في أدب السيرة.. الأستاذ ود الفضل يكتب :محطات في مسيرة الحياة (٢٣)

الخرطوم :مرايا برس

هذا الفهم لطبيعة مايو ذات الواجهة الشيوعية وتوابعها من العنصريين والصليبيين والصهاينة جعل المعارضة الوطنيه من الحزب الاتحادي الديمقراطي وحزب الامة القومي وجبهة الميثاق الاسلامي تتجه الى رفع السلاح في وجه مايو الشيوعية وبناءً على هذا الاتفاق وبحضور الشريف حسين الهندي ممثلا للحزب الاتحادي الديمقراطي، قبل مغادرته للخارج تم الاتفاق على تقسيم الادوار كالاتي:-
١- ان تتخذ الجزيرة أبا مركزاً للمقاومة بوجود الإمام الهادي بداخل الجزيرة حتى يتم تجميع المجاهدين والانصار بداخل الجزيرة ليجري تنظيم المقاومة بالتدريب والتسليح على أن يلتحق السيد الصادق المهدي بالامام بالجزيرة أبا، وكذلك الشيخ محمد محمد صادق الكاروري.
٢- أن يتولى الشريف حسين بعد خروجه من السودان وعناصر المعارضة من حزبي الأمة وجبهة الميثاق، الإتصال بالامبراطور هيلاسلاسي والملك فيصل بهدف ضمان الأرض والتسليح، وتم ذلك بخروج الشريف حسين للحبشة بجبهة اصوصا برفقة الشيخ مصطفى محمد أحمد طه وأن يتم اللقاء مع الدكتور عمر نورالدائم والأخ أحمد عبدالرحمن محمد، والأخ عثمان خالد مضوي بمدينة جدة، وأن يستدعى الأخ محمد صالح عمر واخوته عثمان الشيخ ومحمد علي ابوحريرة، ومحمد سليمان، والأخ صلاح حسن من فلسطين للتوجه لفتح المعسكر وبدء التدريب للمدربين بالحبشة.
٣- أن يتولى الداخل بقيادة السيد الصادق المهدي تنظيم المعارضة بالتعاون والتنسيق مع الإمام والكاروري، على الا يغادر السيد الصادق الجزيرة أبا، لأن اعتقاله وارد في هذه الحالة.
٤- على قيادة المعارضة بالداخل تنشيط العمل السياسي واختيار الشباب لارسالهم لمعسكر المعارضة بالحبشة للتدريب.
٥- كان الاتفاق أن يتم تدريب ما لا يقل عن ألفين وخمسمائة شاب تدريباً عالياً على كافة أنواع الأسلحة والمتفجرات على أن يكون التحرك لميدان المعركة بالخرطوم بعد إعداد المسرح بالمنشورات والتعبئة ليتزامن ذلك مع تحرك شعبي للخرطوم من كافة الولايات في اليوم المحدد، والذي من المفترض أن تقوم فيه القوة المدربة بمهمة الاعتقالات بعملية تمويه تفاجئ القوات المسلحة وتربكها ريثما يتم الاستيلاء على المواقع الإستراتيجية.
كانت هذه معالم خطة المواجهة مع مايو وقد اعدت بعناية وحسابات دقيقة، وتم الاتفاق عليها من الداخل والخارج وبدأت عملية التنفيذ بإقامة المعسكر بالقرب من الحدود السودانية واستجلاب السلاح المطلوب وتوجه المدربين للمعسكر.
الاحداث قبل معركةالجزيره ابا..
بينما كانت المعارضة بالخارج تقوم بما اوكل لها من مهام توجتها باعداد المعسكر للتدريب وتشوين السلاح وتجهيزه لينقل لداخل السودان واعداد العربات المموه لدخول القيادة التي بالخارج في التاريخ المضروب لذلك واعداد المنشورات لتهيئة المسرح بالداخل وهي تعد كل ذلك وتنتظر وفود الشباب للتدريب بمعسكر الردوك إذ تفاجأ بتحرك داخلي من بعض قيادات حزب الامة النافذة تتصل بالسيد الصادق لتقنعه بالتفاوض مع النميري لتجنيب المواجهة بين النميري والانصار باعتبار ان النميري من أولاد بيت الأنصار، ويقود هذا الامر كل من عبد الله عبد الرحمن نقد الله واللواء احمد عبد الله حامد وصلاح عبد السلام الخليفة، وقد نجح الوفد في اقناع السيد الصادق لمقابلة نميري رغم تحذير المعارضة بعدم خروج السيد الصادق من الجزيرة ابا وكيف ما كان الحوار والشروط التي قدمها السيد الصادق الا ان النتيجة كانت اعتقاله وارساله لسجن سواكن.
هذه الخطوة من السيد الصادق وهذا المصير الذي حذرته منه المعارضة قد اربك العمل بالداخل ومن نتائجه المباشرة هي عدم ارسال شباب الانصار للمعسكر باثيوبيا، وطلب الامام بأن يتم التدريب بالداخل كما أربك الاتصالات بين فعاليات الداخل المعارضة ومركز الحركة.
كان ارسال السلاح للجزيرة ابا بالجمال ثم العربات غير منسق بحيث ترسل ذخيرة وسلاحها بالخارج ويرسل سلاح وذخيرته بالخارج لأن الأمر فيه سعة من الوقت بحيث يكون باكتمال التدريب ادخال كل السلاح.
نتيجة لقرار الامام استدعيت القوة المدربة الى الداخل ولم يتبقى بالمعسكر الا خمسة اشخاص الشريف حسين وعمر نور الدائم وعثمان خالد مضوي زين العابدين الركابي وشخصي (محمد احمد الفضل) وما كنت شخصيا لأتخلف عن اخواني الذين دخلوا الى الجزيرة ابا وقد كنت من ضمن الداخلين الذين انقلب بهم اللاندروفر في ضاحية كشنكرو، لولا قرار قيادة المعارضة بإعداد منشورات جاهزة وارسالها للداخل لتساعد في التهيئة الشعبية، وكنت الوحيد الذي يجيد الكتابة على الآلة الكاتبة ونسخ المنشورات بماكينة الرونيو، فقد تمكنّا من اعداد (21) منشورا طبعت ونسخت منها (50,000) نسخة كانت معلومات المنشورات تملى بواسطة الشريف حسين وصياغتها في شكل منشور تتم عن طريق الاخ زين العابدين الركابي،
ونحن في المعسكر نقوم بذلك الاعداد وفي غيبة سريعة للشريف بأديس أبابا، إذ وصل الاخ عثمان الشيخ مبعوثاً من الاخ محمد صالح عمر لنمدهم بنوع معين من الذخيرة ذاكراً انهم علموا بنية النميري زيارة الجزيرة أبا وقد عقدوا العزم على تكريمه بطريقتهم الخاصة!! ، وبينما التدريب يجري تحت محاذير كثيرة بالجزيرة ابا خاصة في تجربة السلاح إذ زار صلاح عبد السلام الخليفة الجزيرة ابا ووقف على التدريب ومن المؤكد ان النميري قد علم بما يجري بداخل الجزيرة من تدريب وهجره للانصار صوب الجزيرة ابا وادخال السلاح.
نواصل

تعليقات
Loading...