في أدب الرسائل.. أميمة عبدالله تكتب : في الخامس من أغسطس

حسناً …. نحن الآن في الخامس من أغسطس
ذات الشهر من ذات العام
هل أنت بخير ؟
اسأل نفسي كثيرا ترى كيف حال يوسف في البعيد ؟
وكيف حال قلبه مع حمل الغربة الثقيل ؟
وكيف هي ذاكرته في ليالي الشتاء الطويلة ؟
هل مازلت تذكرنا وتلك الأيام القديمة وحي المسالمة وجلسات الأصدقاء و أغنيات خليل فرح وأوتار العودة وعزة التي سكنت قلبه وما فارقته حتى تغني لها
عزة في هواك
عزة نحن الجبال
وللبخوض صفاك عزة نحن النبال
وجمال مدينة أمدرمان وسوقها الكبير و محلات الأقمشة و زقاق الأناتيك، واستديوهات التصوير الفوتوغرافي بالأبيض والأسود
وشارع الصياغ وجامع ود نوباوي وحي الاقباط
وخلاوي القرآن ومراكز الشباب ونادي الخريحين
وفريق الموردة ودار الرياضة
وحديقة امدرمان الكبرى مكان التنزه الوحيد.
هل لديك اوقات للمرح والنزهة ؟
من اصدقاءك ؟ و من قربك ؟
مَن مِن الناس يكن لك العداء ؟
كيف المساء عندكم وكيف هو الصباح ؟
هل الشوارع نظيفة و الحياة رخية ؟
هل يسرق الناس عندكم بعضهم بعض؟
و هل يكيدون لبعضهم؟
هل هم ساخطون ؟
نحن ساخطين غالبا وحزينين معظم الأوقات و تشغلنا المعيشة دائما والتقلبات السياسية ولا منطقيتها.
نضع راسنا ليلا مهمومين ونرفعه صباحا لنواصل الركض
اسال نفسي عن حالنا وعن أحوال الدنيا و تقلبات الزمان
لقد صرنا إلى عمرٍ نحتاج فيه إلى السلام
ترى كم صار عمرك الآن؟
الجيد في الأمر أنني صرت انسى كثيراٍ واخلط التواريخ والوقائع و أميل إلى الوحدة.
صمت جميل من حولي و كأن للصمت صوت وللقلب رائحة ، انها رائحة الحنين للذين غادروا
و لماضي الأيام و طعم الضحكات.
الأمور من حولي هادئة ومستقرة، كأنني اعيش في بستان أو مزرعة موالح أو قرية طرفية ، لا يزورني أحد ولا يطرق بابي تائه
فقط شاشة مضيئة تخبرني بما يدور من حولي من شؤون الدولة و توقعات نهاية العام وأخبار الولايات و حوادث المرور و محاكم الإختلاسات المالية و عدد قتلى النزاعات القبيلة
و إعلانات شركات الإتصال
الهدوء جميل إلا أنه يغري النفس بالحوار والتساؤلات
ترى في هذه الحياة كيف نقيس حدود أحلامنا و متى وكيف تأتي بداية الإختبارات الغير مرئية
أين تقع رغباتنا واختياراتنا في الحياة و ما نريد فعله و من نرافق ، ومتى نقول لا
ومتى نصفع الباب.
ومتى نقول أن كرامتنا لا تحتمل
وما مساحة حريتنا و ما طول قطر الدائرة.
الواقع علينا من أمور منتهية مثل علاقتنا التي جئنا إلى الدنيا بها و ما اخترناه من أصدقاء ورفقاء درب لاحقا
بعضنا أكرمه الله بالرضى و سلامة القلب و ستر الحال و بعضنا بالنسب الرفيع و بعضنا بالمال
و بعضنا بالتمرد والفلسفة
والقليل جدا للقيادة والريادة
وبعضنا سخره الله للخير وجبر الخاطر
الناس أحوال كما الدنيا يا يوسف
ترى كيف أخترت دنيتك ؟

تعليقات
Loading...