في أدب السيرة.. الأستاذ ود الفضل يكتب :محطات في مسيرة الحياة (٢٩)

الخرطوم :مرايا برس

سبق ذلك أمران الأول القضاء على الطابور الخامس بجهود جهاز الاستخبارات بقيادة ضابط الاستخبارات السيد/حسن السيد مصطفى والأمر الثاني دعم الراجمات من عراق صدام بمجهود السيد محمد عثمان الميرغني زعيم الحزب الإتحادي الديمقراطي مشكوراً.
هذا ما كان من جهد للاخوان قبل الإنقاذ في دعم القوات المسلحة ورفع الروح المعنوية للقوات والمواطنين امام هجمات المتمردين واشاعاتهم المسمومة مع زيارة الكثير من الوحدات ولما مكنَّه الله للاخوان من السلطه قدموا من خلالها في اماكنها الكثير للسودان من أمن وتنمية وعزة وكرامة وتشهد المؤسسات والمنشآت في كل مجالات الحياة على جهدهم وبذلهم وتضحياتهم _فهل كان الاخوان والنميري عندما دعا لهم السيد فتح الرحمن البشير بأن يبقى الله النميري والاخوان للسودان حقا كانوا عند حسن ظنه ام هي معرفة عميقة بمعادن الرجال والغوص في فكرهم هي التي جعلت فتح الرحمن البشير يطلق تلك الكلمات والتي ستبقى ما بقي للسودان من منارات واشراقات مضيئة في مسيرته على يد النميري والاخوان _فشكراً لفتح الرحمن البشير على هذه الثقة التي كانت صادقة بحق فيمن وضعت فيهم.
وتذكرني فطنة فتح الرحمن البشير وذكاؤه ومعرفته للرجال موقف في بداية الإنقاذ في شهورها الأولى حينما عقد الرئيس عمر البشير اجتماعاً للرأسمالية الوطنية للتشاور معهم في الأوضاع الاقتصادية وبعض الازمات في بعض السلع وكان فتح الرحمن البشير من ضمن الحضور فذهبت إليه في مكتبه بالخرطوم وسألته عن الإجتماع وعن الرئيس عمر البشير: فقال لي بالحرف الواحد البشير سيحكم السودان _ فقلت له ما دليلك على ذلك؟ فقال لي : لقد شهدت العديد من الاجتماعات مع الرؤساء والمسئولين فما وجدت من يحسن الاصغاء ويستوعب ما يقال ويقترح القرار إلا كان هو القرار المتوقع من ذلك الإجتماع، وهذا ما جعلني أقول الرئيس عمر البشير سيحكم السودان وقد حصل ولمدة ثلاثة عقود عرف الناس خيرها ونعيمها بعد ان حلت بهم كارثة قحت في حكمها في الفترة الانتقالية التي اذاقت الناس الأمرين والوطن المذلة والوحل في الطين ولا تعرف الأشياء إلا باضدادها _ فرحم الله السيد فتح الرحمن البشير واسكنه فسيح جناته، وغفر الله للأخ عمر البشير واثابه على ما قدم من خير لوطنه وفك اسره واعزه في بلده.

ما بعد المصالحة..

انتهت محاولات المصالحة من لندن بعد إعتذار الشريف حسين عن العودة للسودان وظل في موقفه من النميري إلى أن توفاه الله خارج السودان في العام ١٩٨٢م ووري جسده في السودان في قبة أبيه الشريف يوسف مع اخويه الشريف عبد الرحمن والشريف إبراهيم وقد كان قدر الاشراف الثلاثة ان يتوفاهم الله خارج وطنهم الشريف عبد الرحمن والشريف حسين والشريف زين العابدين.
وانتهت المصالحه مع نميري بالاخوان بعد انسحاب الصادق المهدي مما استدعى عودتنا للسودان بعد فتره تقارب العام في لندن في إطار المناخ الذي اوجدته المصالحة الوطنية واستقبلنا بمطار الخرطوم من الأهل والعشيرة بعد أن كان رأسنا مطلب السلطة بعد الجزيرة أبا فالحمد لله رب العالمين تزامنت عودتي للسودان مع انتخابات مجلس الشعب الثالث وتم ترشيحي من قبل اخواني في دائرة سنار الشرقية والتي تمتد من النيل غربا إلى نهر الرهد شرقا ومن قوز ابو روف شمالا إلى عريديبة جنوباً فلم يحالفني التوفيق لعدم معرفتي بمستجدات المنطقة وما طرأ عليها بعد قيام مشروع السوكي من نزوح واستقرار وللعدد الكبير من المرشحين (سبعة عشر) مرشحاً من أبناء المنطقة ليفوز بها السيد خوجلي المفتش الزراعي بالمشروع من أبناء الخرطوم.
وبعد حل المجلس الثالث ترشحت ثانية في عام ١٩٨١م في نفس الدائرة للمجلس الرابع والتي كانت تأخد طابع المنافسة القبلية _ بين قبيلة الجعلين وحلفائها وقبيلة الكواهلة وحلفائها. وقد تميزت بحماس شديد برزت فيه قبيلة العمرية بزعيمها الشيخ عبدالله ود الحداد وشاعرها ابراهيم ابنه فاللقبيلة وزعيمها وشاعرها كل الشكر والتقدير والذي من ضمن ما كان يلهب به الحماس الشاعر ابراهيم ود الحداد قوله “يا الشرقية أصحي ما تنغشي سيبي العناصر وادي بطل البرسي. بس الدايرو منك سلمية الكرسي بعد ما كنت طين باكر تروقي وترسي. ”
ولكن المجلس الرابع لم يدم أكثر من ثمانية عشر شهرا حيث تم حله بعدها. فعدت للسعودية تانية لأعمل بمكتب المؤسسة المحمدية.
وقد شهدت الفترة قبل عودتي حدثين هامين في مسيرة السودان اولها أفراد التشريعات الإسلامية في سبتمبر عام ١٩٨٣م وثانيا إعدام المرتد محمود محمد طه في عام ١٩٨٤م .
نواصل

تعليقات
Loading...