في أدب السيرة.. الأستاذ ود الفضل يكتب :محطات في مسيرة الحياة(٢٠)

الخرطوم :مرايا برس

في اديس ابابا..
غادرنا بالطائرة في الصباح الباكر لثالث ايام العيد الى اديس ابابا ونزلنا باستراحة مدام ميركا وهي إمرأة هجين في الستين من عمرها وتتحلى بأريحية تتمثل في تنظيم الدار واناقتها ونظافتها.
دارها عبارة عن استراحة ولا يوجد فيها غير وفد الجبهة الوطنية بقيادة الشريف حسين الهندي ومحمد صالح عمر وعثمان خالد مضوي وعمر نور الدائم وزين العابدين الركابي وشخصي وصلاح حسن ومهدي ابراهيم واحمد سعد عمر وعبد المطلب بابكر وعز الدين الشيخ وبابكر العوض محمد علي ابو حريرة وعثمان الشيخ ومحمد سليمان.
ونحن في انتظار المغادرة لموقع المعسكر زار وفد من الجنوبيين بقيادة ازيوني منديري وكالمنت امبورو قيادة الجبهة الوطنية وكان هدفهم هو التعاون مع الجبهة لاسقاط نظام نميري على ان تتعهد لهم الجبهة باعطائهم الاستقلال عن السودان، وكان رد الجبهة الوطنية بقيادة الشريف اننا لسنا مفوضين في هذا الشان وان تعاونتم معنا فالرأي للشعب صاحب السلطة يمنحكم او يمتنع فهذا الرد لم يعجبهم ولم يوافقوا عليه.
الله، الله على الوطنية والأمانة. حينما نقارن هذا الموقف بموقف العملاء الآن الذين باعوا دينهم ووطنهم بوعود كاذبة وامانٍ خائبة. الا رحم الله الشريف حسين الهندي وامثاله من الوطنيين الشرفاء الاحرار.
الى معسكر الردوك..
تحركنا من اديس ابابا الى معسكر الردوك بطائرة الخطوط الداخلية الاثيوبية الى مدينة اصوصا وكانت كل قيادة الجبهة الوطنية في هذه الطائرة ما عدا الشريف حسين الهندي.
في الطريق الى اصوصا هبطت الطائرة في مطار جيمي للتزود بالوقود وقد تم تزويدها ولكن يبدو ان مسؤول المحطة نسي ان يغلق خزانات الوقود على جناحي الطائرة وبالصدفة كان مقعدي مقابل لنافذة الطائرة المطل على جناحها فلاحظت عند هبوط الطائرة وارتفاعها نتيجة المطبات الجبلية والهوائية ان بخارا يخرج من فتحة الجناح المقابل فاستدعيت ملاح الطائرة ولفتُ نظره للذي رأيت فلم يجبني بكلمة بل توجه مباشرة الى قائد الطائرة الذي ما كان منه الا ان قفل راجعاً الى مطار جيمي بعد مدة 20 دقيقة من مغادرته، فهبطت الطائرة في المطار وتوجه قائدها الى مسؤول المطار موجهاً له لكمات قوية ثم صعد الى اجنحة الطائرة وزودها بالوقود ثم احكم اغلاق الخزانات.
سبحان الله هذه الغفلة من مسؤول المحطة كان يمكن ان تتسبب في سقوط الطائرة نتيجة لنفاد الوقود فتودي بحياة كل قيادة المعارضة في مجاهل الغابات وشواهق الجبال. واصلت الطائرة رحلتها الى مطار اصوصا حيث استقبلنا حاكمها استقبالا طيبا ومن ثم واصلنا رحلتنا بالعربات الى موقع المعسكر بجبل الردوك.
موقع المعسكر وطبيعته..
يقع المعسكر بمنطقة جبل الردوك وهو جبل ضخم تحيط به الغابات والحشائش الكثيفة يتخللها مجرى مائي وتعج بعدد من الحيوانات والطيور يتزعمها اسد لا يكف زئيره ليلا.
ذوالمنطقة تبعد عن حدود السودان حوالي 20 كم من مدينه دول الحبشية والتي تقابلها مدينه الكرمك السودانية على الجانب السوداني من خور تمت الذي يمثل الحد الفاصل بين المدينتين وبالتالي بين البلدين وهذه المنطقة تسكنها قبائل جزء منها بالسودان والآخر بالحبشة منها الامورو والوطاويط والسركم والدوالي وبني شنقول والانقسنا وبقية قبائل الجلابة ومنهم الجعليون الذين يسكنون بقرية كشنكروا بالقرب من قيسان وفي ارض الحبشة، والشيخ حسين شيخ المنطقة الاداري وهو شكلا شمالي سوداني قامة ولونا ولغة وحبشي موطنا ومسؤولية وزوجته من اهل المنطقة. 

تعليقات
Loading...