تدخلات الدبلوماسيين.. عندما يحتاج الوطن إلى كسار قلم ماكمايل… إعداد.. واصلة عباس.

–مدخل..

عجت الساحة السياسية في السودان في الحقبة الحالية بالكثير من القضايا المصيرية التي تحدد مسار الحياة بكافة أوجهها في ظل التخبط الحكومي الذي يعتري البلاد وفق سياستها المضطربة داخلياً وخارجيا وحملات الإقالات والإعفاءات التي طالت كل دولاب العمل بالدولة مما فتح الباب علي مصرعيه أمام التدخل الأجنبي والعربي المتمثل في ممثلي البعثات الدبلوماسية وتقريرهم لمصير البلاد ، ولم تُحرك الدولة ساكنا يذُكر سوى نظرات وجلة تتطلقها تجاه سياستها في ظل صمتها عن كف الأيادي العابثة بمصير البلاد ومنعها لمن تجاوزو دورهم وإيقافهم عند حدود إختصاصاتهم .
……………………
-كسارين القلم..

حفلت السيرة السودانية بالكثير من المواقف المشرفة للسودانيين ورفضهم لآي تدخل في تقرير مصيرهم ، ومن سِفر التاريخ الخالد نطل على موقف البطل السوداني عبدالله ود جاد الله زعيم الكواهلة في العام 1907م حيث قام بكسر ورمي قلم الخواجة هارولد ماكمايكل الإداري الاستعماري بعد أن وقع إتفاقا للترتيب المراعي بين الكبابيش والكواهله مما عده ود جادالله ظلما لقبيلته، وفي الجهة الشمالية للنيل فحادثة حرق المك نمر مك الجعليين لإسماعيل باشا ليست بعيدة عن الأذهان عندما رماه اسماعيل باشا بغليونه فعده المك نمر إستفزازاً وتقليلاً لشأنه وهو سيد قومه مما دفعه لحرقه في مناسبة أعدًت خصيصاً له إنتقاماً منه،
وتطل المرأة السودانية أيضا في هذا السِفر ومقولة مهيرة بت عبود (ياالباشا الغشيم قول لجدادك كر) خير رفضا للتدخل الاجنبي، ولاننسي ردة الفعل لرابحة الكنانية وهي تجوب الغفار بمملكة تقلي لإخطار الإمام المهدي بنية المستعمر في غدره.

-مهنة الرُقي والذوق الرفيع.

يعتبر العمل الدبلوماسي من أرقى المهن التي تُعبر عن ذوق محفوف بالمعرفة والإلمام بكيفية التعامل مع الآخرين في تناول المواقف ومعالجتها بحكمة وتعقل ولهذا يخضع المتقدم لشغل منصب فيها الى العديد من الدورات البرتكولية والأدبية بحسبان أن السفير هو رسول بلاده في الدولة الموفد اليها يقوم بتمثيلها في كافة المحافل بالدولة المستضيفة وفق إتفاقيات وبنود معمول بها في السلك الدبلوماسي تعمل على ضبط عمل السفراء مما يسهم في تطور علاقات الدولتين و تخدم توجهات السياسة الداخلية والمصالح الوطنية بينهما.

-خلونا في حالنا..

إرتفع صوت الغضب في الشارع السوداني مغلقاً الباب أمام أي رأي لايحمل الهوية السودانية وسبق أن إنتظم العشرات من المحتجين أمام مقر السفارة الإثيوبية بالخرطوم للتنديد بالتدخل في شؤون البلاد الداخلية حيث تستضيف اثيوبيا المفاوضات السودانية بين المعارضة والحكومة ، بيد أن شرطة حماية البعثات الدبلوماسية المكلفة بتأمين السفارة الإثيوبية بالخرطوم قامت بتفريق المحتجين دون أن إستخدام القوة.وتكرر ذات المشهد في السفارة المصرية بالخرطوم حيث نظم المنددين بالتدخل المصري في الشأن السوداني مسيرة سميت ب (مليونية السلطة المدنية ) ارسلو من خلالها رسالة الي الرئيس المصري (قول للسيسي دا السودان انت حدودك بس أسوان)، وذلك في إطار قضية حلايب وشلاتين.

