الشخصيات تقارب أعمارهم وسابق تعارف و تواصل اجتماعي كعادة السودانيين و اشتركوا أيضا في تباين أفكارهم السياسية وخلفياتهم المهنية.

هناك بعض الخلفيات جمعت بين هؤلاء المشاهير . عمل السيد فتح الرحمن البشير ضابطا لمجلس بلدية أم درمان موطن المشير نميري والدكتور منصور خالد حيث تتيح مهنة السيد فتح الرحمن فرصا كثيرة يتصل ويتواصل بها مع المشير نميري و دكتور منصور خالد.

اتخذ تنظيم الإخوان من أم درمان مقرا لمركزهم العام فكانت قياداتهم على صلة و توصل مع السيد فتح الرحمن البشير ضابط بلدية أم درمان التى كانت تعتبر العاصمة الوطنية.

هناك عامل مهم جدا قرٌب بين الرئيس نميري . دخل السيد فتح الرحمن البشير مجالات التجارة والصناعة مثل النسيج والأدوية كثاني أشهر رجال الصناعة الوطنيين بعد الدكتور خليل عثمان . نشأت كل مصانع السيد فتح الرحمن البشير في عهد الرئيس نميري بحيث كان له شرف إفتتاح أغلبها أن لم يكن كلها و كان ذلك شرف أيضا للسيد فتح الرحمن البشير. يضاف إلى ذلك رئاسته لإتحاد أصحاب العمل السودانى وهو من أكبر التنظيمات الإقتصادية و منظمات المجتمع المدني. كانت للسيد فتح الرحمن البشير بصفتيه رجل الأعمال ورئيس إتحاد أصحاب العمل السوداني إتصالات داخلية و خارجية واسعة في أفريقيا  والشرق الأوسط  والأقصى وأوروبا  والولايات المتحدة.

يتميز السيد فتح الرحمن بثقافته العالية و خبراته و تجاربه الإدارية و الصناعية والإجتماعية خلق بها شبكة تواصل إجتماعية واسعة . أميز ما يميز السيد فتح الرحمن هدوء خالف به سرعة إنفعال غالبية السودانيين يجمع طول البال هذا صفات أخرى مثل التسامح و التواضع و الكرم و المرونة و التصالح و الانفتاح مع كل فئات  وطبقات المجتمع والشهامة و حب أعمال الخير المختلفة.

لم يكن أي من الأطراف الأربعة يتوقع أن أقدار الله أختارتهم ليضعوا بصماتهم التاريخية و يكونوا سببا في إنجاح هذه المحطة المركزية في تاريخ السودان الحديث.

من أقدار الله الغالبة أن هولاء الأربعة يتميزون بشجاعة أسطورية و مقدرة إعجازية على اتخاز القرار الحاسم و الثبات عليه و عدم التردد أو التراجع عنه. كانت تلك السمة الإيجابية المشتركة احد اهم اسباب نجاح المصالحة الوطنية.

جمعت ملكة روح الحوار و إمكانية التنازلات و عدم الإصرار و التعصب و الصبر والمثابرة المكتسبة عند كل الأطراف من تجاربهم المهنية على إنجاح الحوار وتطويره و تجاوزه كل الصعاب وحسمه في وقت يعتبر جد قصير  بالمقارنة مع مشروعات مشابهة فى الداخل و الخارج.

كانت أقدار الله القدير تعد لهؤلاء النفر ادوارا لا أظن أن غيرهم يستطيع القيام بها وبهذا اليسر والتوفيق و في هذا المدى القصير.

تعليقات
Loading...