في أدب السيرة.. الأستاذ ود الفضل يكتب :محطات في مسيرة الحياة (٢٦)

الخرطوم :مرايا برس

أحداث ١٩٧٦م بين جودة الاستعداد وأسباب الفشل..
تم الاستعداد لاحداث ١٩٧٦م المشار إليها بالغزو الليبي أو المرتزقة مبكرا وبعد فترة قصيرة من اخلاء معسكر الردوك باثيوبيا بعد أحداث الجزيرة أبا والتي فقدت المعارضة الوطنية فيها عددا من القيادات اما شهادة أو سجناً أمثال الشهيد الامام الهادي والشهيد محمد صالح عمر ومن السجناء الشيخ محمد محمد صادق الكاروري وعزالدين الشيخ و بابكر العوض و عبدالمطلب بابكر وعدد من قيادات الأنصار والاسلاميين.
اشتمل المعسكر على عدد كبير من الأنصار والاتحاديين والاسلاميين وغادرنا من جدة للالتحاق بالمعسكر كل من محمد سعيد الفاضل”المعلم”وحامد الفكي.
تم التدريب على كافة الأسلحة الهجومية وتمت كل الإجراءات المطلوبه لإدخال السلاح وكيفية تخزينه والملابس العسكرية للتمويه والعربات التي تنقل السلاح من مخبأئه الى الخرطوم و إذاعة مصاحبة وكل ما يلزم للمعركة.
وقد أختير العميد محمد نور سعد لقيادة العملية وقد تأكدت قيادة العملية من كافة الاستعدادات وتم دخول المجاهدين للسودان وفق الخطة المرسومة بدقة متناهية جعلت موضوع الفشل ونسبته لاتذكر إلا ان يشاء الله امراً آخر.
وقبل تحرك القيادة جرت مشاورات حول قيادة الفصائل المقاتلة وكان رأي المدربين الليبيين ان يقود هذه العمليات الشباب الذين وصفوهم بأصحاب اللياقة والمقدرات العالية والمعرفة التامة بميدان المعركة وهم مجموعة الاسلاميين الشباب الذين انخرطوا في ذلك المعسكر.
ولكن السيد الصادق المهدي رفض هذا المقترح قائلا:الأنصار يقودون انفسهم حتى لايقال في التاريخ ان الاخوان قادو الأنصار في معركة من المعارك.
– كان الرأي ان يرتدي المجاهدون الملابس العسكرية للتمويه وقد نقلت الملابس الى داخل السودان ولكن السيد الصادق أصر على ان يلبس الأنصار لباسهم التقليدي “على الله” الأمر الذي استفز العساكر وحفزهم على التصدي!!
– كانت الخطة تضع اطلاق سراح المعتقلين من الاولويات حتى يقودو الشارع وهم قيادة المعارضة بالداخل، ولكن السيد الصادق أصر على عدم إطلاق سراحهم إلا بعد عودته!!
– عقد الاتحاديون اجتماعاً قبيل يوم التنفيذ مما أدى إلى اعتقالهم وغياب قيادات كانت مسؤولة عن تحريك وقيادة الشارع.
– كان بعض قادة فصائل العمليات لا يعرفون بالضبط مواقع بعض المناطق العسكرية المطلوب اقتحامها وتحييدها!!
– التأخر في وصول السلاح للمجاهدين لأن العربات التي استقلت في النقل لم تكن العربات الجديدة المعدة لذلك مما ادى لتعثرها في رماا غرب ام درمان حيث وصلت بعد وضوح الرؤية.
– وجه القائد محمد نور سعد شباب الاسلاميين إلى دار الهاتف حيث استشدوا جميعا ما عدا دكتور غازي صلاح الدين الذي كان خارج الدار كما وجه بعضهم إلى المطار للقبض على نميري العائد بطائرته من باريس.
– وصول مجموعة المطار متأخرة بسبب تأخير استلام السلاح ووجدو طائرة النميري وصلت متقدمة بعشرين دقيقة عن الموعد المحدد مما جعله يفلت من القبض عليه.
– أصر السيد الصادق على عدم إذاعة اي بيان قبل وصوله رغم ان قوة الإذاعة قد قبضت على كل العاملين والفنيين الذين يمكنهم تشغيل الاذاعة وكذلك عدم السماح بتشغيل الإذاعة المصاحبة للمجاهدين فكانت الحركة غير معلومة الهوية مما يسر ضربها ووصفها بالمرتزقة السود.
هذه الأسباب مجتمعة وما خفي فيها ادت لارباك، وبالتالي فشل اقتحام الخرطوم والاستيلاء على السلطة وخلفت عددا كبيرا من ضحايا وكثيرون اخذو بالشبهة.
أما مجموعة دار الهاتف فقد استشهدوا جميعا سواء في داخل الدار أو في القصر ما عدا الأخ غازي صلاح الدين الذي كان خارج الدار في مهمة.
وهذا الفشل غير متوقع للذين اعدوا الخطة ورسموا خطواتها واكملو استعداداتها بطريقة متقنة حتى دخول المجاهدين الذي تم في اوقات مختلفة وطرق عدة وكل شيء كان معداً بطريقة ممتازة مما جعل صدمة الفشل غير المتوقع بدايه لنهاية الجبهة الوطنية.
تداعيات فشل ١٩٧٦م..
كان الفشل غير المتوقع سبباً في مواجهة ساخنة بين اقطاب المعارضة في لندن والسيد الصادق لما اعتبروه وضعا للمتاريس في طريق النجاح بتحفظاته العديدة أمام إجراءات التنفيذ، الأمر الذي ترك شيئاً من حتى في نفوس قيادات المعارضة بالخارج ومن لحق بهم من الداخل.
ومن تداعيات الفشل، إخراج المعارضة من المملكة العربية السعودية، بعد إجتماع عقد بجدة بين الملك خالد والرئيس نميري والرئيس السادات. بعدها توجهت المعارضة إلى لندن لتشكل قيادتها الجديدة برئاسك السيد الصادق المهدي والشريف حسين الهندي والاخ احمد عبدالرحمن محمد والأخ عثمان خالد مضوي والأخ أحمد إبراهيم الترابي والدكتور عبدالحميد صالح بعد جولتي المواجهة بالجزيرة أبا والخرطوم.

نواصل

تعليقات
Loading...