في أدب السيرة.. الأستاذ ود الفضل يكتب :محطات في مسيرة الحياة (١١)

الخرطوم :مرايا برس

لقد كانت فترة الدراسة الجامعية سواء بجامعة الخرطوم أو معهد المعلمين العالي (كلية التربية جامعة الخرطوم الآن) فوارة بالنشاط السياسي والفكري و الإجتماعي و قد تركت بصماتها على حياتي كلها.
فور تخرجي التحقت بمدرسة النيل الأبيض الثانوية معلماََ لمادة الفيزياء وكانت بداية تجربة عملية في ميدان الحياة ولقد لفت نظري أن الاقبال على الصلاة من الطلاب كان ضعيفا ولا يوجد بالمدرسة مسجد يؤمه الطلاب.
فأتخذنا ساحة في فناء المدرسة مصلىً وتم تجهيزها لأداء صلاة الصبح والمغرب والعشاء وكنا حريصون على تلاوة القرآن مع قلة من الطلاب اذكر منهم أخي المجاهد عمر عبد المعروف وقلة من إخوته الكرام وكنا في يوم ختمة القرآن نقيم احتفالاََ بسيطاََ يتخلله الشاي والبلح والبسكويت وإستمر الإقبال على التلاوة في زيادة حتى إذا كان النصف من شعبان صام اكثر من ثمانين طالباََ.
ثم اتخذنا بعد ذلك إحدى غرف الدراسة مسجداً تنتظم فيه الصلوات. و لعل هذا النشاط لم يرق لمدير المدرسة محمود محمد علي نمر والذي صارحني به، والذي يعرفني بتوجهي الفكري منذ حنتوب الثانوية، حيث كان مشرفاً على داخليتنا دقنة، فطلب نقلي من المدرسة فنقلت لمدرسة سنار الثانوية فمكثت فيها عامين من أفضل أعوام تدريسي المحدودة في السودان بإدارة الناظر المحترم إبراهيم مصطفى.
كانت مدرسة سنار الثانوية من المحطات الرئيسية في حياتي لأنني تعرفت فيها على ناظرها المحترم إبراهيم مصطفى، وعلى عدد من الأساتذة المحترمين منهم الأستاذ ونسي محمد خير، الذي كانت لنا معه جولات في قرى سنار دعاة إلى الله. والأخ د. يوسف العالم والأخ التوم الطالب والأخ المنسي وعوض أحمد وغيرهم.
ومن الطلاب دفع الله التوم وعلي الخضر بخيت وهجو قسم السيد ومخير الطاهر وآخرين من الذين استمرت العلاقة معهم بعد ذلك والى الآن بحمد الله.
ثم نقلت من مدرسة سنار الثانوية إلى مدرسة محمد حسين الثانوية بأم درمان، قبيل قيام ثورة مايو بهدف العمل في نقابة المعلمين التي سيطر عليها الشيوعيون واعوانهم في آخر انتخابات قبل ٢٥ مايو بفارق ضئيل لم يتعدّ العشرة أصوات.
ونحن في الجد والاجتهاد لنشر الدعوة والتبشير بها، إذ عُقد المؤتمر العام للإخوان المسلمين بنادي بحري الثقافي، في العام ١٩٦٩م وكنت من ضمن ممثلي منطقة سنار، وذلك لمناقشة قضية جبهة الميثاق وعلاقتها بالإخوان، فاحتدم النقاش الذي استمر إلى صباح اليوم التالي، وانقسمت فيه قيادة الأخوان إلى قسمين، قسم يتفق مع ما ذهب اليه الدكتور الترابي ومناصروه، فيما يختص بتوطيد العلاقة مع جبهة الميثاق، وقسم بقيادة الأخ جعفر شيخ إدريس يختلف معهم في تأطير هذه العلاقة ولهم رؤيتهم.
استمر الإجتماع إلى صباح اليوم التالي(الجمعة) وكاد أن يحدث الانشقاق بعد إختيار الدكتور الترابي أمينا عاما وتنازل الأخ صادق عبدالله عبدالماجد، ولكن لطف الله جعل من قيام ثورة مايو سبباً لرتق هذه البوادر الانشقاقية، لأن مايو جاءت تحمل توجهاً صارخاً ضد الأخوان المسلمين لا تفرق بين هذا وذاك، وكان شعارهم في مايو(لقد دلت مسيرتنا وتجارب شعبنا على أن حزب الأمة والإتحادي الديمقراطي وتوابعهم من الإخوان المسلمين هم أعداء شعبنا الحقيقيون)، وكانت تلك البوادر الانشقاقية من أحرج الساعات واصعبها على عضوية الحركة التي حضرت الاجتماع ولكن لطف الله سبق.
نواصل.

تعليقات
Loading...