عثمان الشيخ يواصل تداعياته ويكتب:عريس يشارك في زواج نسيبته.

تداعيات:مرايا برس

قفلنا راجعين إلى الجزيرة . كانت تلك اول و أطول رحلة خارج القرية و ابعد من مدني. كانت رحلة القطار و العاصمة المثلثة و مشاهدها موضوع الأحاديث مع الاتراب .
بعد عام واحد احتفلت البلاد بالاستقلال . كنا صغارا لكن تفتحت عيوننا و وجداننا على أحداث تاريخية عظيمة . لأول مرة نعرف معان مثل الاستقلال و الاستعمار البريطاني المصري َ. و ماذا يعني علم البلاد ؟ و من أي الألوان يتكون؟ و لأول مرة نعرف أن الدولتين اللتان كانتا تستعمران بلادنا اسمها بريطانيا و مصر الأولى بعيدة في أوروبا و الثانية تجاورنا إلى الشمال.
كانت ألوان علم السودان ثلاثة الأخضر و يرمز للزراعة التي هي عماد اقتصاد السودان ، و اللون الأصفر و يرمز إلى الصحراء التي هي نقيض الخضرة و الزراعة و نحن محظوظون لأننا نقع في منطقة الزراعة ، بينما يعيش آخرون في أرض لا زراعة فيها . ثم اللون الثالث الأزرق و يرمز إلى النيل و المياه الجارية و شريان الحياة .
كان في قريتنا ناد اجتماعي و هو غرفة يجتمع فيها الرجال يلعب بعضهم الورق و يتحلق الاخرون حول صندوق اسمه(الرادي) الراديو غير مسموح للصغار بالاقتراب منه أو لمسه . يوصل هذا الصندوق الذي يوضع فوق تربيزة بسلك مربوط ببطارية هي ذات بطارية اللواري . كنا نعتقد أن ما يصدر من احاديث من ذلك الصندوق السحري ، هي أصوات لبشر يجلسون داخل الصندوق . المكون الثالث اللازم لهذا الصندوق و البطارية هو الايريل اي السلك الذي يُشد إلى عمودين من القَنا يغرسان داخل صفحتين مليئتين بالتراب للتثبيت و حماية من الرياح و السقوط . يوضع المكون الثالث على سطح غرفة النادي و يمتد منها سلك إلى اسفل ليوصل بالصندوق . علمنا فيما بعد ، أن ذلك هو اللاقط الهوائي الذي يلتقط البث الاثيري و الأصوات التي نسمعها و المنتشرة في الهواء.

تعليقات
Loading...