-للتدخل وجوه كثيرة..

شهد ميدان الإعتصام بالقيادة العامة إبان ثورة أبريل توافد ممثلي البعثات الأجنبية من فرنسا و الولايات المتحدة وهولندا و بريطانيا والمانيا و إيطاليا السويد ورئيس بعثة الاتحاد الأوربي بالخرطوم شكلوا حضورا دائما الي موقع الإعتصام داعمين للثوار وتم الحضور دون التنسيق مع وزارة الخارجية مما حدا بها الي مطالبتهم بضرورة الإلتزام بالإتفاقيات والأعراف التي تنظم التعامل بين البعثة والدولة منعاً للتدخل في الشأن الداخلي ، و ذلك من خلال لقاءهم بوكيلة الوزارة بالإنابة السفيرة الهام إبراهيم محمد.
و شهدت ولاية جنوب كردفان مسيرة سلمية من مجموعة (سودانيون ضد التدخل الاجنبي ) مطالبين من خلال مذكرتهم بعدم التدخل الاجنبي بالسودان والحفاظ علي سيادة السودان وان السودان للسودانيين .
وكان الرئيس السابق البشير قد اصبغ صبغة النشاط الإستخباري علي المنظمات الإجنبية الإغاثية العاملة في دارفور حيث قام بطرد إثنتي عشر منظمة أجنبية وإيقاف نشاطها في دارفور ،وجاء قراره متزامناً مع تصريحات الرئيس الامريكي الاسبق باراك اوباما الذي أعلن عن وضع ملف دارفور في قائمة أولوياته وإرسال موفد خاص لها.
وفي لهجة متحدية وجه البشير رسالة الي المجتمع الدولي بأن تهديداتهم لا تخيفه معلناً عن إستعداده لطرد السفراء اذا ماتعدوا حدود مهامهم. والجدير بالذكر أنه سبق وان تم طرد مسئولين في مكتب تنسيقية الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة في السودان أربع مرات في غضون عامين.
ظلت عباراته (صرفت ليها بركاوي)تتسيد الساحة الدبلوماسية والتي قالها للسفيرة البريطانية بعد إنتهاء فترة إبتعاثها في محاولة منها لمنح التعليمات.

-البحث عن حلول خارجية..

علي صفحته بموقع التواصل فيس بوك أقًر تجمع المهنيين السودانيين لقاءهم بالسفير الإماراتي بالخرطوم محمد بن حمد الجنيبي، لتوضيح خطورة التدخل الأجنبي في العملية السياسية السودانية ، وفي بيان آخر أكد(تجم) على عقده عدة لقاءات مع سفراء مصر والأمارات وبعض من دول الإتحاد الأوروبي لتوضيح الإتفاقات بينهم والمجلس العسكري.
وفي تصريحات خاصة (لوكالة الأناضول) كشف الفريق ركن ياسر العطا عضو المجلس العسكري عن إجتماعه بقيادات من قوى الحرية والتغيير قبل مليونية 30 يونيو وذلك بحضور ومشاركة سفراء السعودية، الإمارات، بريطانيا،والولايات المتحدة.
-السودان للسودانيين..

ومن خلال بيانه الصحفي الشديد اللهجة أدان المؤتمر الشعبي تدخلات السفير البريطاني عرفان صديق الذي وصفه البيان بمحاولته لفرض وصايته علي السودان ووصفه بحاكم عموم السودان الجديد ، ونبه البيان السفير الى تواجده في ارض سودانية له تاريخ ماتع في التعامل مع الأجندات الإستعمارية منذ عهد المهدي وودحبوبة ، وفي سياق متصل دعى حزب بناة المستقبل بقيادة حادي ركبه د.فتح الرحمن فضيل من خلال مسيرة نظمها أمام السفارة البريطانية بالخرطوم بضرورة حسم تحركات السفير عرفان صديق السفير البريطاني ومنعه من التدخل ووصفه البيان بالمتطاول.