عثمان الشيخ يكتب: عبقريات التجديد في فكر الحركة الإسلامية.

تعتبر فرقتا الصحوة و الصفوة من عبقريات التجديد في فكر الحركة الإسلامية السودانية المعاصرة.
بدأت هذا النمط الإنشادي المموسق فرقة السحر للإنشاد و انتشر هذا الأسلوب الانشادي الهادف فتكاثرت هذه الفرق الإنشادية الشبابية و تنوعت وتقاسمت الأداء أصوات رجالية و نسائية مديحا و فروسية و قيما و انشاداً و تطريبا.
يعود الفضل في نشر هذا الفن للمجدد الدكتور حسن الترابي عليه رحمة الله.
معروف عن الحركة الإسلامية السودانية انها محافظة تقليدية و لها رأي سلبى حول الفنون عامة مثل الغناء و المسرح و التصوير و التشكيل و كل ضروب الترفيه.
احتكر الشيوعيون هذه الفنون و رصدوا لها الميزانيات الضخمة و فرغوا لها المدربين و المؤدين من النساء و الرجال و اتخذوها من أهم وسائل التعبير و الدعاية و الإعلان عن حزبهم و فكرهم بل ذهبوا أكثر من ذلك فهجروا فكرهم الماركسي و تخلوا عن التبشير به و نشره عندما اكتشفوا أن الشعب السوداني لا يقبل الماركسية.
تخلى الماركسيون عمليا عن أفكارهم تماما و نزعوا إلى اتخاذ وسائل الطرب و الترفيه قارباً يستقلونه للوصول للسلطة و الحكم و الدولة فالغاية تبرر الوسيلة.
وظف الشيوعيون هذا الضرب من الفنون التعبيرية بذكاء ضد الاسلاميين واستطاعوا به فرملة تصاعد المد الإسلامي الطالبي ( حادثة العجكو الشهيرة في ستينات القرن الماضى و قبل ليلة من التصويت لاختيار المجلس الاربعيني لاتحاد طلاب جامعة الخرطوم أقوى و اخطر تنظيم نقابي فى السودان في ذلك الزمان ).
نجح الماركسيون فعلا في دفع الإسلاميين من القمة إلى التنظيم الطالبي الثاني.
وعى الإسلاميون الدرس و اتجهوا إلى التخصص الأكاديمي و التطبيقي في هذه الفنون التعبيرية بل تفوقوا فيها على الماركسيين.
كان اليساريون يتهمون الإسلاميين بالرجعية و التخلف و الانغلاق الفكري وأنهم أعداء المرأة و التحرر و التقدم. نجحوا تماما في استعمال هذه الترسانة من الشعارات ساعدتهم في ذلك آلة إعلامية ضاربة.
لم ييأس الإسلاميون و لم يعدموا وسائل رد الهجمة الكاسحة فلجأو إلى الاجتهاد العصري و قاوموا الهجمة الفكرية الشرسة و ابانوا للمسلمين أن الإسلام لا يحارب الفنون بل يحارب الفساد و الفجور و الفسوق و التهتك الذى توطفه بعض الدوائر المعادية للإسلام في الحرب الثقافية المستدامة ضد المد الإسلامى .
برع الإسلاميون أيما براعة في توظيف الفنون التعبيرية و اتخذوها وسيلة لنقل أفكارهم و قيمهم.
سيطرت الفرق الإنشادية الإسلامية على سوق الترفيه و حولت الغناء من سوق للفجور و الخمور و المخدرات إلى مجال للترفيه البرئ الهادف بل إلى وسيلة إعلامية مؤثرة ساعدت في نشر قيمهم. حتى أسماء الفرق كانت مدروسة هادفة و ليست عشوائية السحر ، الصحوة ، الصفوة… الخ
هذه هى الدوافع والبيئة التى غلب فيها الإسلاميون الماركسيين في مجال ظن الماركسيون أن الإسلاميين لن يقربوه ابدا بحكم تكوينهم الدينى المحافظ.
من المأثورات التي كان يرددها الإعلامى حسين خوجلي كثيرا أن الغناء حلاله حلال و حرامه حرام.
تحولت الذائقة السودانية إلى قبول أن تحيي فرق الإنشاد الإسلامي حفلات الأعراس التي كانت تتسم بالاختلاط و الفوضى إلى طرب برئ
استطاع الإسلاميون السودانيون بمرونتهم الفكرية و العملية حسم جدل فقهي هل الفن حلال ام حرام؟
سيعود الإسلاميون بإذن الله إلى ريادتهم فى توجيه كل أوجه الحياة في السودان و لن يعجزوا عن المواكبة و الإبداع وبإذن الله سنستمتع بالاستماع إلى إبداع بنسخ جديدة من السحر و الصحوة و الصفوة.

تعليقات
Loading...