في أدب السيرة.. الأستاذ ود الفضل يكتب :محطات في مسيرة الحياة (٢٢)

الخرطوم :مرايا برس

ذهب الشيخ حسين واحضر عدداً من اهل القرية فتمكنوا من اخراج العربة ولكن ماء البطارية اندلق نتيجة انقلاب العربة وكان معنا جهاز لاسلكي فقال لنا الضابط احفروا حفرة واوقدوا فيها نارا وعلى حرارة رماد النار وضع البطارية، وفتح الجهاز فما زاد عن كلمات محدودة: نحن في طريق كشنكروا والعرب تعطلت. فانتظرنا مجئ النجدة، وكانت المسافة بين كشنكرو والمعسكر (40) كم، وكانت المشكلة في الاسئلة الموجهة للشيخ حسين بأن هؤلاء الناس لا يشبهون الحبش ولا يتكلمون لغتهم فمن هم؟ فقال الشيخ حسين هؤلاء من عائلة الامبراطور ولكنهم تربوا بالخارج في انجلترا ولا يعرفون غير اللغة الانجليزية ثم اردف قائلا : هل تذكرون حينما اعطيناكم البن وقلنا لكم افتحوا هذا الشارع، ذلك كان توجيه من الامبراطور لنعرفهم بحدود البلد ومعالمه فقنع المتسائلون باجابة شيخ حسين وتركوا السؤال عنا. وكانت واحدة من الثغرات التي كان يمكن ان تكشف موقع المعارضة فشكرا للشيخ حسين الجعلي الذي تصرف بذكاء وحكمة.
خامسها: إعتقال احمد سعد عمر بالكرمك. كان الاخوان احمد سعد عمر وبابكر العوض في وداع قافلة مكونة من (100) جمل تحمل اسلحة وذخائر بقيادة الشيخ بشرى ابراهيم الكناني متوجهة الى داخل السودان حيث يقابلها من يدخل السلاح للجزيرة، وفي عودة الاخوين احمد وبابكر اشرقت عليهم الشمس في خور تمت، وهو الحد الفاصل بين السودان واثيوبيا فتم القبض على احمد سعد واستطاع بابكر العبور حيث أخبر بالذي حدث. أنكر احمد سعد انه سوداني بل هو من اعضاء جبهة معارضة الامبراطور ولم ينبس ببنت شفة باللغة العربية بل صار يردد ما تعلم من كلمات امهرية الى ان تم اطلاق سراحه بتدخل من الشريف حسين مع جماعة حزبه بالكرمك، علي رجب وآخرين، وهي من المغامرات التي كان يمكن لولا تصرف احمد الذكي ان تكشف موقع المعارضة، فتكون عرضة للاستهداف من حكومة النميري.

سادساً: معركة الجزيرة ابا.. استشهد في هذه المعركه الاخ محمد صالح عمر وآخرين وكان من الناجين بعد ان قبض عليه، الاخ مهدي ابراهيم والذي استطاع بذكائه وسرعة بديهته التخلص من القبض عليه ثم اتجه كما ذكر لي متابعا خط السكة حديد على ضوء حريق القطن بمحلية ربك الى ان وصل الى محطة جبل دود حيث صعد على ظهر لوري الى ان وصل المزموم حيث صديقه محمد احمد الشيخ الذي استطاع ان يساعده في الوصول الى دول الحبشية، حيث كنت مع الشريف حسين في انتظاره. هذا الحادث جعلنا نغير  موقعنا من جبل الردوك الى موقع آخر، خشية انكشافه باعتقال بعض اخوتنا الذين شاركوا في معركة الجزيرة ابا. الشيخ محمد محمد صادق الكاروري والاخ عز الدين الشيخ والاخ عبد المطلب بابكر الذي تم القاء القبض عليهم عند قرية خور احمر حيث كانوا من المرافقين للامام الشهيد الهادي المهدي رحمه الله.
الجزيرة أبا وتنظيم المعارضة..
بادر الشيوعيون باعتقال العناصر الفاعلة في الساحة السياسية والتي كان لها موقفها من حل الحزب الشيوعي وطرد نوابه من البرلمان، الزعيم الأزهري ودكتور الترابي. ولما كانت مايو جامعة لاحزاب البعث والقوميين العرب والناصريين بقيادة الحزب الشيوعي معلومة الوسائل في التعامل مع المعارضة بالإعدام والسحل والسجن والأعمال الشاقة واذلال وإهانة معارضيهم، الأمر الذي تشهد عليه مواقفهم، في مصر عبدالناصر وبعث الأسد في سوريا وبعث عراق عبدالكريم قاسم، الذين مارسوا كل أساليب التنكيل مع معارضيهم، فإن هذا النوع من الحكم لا تجدي معه الأساليب التقليدية في المعارضة التي تعتمد على التصعيد الشعبي السلمي من مظاهرات واضرابات ومنشورات وغيرها.
نواصل

تعليقات
Loading...