في أدب الرسائل.. أميمة عبدالله تكتب :في الثالث من أغسطس.

الخرطوم :مرايا برس

وهذا يعني أن هذا هو خطابي الثالث لك حتى تمسك العدد.
عموما..
تحياتي العظيمة
أرجو ان تكون بخير
خطر ببالي وأنا أقف أمام المرآة أن أوجه إليك نصيحة يا يوسف. 
لا تتأمل نفسك في المرآة كثيرا ، سيصدمك مرور السنوات السريع و أنت في غفلة عنها غارق في زحمة الأحداث و الوقائع و متابعة أخبار الآخرين و شؤون العمل
، وأن الأيام كانت تتسرب من بين يديك دون أن تشعر بها كما الرمال الناعمة
وأن الكثير من الأحداث أخذت منك دون أن تدري كذلك العلاقات الكذوب وعلاقات المصالح والابتسامة التي لا تتعدى اللحظة
دون أن توقف ذلك في العمر المناسب
سترى على المرآة الخطوط الرقيقة حول العينين وعلى الجبين بوضوح. 

كان ولابد أن يأتي أوانها
وأن اللون الأبيض بدأ يزحف نحو السواد .
فجأة ستكتشف أن عظام ظهرك بدأت تؤلمك
وأن بصرك بدأ يتراجع
وأنك ربما تحتاج إلى تدوين التواريخ و مفكرة أعمال فالذاكرة لم تعد كما في السابق
بعد الأربعين ستبدأ رحلة التغير رويدا رويدا
وستتغير نظرتك للأمور
و ستسأل نفسك هل انت سعيد بما حققت
وهل حالفك الحظ في أصدقائك و رفقائك و زواجك أم لا. 
لا تندم على سنواتك التي مضت ، من الجيد انك فعلت ما تحب وسافرت و لم تعد ، أظنها رغبتك
جميل ان يفعل المرء ما يحب دون خوف من أقوال الناس والأقارب طالما أنها في حدود ربنا.
ليس مطلوبا منا أن نكون على الدوام أشخاصا جيدين بل المطلوب آلا نكون مؤذيين بأي حال.
جميل أن تكون لك ذكريات ومغامرات تؤنس وحشتك في الكبر ، جميل ان تشعر أنك انسان لك صوت ورأى وحرية حركة. 
هل أنت مثل موريشيوس على قائمة السعادة ؟
ربما لا تكون سعيداً في زواجك لكنك تأقلمت على أي حال
وربما بحثت لكنك لم توفق ، العلاقات أسرار كما القلوب وللقلوب قصص و حكايات
ينقضي العمر أحيانا ويبكي بعضنا حزنا على سنوات ضاعت في حياة لم يكن يتمناها يوما
وعلى اختيارات زواج خطأ. 
حكايات رأيتها وسمعتها ، كم من رجال اطفأو شمعة نساء كانت مضيئة وكم من نساء كن سبب في تعاسة رجال. 
إنها الحياة يا يوسف، كلُ يختار كيف يعيشها ، إما أن تعيشها كما تريد انت ، و إما أن تعيشها كما يريد لك الناس. 
وانا أطالع أخبار الصباح كان هنالك تقرير يتحدث عن سعادة الشعوب الإفريقية
القارة التي عليها خريطة وطننا
آتت جزيرة موريشيوس الأولى أفريقيا
و زمبابوي جاءت في المرتبة الأخيرة
قلت في نفسي اكيد نحن خارج التصنيف وقد كان
سألت نفسي هل يمكن للشعوب أن تكون سعيدة ؟
وكيف يمكن أن يقاس مقدار سعادتها ؟
كيف يمكن أن نكون شعبا سعيدا ؟
وهل يمكن لنا ذلك ؟
ربما. 
لكننا قطعا لن نكون وقتها موجودين
نحن إلى الآن تنقطع بنا الطرقات في موسم المطر
وتتكدس نفاياتنا على جانبي الطرقات وفي الأسواق الرئيسة وعند مداخل الأحياء وانه فقط يكلفك أن تضغط زر نافذة السيارة لتقذف بباقي شرابك أو اكلك على الطريق وبعض الدول تعاقب على رمي عود كبريت مستخدم
إلى الآن نحن نحل قضايانا بقوة السلاح و نكره بعضنا حد القتل و نحاسب بعضنا بلون بشرتنا. 
ونعيش طبقات ، طبقة لديها المال و تنحصر مشاكلها في موضة الملابس و العطور و أصناف الأكل وتعليم أبنائها في مدارس انجليزية
وطبقة ثانية ، وهي الطبقة التي ننتمي إليها
ينحصر همنا أن نعيش مستوري حال لا ينكشف لنا ستر
ويمكننا الحصول على أساسيات الحياة من خبز وماء و ومنصرفات علاج عند المرض وأن يتعلم أبناءنا في مدارس حكومية
وطبقة لا تملك شئ وتعيش على التنقل أو في معسكرات نزوح
هذا هو الحال
أمرُ مخزي أليس كذلك؟
أرأيت لماذا لم نكن على قائمة التصنيف اصلا
و الناس تخرج صباحا للعمل في كامل اناقتها
بعضنا مازال يعيش في بيت كما صندوق الكبريت والآخرين في خيام و آخرين في بيوت عشوائية من الحصير
والحكومة لا تبالي ، أو على وجه الدقة كل الحكومات على تعاقبها لا تبالي
لقد تعايشنا مع الواقع حتى أن العيون قد اعتادت على هذه المشاهد والقلوب على الظلم
أصبحت الحقوق هي الأحلام
و بكامل الحياء أريد أن أخبرك أن القليل جدا نجح في امتحان الأمانة وأن الكثير من أفراد الحكومة فشل ؟ وأن صغائر الأمور تشغل وزرائنا
القليل منهم تعامل مع المال بنزاهة و مع الأسفار الخارجية بمسئولية و أنه أيضا القليل كان له كاريزما و أخلاق
بدليل أن الغنى و مظهر الراحة وظهور النعمة يظهر سريعا ما أن يتولى أحدهم منصبا حكوميا
أكتب لك أشياءاً انت تعرفها ، لكن لا أحد معي أحدثه ويحدثني ، تزوج أبو زينب امرأة أخرى، جميلة ولطيفة وهى الآن معه في رحلة عمل
يعجبني احترامها لي ولطفها
وتعجبني وحدتي لذلك قدرت أنه من الأفضل أن أكتب لك حتى اترك على هذا الفضاء شيئا.

تعليقات
Loading...