في أدب السيرة.. الأستاذ ود الفضل يكتب : محطات في مسيرة الحياة (٣)

الخرطوم :مرايا برس

رحلتي في مراحل التعلم..

كان والدي أحمد الفضل رحمه الله شغوفاً بالتعليم حيث بعث بابنه الفضل(أخي الأكبر) بعد إكمال المدرسة الصغرى إلى مدرسة فحل الأولية بمنطقة الحاج عبدالله بسبب علاقته باشرافها منهم الشريف يوسف بقرية الضنيقيلة الشرفة، والشريف بابكر ابو عشر بقرية أبو شعرة، ولذلك ليس غريباً أن يبعثني لقرية فارس لأول عام لها كمدرسة أولية، لأقيم مع أسرة الشيخ محمد إبراهيم خليل وعمتنا العاجبة زوجته، والذين اعتبراني كأحد أبنائهم اهتماماً وعناية فجزاهما الله خيراً.

ذلك لأن الالتحاق بالمدارس الوسطى لا يتم إلا عبر الإمتحان من مدرسة أولية حيث ذهبنا للامتحان آخر العام بمدرسة سنجة الوسطى، والذي كان يجلس له التلاميذ من فارس إلى الكرمك ولا يزيد العدد المقبول عن أربعين تلميذاً.

وبحمد الله كنت الوحيد الذي قُبل من مدرسة فارس بالرقم ٤٠، بعد أن حُوّل بعض كبار السن للمدارس الصناعية وبمبلغ ١٨،٥٠٠ جنيه في العام. ورغم ظروف الوالد الذي كان يعمل بالزراعة ويتولى شياخة قرية طيبة حسن إلا أنه قبِل أن يسجل إبنه من ضمن المقبولين ثم يسعى بعد ذلك لتدبير المبلغ، وكان اول ما واجهه مبلغ الخمسة جنيه وهي عبارة عن قسط أول وأمنية كتب، وهو مبلغ ليس بالسهل تدبيره في ذلك الوقت. 

عندما اقترب وقت الذهاب للمدرسة فكر الوالد في استدانة المبلغ من الشيخ السماني الشيخ البشير لعلاقة خاصة بأسرة العمدة الفضل، وذهبت معه ووافق الشيخ السماني وأرسل المبلغ وسافرت، لكن الشيخ السماني اعتبر المبلغ هدية لابنه محمد كما ذكر والحق يقال ما دفعت غيرها مصاريف مدرسية إلى أن تخرجت من الجامعة إلا أمنية مدرسة حنتوب. وبعد سفري للمدرسة، تقدم والدي بطلب للمجلس الريفي لمساعدته في المبلغ باعتباري الطالب الوحيد في كل منطقة شرق سنار إلى حدود نظارة الشبارقة الذي وصل المرحلة المتوسطة. لكن كان رد المجلس (أننا لا نساعد إلا طالباً في العشرة الأوائل) ، وبحمد الله كان ترتيبي في أول إمتحان بالمدرسة العاشر، فدفع لي المجلس عشرة جنيهات. فالشكر اجزله للسيدين محمد عبده واحمد جلي ضابطا المجلس والعم الشيخ عثمان علي ناظر خط سنار والعم عثمان عبدالرحمن باش كاتب المجلس، فقد استمر دعم المجلس لي عند دخولي جامعة الخرطوم واستقالتي منها والتحاقي بمعهد المعلمين العالي.

 استمر تدرجي في الترتيب بالمدرسة، وكانت المنافسة بيني وبين الأخ تاج الدين محمد الحسن المبشر بين الأول والثاني تارة لي وأخرى له مما جعل المدرسة تخفض مبلغ ستة جنيهات.

وعند إكمال المدرسة الوسطى والامتحان للثانوي كان ترتيبي أول المدرسة فدفع لي المجلس مبلغ الخمسة عشر جنيهاً التي قبلت بها بحنتوب، أما أمنية حنتوب الخمسة جنيهات، فشكري لأهلي بألتي وعلى رأسهم الخال قرشي محمد علي وأهلي بغرسلي، على رأسهم إبن العمة العوض مصطفى رحمهم الله جميعاً وجعلها في ميزان حسناتهم.

تعليقات
Loading...